الألتراس المغربية من هي، وإلى أي وسط ينتمي أفرادها، وما الهدف من تكوين هؤلاء الشباب لهاته المجموعات؟ هي مجموعات مكونة من شباب مغاربة من فئات اجتماعية وثقافية مختلفة، معظمهم ينحدر من أوساط شعبية، اجتمعوا على حب وتشجيع فريق واحد، لا تتحدد أعمارهم في عمر معين، وتختلف أجناسهم وأعراقهم وأصولهم، وعلاوة على شغف اللعبة الذي يتملكهم، فاختلافاتهم تتوحد وتتقوى لتكون روابط متماسكة ومشتركة، تؤطرهم مقومات عدة؛ كالوفاء والولاء وحس الانتماء …
اشتهر بتوجهاته النقدية على المكتب المسير لفريقه، وللجهات المسؤولة بالمدينة، الحديث هنا عن فصيل “حلالة بويز” المساند لفريق النادي القنيطري، يرى الزميل يوسف المخلص أن ما يميز هذا الفصيل عن باقي الفصائل توجهه التمردي في غالب الأحيان علي مقاطعه وألبوماته الموسيقية التي يطرحها كثيرا، وأبرزها هذا المقطع الذي طرح سنة 2018، كانت كلماته وعباراته الاحتجاجية أكثر قوة وثقلا، نذكر منها: … والمفسد لاعبها ديس، فبلادي حقي ضاع، وشكون لينا يسمع، ويلا هدرتي غاتقمع، سياسة جْوَّع وخلع، بزاف عليك لبوليتيك، فين القسم لي عطيتي، فالمال العام تبروفيطي، ولي فجيوبك مايكفيك…” حتى نهاية المقطع. ما نرقبه من هذه الكلمات أن محتواها نحى نحو الانتقاد اللاذع للجهات المسؤولة عن تدبير الشؤون العامة، والتي لها نفوذ سلطوي يجعلها تقبض زمام الأمور تسييريا، مطالبين وضاغطين بحقهم في الكشف ومتابعة مصير الأموال المصروفة والمهدورة من المسؤولين الذين يلعبون دور “ديس” في إشارة منهم إلى سياسية الأذان الصماء اللامبالية التي ينهجونها في التعاطي مع مطالبهم، والذين نعتوهم ووصفوهم كذلك بصفات الإبليسية، وهذا ما يدل على مكرهم وخداعهم الذي ينهجونه داخل بلد “الشفرة والتبزنيس” كما يرون.
ويرى المخلص أن الحديث يجرنا، مرة أخرى، إلى فصيل في الضفة الأخرى طالما اشتهر أكثر بتشجيعاته ومؤازرته اللامشروطة لفريقه الكروي في مناسبات عدة، وإن كانت نزعته الاحتجاجية أقل وأضعف وتيرة من سابقيه، لكنه اشتهر مؤخرا بمقطع داع صيته أرجاء العالم، وتناقلته العديد من المحطات التلفزية بربوع الوطن العربي، الحديث هنا عن فصيل “إيغلز” المساند لفريق الرجاء البيضاوي، الذي طرح أغنيته بعنوان: “في بلادي ظلموني” سنة 2017، فكانت كلماتها: ” فبلادي ظلموني، لمن نشكي حالي، شكوى للرب العالي، غير هو لي داري، فهاد البلاد عايشين فغمامة، طالبين السلامة، انصرنا يا مولانا، صرفو علينا حشيش فكتامة، خلاونا كي اليتامى، نتحاسبوا فالقيامة، مواهب ضيعتوها، بالدوخة هرستوها، كيف بغيتو تشوفوها، فلوس البلاد كاع كليتوها، للبراني عطيتوها، جينيراسيون قمعتوها… ” لغاية نهاية المقطع. هذا المقطع الذي يشكل صرخة للجماهير الرجاوية في مبارياتها، وتعبر عن صوت قوي بعد موجات الإحباط والتذمر الناتج عن قمع الربيع الديمقراطي بالمنطقة العربية، لتتخذها بعض البلدان العرب المجاورة أيضا في هتافاتها الشعبية، وتجعل منها أيقونة شعبية تناهض ما تتعرض له فئات الوطن من تضييق الأوطان وقمعها.
أما الفصيل الغريم للفصيل السابق اللذان يشتركان نفس المدينة، فعرف بتشجيعاته الحضارية والراقية كذلك، من خلال بسط رسائله على المدرجات باختلاف توجهاتها المساندة والداعمة لفريقها، هو الآخر عمل على طرح مقطع موسيقي جعل في حمولاته مقاسمة لهموم الشعب المغربي، ومعاناته الاجتماعية والاقتصادية التي تكرس لهشاشته وضعفه. الحديث هنا عن فصيل ألتراس “وينرز” المساند لفريق الوداد البيضاوي، الذي وضع مقطعا موسيقيا بعنوان “قلب حزين” منتصف هذه السنة، فكان لحن المقطع الحزين يتماشى مع كلماته طبق الأصل، لتأتي كلماته على الشكل التالي: “يا قلب حزين، يبكي على سنين ضاعت مني، مستقبل فين، العمر يزيد فقير راهو يعاني، حتا أنا اجتهدت وقريت، بغيت نخدم مالقيت، بلادي ماعطاتنيش تعطي للبراني، مارانيش أليز، فبلاد الشفارة، ماتحلموش بالجنة، نتلاقاو عند مولانا… ” لنهاية المقطع. يأتي المقطع كانتقاد حاد للأوضاع المزرية التي تتخبط فيها منظومتنا، من ارتفاع نسب البطالة، وانخفاض جودة التطبيب وعدد المستشفيات، إضافة إلى زحف شبح الخوصصة على القطاعات الحيوية للبلد بدءا من التعليم، زد على ذلك ارتفاع نسب الهجرة السرية للشباب نحو المجهول. زيادة عليه إشكالية التلفيق والتضليل الإعلامي الذي جعل زاويته موجهة نحو التافه من الأمور، بالمقابل صرف النظر عن تغطية وتقريب المواطن من “المسكين” المهضوم حقوقيا كما جاء في المقطع.
كلها عناوين وقضايا حساسة جعلت هذا الفصيل يتوجه برسائله السياسية نحو المسؤولين وصناع القرار بالبلد ليوقفوا زحف سرطان الفساد والظلم الاجتماعي ما أمكن ذلك، ويجدوا حلولا شافية كافية لما يجول بدلا من حلول مجحفة ترقيعية لا تدفع من واقعنا المعيشي سوى نحو التقهقر والاضمحلال.