اقتحام الاحتلال للمواقع الأثرية في الضفة الغربية

كشف المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي للجرائم ضد الفلسطينيين عن تصاعد الاقتحامات والاعتداءات الإسرائيلية على المناطق الأثرية في الضفة الغربية. وبحسب تقرير للمرصد، فإنه لاحظ التصعيد خاصة خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر 2024، إذ شهدت تلك المناطق إقامة المستوطنين طقوساً دينية تلمودية، تزامناً مع ما يُعرف بـ»عيد الأنوار» اليهودي. وأكد المرصد أن محافظة أريحا والأغوار التي تحتل المرتبة الثانية بعد القدس المحتلة في الاستهداف الإسرائيلي، كانت من أبرز المناطق المتضررة.
وبحسب منظمة التعاون الإسلامي، اقتحم مستوطنون منطقة قصر هيرودس الأثري في مدينة أريحا في 26 ديسمبر الماضي، وأشعلوا النار فيها بحجة أداء طقوس دينية. وفي اليوم التالي، دخلت مجموعات أخرى منطقة تل ماعين الأثرية شرق بلدة يطا بالخليل، حيث نصبوا شمعداناً وأدوا طقوساً تلمودية، كما شهدت قلعة ديوكوس الأثرية، الواقعة على قمة جبل قرنطل في أريحا، نصب الشمعدان أيضاً. ولا يقتصر الأمر على أريحا، فقد كثفت سلطات الاحتلال في 14 غشت 2024 اقتحاماتها لمنطقة المسعودية الأثرية قرب نابلس، كما منعت قوات الاحتلال في 10 يناير 2025 المزارعين الفلسطينيين من حرث أراضيهم في سهل أم القبا في الأغوار الشمالية، ضمن مخططاتها لفرض حصار اقتصادي على المنطقة.
وأشارت منظمة التعاون الإسلامي إلى ما أكدته وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، في تقرير خاص بالمرصد الإعلامي للمنظمة، أن إسرائيل تستخدم الآثار في الأراضي الفلسطينية لادعاء ملكيتها للأرض وتوسيع رقعة المستوطنات. وأوضح تقرير الوزارة أن السيطرة الإسرائيلية على الآثار الفلسطينية بدأت بعد عام 1967، مع تركيز عمليات التنقيب في مواقع بارزة مثل تلال أبو العلايق في أريحا، وقصور هيرودس الشتوية، وتل الفريديس شرق بيت لحم، وخربة قمران، والخان الأحمر، وجبل جرزيم في نابلس.
وفي يوليو/ تموز 2024، أقرّت لجنة وزارية إسرائيلية اقتراحاً تشريعياً لعضو الكنيست عن حزب الليكود، عميت هاليفي لتعديل قانون سلطة الآثار الإسرائيلية بحيث يشمل الضفة الغربية. وأكدت منظمة التعاون الإسلامي أن المقترح تحول لاحقاً إلى أمر عسكري، استُخدم للسيطرة على مواقع أثرية مثل بلدة سبسطية بذريعة حماية «الآثار اليهودية» من التخريب الفلسطيني. وأشارت المنظمة إلى تحذير وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في 15 يوليو 2023 من خطة إسرائيلية شاملة للسيطرة على الأماكن الأثرية، ودعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) لتحمل مسؤولياتها تجاه هذه الانتهاكات. علماً أن الوزارة نبّهت إلى أن السيطرة على المواقع الأثرية غالباً ما تتم عبر منظمات استيطانية تمنع الفلسطينيين من دخولها أو استخدامها.
وتعتبر أريحا والأغوار الشمالية والجنوبية والبحر الميت من أبرز المناطق المستهدفة إسرائيلياً، بسبب أهميتها التاريخية والاقتصادية، وفق منظمة التعاون الإسلامي.
وأكدت المنظمة أن الأطماع الإسرائيلية تمتد إلى المقامات الدينية، حيث تُضم هذه المواقع تحت سلطة «حماية الطبيعة» الإسرائيلية أو تُحاصر بمواقع عسكرية، مثلما حدث مع مقام النبي يقين في بني نعيم.
وبحسب تقرير منظمة التعاون الإسلامي، فإن مشروع الاستيطان في أريحا يختلف عن غيره، بسبب موقع المدينة الاستراتيجي قرب الحدود الأردنية، وأهميتها الاقتصادية والزراعية والسياحية، كما أن قلة الكثافة السكانية الفلسطينية فيها، حيث يعيش 53 ألف فلسطيني موزعون على 12 تجمعاً، يجعلها هدفاً سهلاً للاحتلال. وفي المقابل، تضم المحافظة 16 مستوطنة رئيسة وخمس بؤر استيطانية يسكنها 8500 مستوطن. وأكدت منظمة التعاون الإسلامي أن محاولات الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على أريحا تشير إلى أهمية المدينة بالنسبة لمشاريعه الاستيطانية، حيث تعد المدينة بموقعها الجغرافي منطقة عازلة شرقية، إلى جانب أهميتها التاريخية التي يزعم الاحتلال أنها تعود للعصور اليهودية.
وأشارت منظمة التعاون الإسلامي إلى أن مراقبين يرون أن تكثيف الأنشطة الاستيطانية في أريحا والأغوار يعكس استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد لفرض واقع استيطاني جديد يعزل الفلسطينيين ويحاصرهم اقتصادياً. وأكدت المنظمة أن الآثار الفلسطينية تمثل هدفاً رئيسياً في مشاريع الاحتلال، إذ تُستخدم كذريعة للسيطرة على الأرض وتبرير التوسع الاستيطاني. ويعتبر قرار تعديل قانون الآثار الإسرائيلية في الضفة الغربية خطوة ضمن سلسلة طويلة من الإجراءات التي تهدف إلى فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية، مع استغلال التاريخ كأداة سياسية لتعزيز الاحتلال.


بتاريخ : 20/01/2025