«المبادرة المدنية من اجل الريف» تؤكد على مشروعية المطالب وتنفي أية نزعة انفصالية
عرض الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء معتقلين اثنين من معتقلي حراك الريف، (جمال منى – جواد بنعلي) على أنظار قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بنفس المحكمة، حيث باشر معهما التحقيق الأولي قبل أن يحيلهما، عشية أول أمس الخميس، على المركب السجني عكاشة، بعد متابعتهما في حالة اعتقال.
ويحقق قاضي التحقيق مع المعتقل « جمال منى « على خلفية تهم تتعلق بـ « المساهمة في مظاهرة غير مرخص لها، والتجمهر المسلح، والمشاركة في العصيان، وإهانة هيئة منظمة، وإهانة القوة العمومية، والمشاركة في أنشطة من شأنها المس بالوحدة الترابية .»
في حين يحقق مع المعتقل « جواد بنعلي « بتهمة» المشاركة في العصيان المسلح، وإهانة هيئة منظمة، وإهانة القوة العمومية، والمشاركة في أنشطة من شأنها المس بالوحدة الترابية، والمشاركة في مظاهرات غير مرخص لها «.
من جهة أخرى استعملت قوات الأمن، مساء أول أمس بالحسيمة، القنابل المسيلة للدموع لتفريق وقفة نشطاء الحراك بالريف حيث لجأ الأمن مرة أخرى للقوة، لتفريق الوقفة اليومية التي ينظمها النشطاء.
فقد حج المئات من النشطاء إلى حي سيدي عابد الشعبي، معقل التظاهرات بالحسيمة، قبل أن تتدخل قوات الأمن لتفريقهم بالقوة لينقلوا وقفتهم إلى شارع « وزان « القريب من حي سيدي عابد، لكن الأمن أطلق القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.
وقد شهدت إمزورن أيضا حالة احتقان غير مسبوقة بعد صدور الأحكام على الناشطين.
وفي علاقة بحالة الاحتقان بالريف، أصدرت المحكمة الابتدائية بالناظور أحكاما أخرى بالسجن النافذ في حق نشطاء الحراك بالدريوش وصلت إلى ثمانية أشهر في حق ثلاثة معتقلين.
ومن جهته أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أول أمس الخميس، أن الحكومة تتابع باهتمام مختلف الأوراش التنموية المفتوحة بمدينة وإقليم الحسيمة، مشيرا إلى أن أزيد من ثلثي البرامج التي هي قيد الإنجاز بالإقليم سيتم استكمالها قبل المواعيد المقررة سلفا لإنهاء الأشغال.
وأوضح الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، في لقاء صحفي عقب انعقاد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، أن العثماني شدد خلال أشغال المجلس على أنه « لن يحصل أي تأخر في ما يتعلق بتسليم المشاريع المقررة «، مشيرا إلى أن الحكومة ستعمل على التواصل بشكل مستمر مع الرأي العام بخصوص هذا الموضوع.
وفي هذا الصدد، ذكر رئيس الحكومة بأن وفدا وزاريا زار المدينة خلال بداية هذا الأسبوع، مؤكدا أن زيارات أخرى مرتقبة ومبرمجة في الأيام والأسابيع المقبلة للمنطقة.
وأكد أن الحكومة بصدد إعداد برنامج زيارات، سيعلن عنه قريبا، لمختلف مناطق المغرب التي تعاني إما خصاصا أو تأخرا في إنجاز بعض المشاريع التنموية، أو المناطق التي تحتاج إلى زيارات قصد الاطلاع على أوضاع المواطنين والمواطنات.
وحث العثماني مختلف وسائل الإعلام والصحفيين على العمل على تسليط الضوء على مختلف البرامج كما هي على الأرض، وذلك تنويرا للرأي العام وبعيدا عن ترويج البعض لأخبار غير صحيحة، مؤكدا استعداد مختلف القطاعات الحكومية التام للتجاوب مع مختلف وسائل الإعلام والرد على كل استفساراتهم توخيا للمعلومة الصحيحة والدقيقة.
كما حث الوزراء على ضرورة تعزيز التواصل مع الصحافة ورجال الإعلام في كل القضايا التي تهم قطاعاتهم الحكومية، مع العمل على تزويد الصحفيين بالمعطيات والمعلومات في وقت مناسب، وذلك تعزيزا لمصداقية المعلومة المنشورة والمتداولة.
ومع توالي الاحتجاجات والمحاكمات، سارعت فعاليات مدنية وحقوقية وأكاديمية بإطلاق مبادرة أسمتها ب»المبادرة المدنية من أجل الريف»للمساهمة في إيجاد حلول ووضع حد للاحتقان الاجتماعي الذي تعرفه الحسيمة وامزورن ونواحيها.
منسق المبادرة والناطق الرسمي باسمها الدكتور محمد النشناش، قال إن أعضاء المبادرة قاموا بزيارة ميدانية إلى الحسيمة والتقوا عددا من الفعاليات المشاركة في الاحتجاج السلمي وعائلات المعتقلين وممثلي المؤسسات والمسؤولين عن المصالح الخارجية، وتمت معاينة التظاهرات السلمية من أجل المطالب الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، وبالرغم من بعض التجاوزات إلا أنهم لم يشعروا أبدا ،و في أي لحظة ، بأن هناك أي تيار انفصالي.
وأضاف نشناش الذي كان يتحدث في ندوة عقدتها «المبادرة المدنية من أجل الريف»،أول أمس بالرباط، من أجل تقديم تقريرها الأولي، «أن هدفنا الأساسي في هذه المبادرة التي استمعنا فيها ميدانيا لعدد من المسؤولين الحكوميين والمجتمع المدني، تقديم اقتراحات لإيجاد مخرج لأزمة ثقة بين المواطن والسلطات بالحسيمة وامزورن والنواحي».
وعبرت المبادرة عن ارتياحها من احتضانها واستقبالها وقبول الحوار معها من قبل فعاليات الحركة الاحتجاجية بالريف وعائلة المعتقلين، عكس ما وقع من رفض للجلوس مع السلطات والمسؤولين الحكوميين وهذا مؤشر عن انعدام الثقة.
وأكد نشناش أن ما وقع مؤخرا من اعتقال لقيادات الحركة المطلبية الاجتماعية وطبيعة الأحكام الصادرة في حقهم أفسد علينا هذا العرس الذي يظهر المغرب الديمقراطي، ويبرز أن المغرب لا يزال حيا، بحيث أن أغلب المتظاهرين شباب، إذ يبتدئ سنهم من العشرين، بالإضافة إلى حضور المرأة الريفية في الحركة الاحتجاجية بشكل وازن، وهذا معطى جديد يعطي صورة جميلة عن المغرب ويؤكد أن المغاربة بمختلف شرائحهم الاجتماعية أصبحوا واعين بحقوقهم.
إن مقتل محسن فكري و الانحسار الاقتصادي بالمنطقة وتوقف التجارة وتفشي البطالة وتوقف الهجرة، فضلا عن عدم التزام الحكومة بإنجاز ما التزمت به القطاعات الوزارية في إطار اتفاقية «الحسيمة منارة المتوسط» جعل من مدينة الحسيمة جزيرة منعزلة، يقول نشناش، وهذا الإحساس خلق نوعا من التوتر لدى الشباب، خاصة أن الحركة الاحتجاجية التي بدأت منذ ستة أشهر جوبهت بالصمت واللامبالاة من قبل الحكومة والوسائط المجتمعية الني كانت منشغلة بالصراع السياسي الذي أفرزته الانتخابات التشريعية من أجل تشكيل الحكومة.
ودعا منسق المبادرة بنفس المناسبة، إلى العمل على بعث الأمل من جديد لدى الشباب والساكنة، لاسترجاع الثقة وضرورة مواجهة كل أشكال الحقد والكراهية والتمييز بين المغاربة وردع كل من يدعون لذلك،قانونيا، عبر محاكمتهم.
وخلص الناطق الرسمي باسم المبادرة إلى أن المغرب عرف هيئة الإنصاف والمصالحة لمواجهة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأبدع مبادرة «الوطن غفور رحيم»في وجه من حملوا السلاح ضد بلادهم، فما بالك بشباب مغاربة تظاهروا لأكثر من ستة أشهر بشكل سلمي وحضاري، لذلك «نطالب بالعفو عن جميع المعتقلين وإيقاف المتابعات في حق أبناء المنطق».
وشهدت هذه الندوة عرض التقرير الأولي للمبادرة الذي أبرز سياقات الاحتجاجات بالمنطقة والأسباب المباشرة التي أدت إليها وكذا أسبابها غير المباشرة، ثم المستوى الوصفي بالإضافة إلى قراءة في مجريات الأحداث والتوصيات.