تلزم إلهام الصمت لهنيهة، وتستطرد «مجتمع ذكوري يختزل قيمة المرأة في غشاء بكارتها ويعظم الرجل ويجد له أعذارا مع أنه شريك المرأة في ما يرفضه الدين و المجتمع.
غادرت زوجي/خطيبي السابق دون مؤاخذته أو لومه..ذهبت إلى البيت و لازمت الفراش مدة يومين لأقوم بمحاولة انتحار نجوت منها بأعجوبة. ثلاث سنوات مرت رفضت بعدها الزواج من قريب تقدم لخطبتي.. وسأرفض كل من سيتقدمون إن تجرؤوا على طلب الزواج ممن تخلى عنها خطيبها دون سبب. إمكانية الزواج الآن مطروحة فقط من أجنبي غير عربي لا يختزل قيمتي في ما كنت عذراء أو لا..»
عرض حالة إلهام هنا ليس للتحليل، وإنما للقول بأنها واحدة من حالات كثيرة، تعيش أزمة نفسية جراء ما مارسته أو مورس عليها، وبين ما يسمح به المجتمع الذي يحاكم المرأة لأنها هي التي تحمِل أوزار وآثار علاقة جنسية، في حين يتم تجاهل الرجل مستفيدا من تكوينه البيولوجي الذي لا يثبت ضده شيء.
سكيزوفرينيا/ازدواجية الأفكار لدى المجتمع هي صورة مكبرة لسكيزوفرينيا الأفكار لدى الأفراد الذين يَتَبَنّوْنَ فكرة في الخفاء ويرفضون أخرى في العلن. في حين أن الاثنين هما وجهان لعملة واحدة. ويتطور الأمر لِيُثبِت أكثر وأكثر اضطرابات المجتمع النفسية حين تثمر علاقة غير معترف بها عن تَكوُّن جنين، تكتم أنفاسه وهو لازال في بطن أمه أو يسمح له بالعيش إلى حين خروجه للوجود، ليصرخ صرخته الأولى والأخيرة ليصمت إلى الأبد أو يُتخلى عنه للمجهول؛ و هنا تبدأ معاناة أخرى نفسية اجتماعية للأم بين الإحساس بالذنب وعاطفتها كأم، وبين الخوف من المجتمع وفقدان الانتماء الإجتماعي ومعاناة الطفل كفرد لا يعلم من أين أتى وإلى أين يذهب، فَيُحاكم على ذنب لم يقترفه في كل نفَس يتنفسه وفي كل نظرة تُوجَّه إليه.
إن الاحتفال بالمرأة اليوم، هو فرصة للدعوة للنظر إلى هذه الأفكار المتضاربة التي تنتج مجتمعا مضطربا ومتأرجحا بين ما هو عليه وبين ما يُفترض أن يكون عليه. ليس هذا تشجيعا على الممارسات الجنسية خارج ما يسمح به الدين والمجتمع أو نصرة اتجاه على اتجاه، بل هي دعوة لكَ أنتَ، ولكِ أنتِ، ولنا جميعا، لأن نغير من أنفسنا لكي نتغلب على أزمة نحن من يخلقها. وننقذ أجيالا من أطفال مجهولين نُساهِم في اعتلالهم النفسي والاجتماعي ثم ننظر إليهم بعين الشفقة، ونطردهم خارج دائرة المعترف بهم إنسانيا.
حلّ المشكل كيفما كان نوعه، يبدأ أولا من التعرف عليه والاعتراف به. هي مصالحة مع الذات أولا قبل السعي للبحث عن الحل. حين يعرف المجتمع المرأة ويعترف بها ليس فقط بحمل الشعارات بل بشكل إجرائي، عن طريق تفادي المشكل قبل وقوعه وعدم محاكمتها لوحدها حين يتعلق الأمر بعلاقة جنسية، والاعتراف بالطفل الذي تَوَلّد عن هذه العلاقة اجتماعيا وليس فقط إداريا، حينها فقط يمكن أن نفترض أن هذا المجتمع قد بدأ يتماثل للشفاء من حالة الانفصام/السكيزوفرينيا التي يعيشها.
كل الثامن من مارس و أنتن بخير.
* أخصائية نفسية