يعد المغرب واحدا من أغنى دول العالم بالمستحاثات، حيث تُخزّن أرضه تاريخا جيولوجيا يمتد لمئات الملايين من السنين، توثق تطور الحياة على كوكب الأرض.
فمن أعماق بحار العصر القديم إلى سهول العصر الطباشيري، ومن آثار الكائنات الدقيقة إلى حفريات الديناصورات، يقدم المغرب نافذة فريدة لاستكشاف العصور السحيقة.
تتميز التكوينات الجيولوجية المغربية بثرائها في أنواع مختلفة من الأحافير، بدءا من التريلوبيتات والأسماك المتحجرة التي تعود إلى العصر الأردوفيشي، وصولا إلى الزواحف البحرية والديناصورات الضخمة من العصر الطباشيري.
وقد كشف العلماء في مواقع مثل طاطا وأرفود وسفوح الأطلس عن حفريات لديناصورات نادرة، مثل “سبينوصور المغرب”، وهو أحد أكبر الديناصورات المفترسة المعروفة.
لكن الاكتشاف الأكثر إثارة كان في جبل إيغود، حيث تم العثور على أقدم بقايا للإنسان العاقل، مما أعاد رسم خارطة تطور البشر.
وتعد الصحراء المغربية مصدرا رئيسيا لمستحاثات بحرية فريدة، مثل الأمونيتات والأسماك المتحجرة، التي تحكي قصة المحيطات القديمة التي غمرت المنطقة.
وبينما يسهم المغرب بشكل بارز في الأبحاث الحفرية العالمية، تواجه هذه الثروة الطبيعية تحديات كبرى، مثل تهريب المستحاثات وغياب قوانين صارمة لحمايتها. ورغم ذلك، فإن استمرار الاكتشافات العلمية في البلاد يجعل من المغرب مختبرا طبيعيًا مفتوحا، يروي فصولا جديدة من قصة الحياة على الأرض.
يُعرف المغرب بكونه أحد أغنى الدول في العالم بالحفريات، خاصةً تلك المتعلقة بالديناصورات التي عاشت في العصر الطباشيري قبل أكثر من 100 مليون سنة. من الصحراء الشرقية إلى جبال الأطلس، قدّمت الاكتشافات المغربية كنوزًا علمية ساعدت في إعادة رسم خريطة الحياة القديمة على الأرض، ما جعله نقطة جذب للباحثين وعلماء الأحافير من مختلف أنحاء العالم.
في الجنوب الشرقي للمغرب، تحديدًا في تكوين «كمكم»، تمكن العلماء من العثور على بقايا ديناصورات مفترسة ضخمة، من بينها السبينوصور، الذي يُعد أضخم ديناصور مفترس معروف حتى الآن. يتميز هذا الكائن بزعانف ظهرية ضخمة يُعتقد أنها ساعدته على السباحة، ما يجعله أول ديناصور شبه مائي في التاريخ. كما تم العثور على الكركرودونتوصور، وهو ديناصور مفترس ضخم يشبه التيرانوصور، لكنه أكثر تطورًا من حيث الحجم والبنية، إضافة إلى دلتادروميوس، وهو ديناصور سريع يتمتع بأطراف طويلة، مما يشير إلى أنه كان صيادًا بارعًا يعتمد على سرعته في المطاردة.
قبل العثور على هذه الحفريات، كان يُعتقد أن إفريقيا لم تكن موطنًا لأنواع الديناصورات المفترسة الضخمة، لكن الاكتشافات المغربية قلبت هذه الفرضية رأسًا على عقب. فقد أكدت الأبحاث أن السبينوصور كان بالفعل ديناصورًا شبه مائي، وهو اكتشاف غير مسبوق في علم الأحافير. كما أثبتت الحفريات أن إفريقيا كانت تعج بأنواع ضخمة من الديناصورات لم تكن معروفة سابقًا، مما دفع العلماء إلى إعادة النظر في البيئة القديمة للمغرب، حيث كان موطنًا لبيئة غنية بالأنهار والغابات الكثيفة.
ساهمت الاكتشافات المغربية في تقديم معلومات جديدة عن تطور الديناصورات وعلاقتها ببيئتها، إذ وفرت أدلة على تطور الديناصورات البحرية وتكيفها مع البيئات المائية. كما ساعدت في مقارنة الديناصورات الإفريقية بنظيراتها في أوروبا وأمريكا الجنوبية، مما أتاح للعلماء فرصة لدراسة كيفية انتشارها عبر القارات المختلفة. إضافة إلى ذلك، ساعدت الحفريات في تحليل نمط الحياة القديم في المنطقة وفهم التغيرات البيئية التي أدت إلى انقراض هذه الكائنات.
لم يقتصر دور المغرب على كونه مجرد موقع للاكتشافات، بل أصبح مركزًا عالميًا لدراسة الديناصورات. ومع زيادة الاهتمام العالمي بهذه الأحافير، قد نشهد في المستقبل المزيد من الاكتشافات التي ستغير فهمنا للعصور القديمة. فهل يكون المغرب مفتاحًا لحل ألغاز الديناصورات التي جابت الأرض قبل ملايين السنين؟