الألتراس المغربية من هي، وإلى أي وسط ينتمي أفرادها، وما الهدف من تكوين هؤلاء الشباب لهاته المجموعات؟ هي مجموعات مكونة من شباب مغاربة من فئات اجتماعية وثقافية مختلفة، معظمهم ينحدر من أوساط شعبية، اجتمعوا على حب وتشجيع فريق واحد، لا تتحدد أعمارهم في عمر معين، وتختلف أجناسهم وأعراقهم وأصولهم، وعلاوة على شغف اللعبة الذي يتملكهم، فاختلافاتهم تتوحد وتتقوى لتكون روابط متماسكة ومشتركة، تؤطرهم مقومات عدة؛ كالوفاء والولاء وحس الانتماء …
على غرار مجموعات الألتراس عبر العالم، فإن فصائلها بالمغرب تعتمد على التمويل الذاتي في ما يخص الرحلات والأنشطة. كما لا تقبل دعما ماليا من جهة معينة. في المقابل تحقق مردودا ماليا من خلال المساهمات الفردية لأعضائها أو عن طريق عائدات مبيعاتها التي تتمثل في الأعلام، القبعات والقفازات، الأقنعة والشارات…
يعرف ألتراس المغرب باللمسة الإبداعية في ممارسة التشجيع، حيث تتزين المدرجات باللوحات الفنية أو ما يسمى بـ «التيفوهات» التي تضاهي شعارات الجماهير العالمية، وغالبا ما تحمل دلالات ورسوما معبرة أو رسائل مشفرة قد تخرج عن معناها الرياضي، لتكتسي الطابع السياسي والاجتماعي. فضلا عن الشعارات أو الأغاني التي تتغنى بها وترددها بصوت جماعي أثناء المباريات والتي تجاوزت أسوار المستطيل الأخضر لتلقى أصداء وتجاوبا في بلدان أخرى. واليوم لم تعد المنافسة قائمة بين فصائل الألتراس بالمغرب فقط من حيث القدرة الإبداعية والأنشطة الاحتفالية التي تغزو المدرجات، بل إنها تعدت وظيفتها التشجيعية الكلاسيكية المألوفة إلى أدوار أخرى لاتزال مثار نقاش في المجتمع. ما يدفعنا إلى إعادة النظر في جوهر الألتراس المغربي وامتداداته.
في الكثير من الأحيان إن لم نقل دائما، يتم تغييب الصبغة الإيجابية التي تكتسيها فصائل الألتراس داخل المجتمع، بل يتم طمس مجهوداتهم في الارتقاء بالأندية والنهوض بها سواء على المستوى المحلي أو العالمي. بل إننا لا نلجأ إلى الحديث عن مجموعات الألتراس إلا في مقام السلب؛ أي اختزال وظيفتهم في الجانب المظلم للتشجيع الرياضي، الذي يطبعه التعصب والعنف والكراهية وأعمال الشغب، إلى جانب الخروقات التي يعقبها توالي صرخات التحذير والدعوات المنددة بالتشجيع والمسيئة لصورة المشجع. وهذا ما اهتمت به تقريبا جل الدراسات في النطاق الرياضي، إضافة إلى النقاد والمحللين الرياضيين، دون تصويب النظر نحو أهميتهم وأدوارهم الكبرى في خلق أشكال الفرجة وإحياء إيقاعات المباريات، وتسويق الأندية وتطويرها وصناعة اللعبة بالأساس، باعتبارهم طرفا وازنا وعنصرا أساسيا في تأثيث المشهد الكروي.
فقد أضحت اليوم هذه المجموعات تتفاعل بطرق مختلفة مع الأندية واللاعبين واللعبة ذاتها. وقد تغيرت بشكل كبير عقلياتهم وسلوكياتهم، خاصة مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي والوسائل التكنولوجية. لقد أصبحنا نتحدث عن حركة اجتماعية بقوة تأثيرية تروم التعبير عن الواقع المعيش للشاب المغربي والتنفيس عن احتقانه الاجتماعي، في معقل مدرجات لا تعرف قيودا للحرية. لذلك، نجحت فصائل ألتراس المغرب في صياغة توجهاتها وإسماع صيحاتها في إطار يوازن بين الفرجة والاحتجاج.
«ففي بلادي ظلموني»، عبارة قليلة الكلمات كثيرة الدلالات. ليست مجرد شعار بل إحدى الأغاني التي كتبها ولحنها جمهور نادي الرجاء الرياضي. فتجاوزت حدود المدرجات، لتتردد بصوت جماهير أندية أخرى. أطلقت في شهر مارس من سنة 2017 من طرف فصيل «الترا اغلز» وعرفت انتشارا سريعا على نطاق واسع، حيث تحمل دلالات اجتماعية تصب في معاناة المواطن المغربي وظروفه الحياتية والمعيشية. كما توجه عبرها رسائل إلى المسؤولين في الحكومة بغية تحسين أوضاع الشباب والاعتناء بهم عوض» ملاحقتهم» و»سجنهم». وقد تكرر لحن هذا الاستياء الاجتماعي على ألسنة باقي فصائل الألتراس المغربية بكلمات مختلفة، نجدها في أغنية «قلب حزين» لفريق الوداد البيضاوي و»هادي بلاد الحكرة» (هذه بلاد الظلم) لجمهور اتحاد طنجة وكذلك في أغنية الكاب صولاي الأخيرة التي تنتشر اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي ، كما يتم ترويجها وسط أعضاء الفصيل والمتعاطفين معه.