الإجراءات القانونية الخاصة بالجنسية المغربية

 

إذا كان النص الرسمي لقانون الجنسية المغربية الصادر في سبتمبر1958 قد كشف النقاب عن ثلاثة اعتبارات في تسويد القانون على اعتبار أن سلطات الحماية قد استنكفت عن وضع قانون الجنسية لأسباب لاداعي لذكرها الآن، وتتجلى الاعتبارات الثلاثة التي قام عليها قانون الجنسية في صيغته الأولى في:
الاعتبار الأول يتمثل في أن حق المواطنة هو علاقة سياسية محضة تربط الفرد بالدولة.
الاعتبار الثاني يتمثل في أن بلاد المغرب ليست في وضع يسمح بتشجيع دخول مواطنين جدد بسبب كثافة السكان.
الاعتبار الثالث يتمثل في أن الجنسية المغربية تمنح بشروط تسمح بحفظ الوحدة الوطنية والخصوصيات المغربية والمتمثلة في منظور واضعي النص الأصلي في اللغة العربية والدين الإسلامي.
وبدخول قانون رقم 62.06 المتمم والمعدل للظهير الشريف رقم 250-1-58 والمعتبر بمثابة قانون الجنسية المغربية حيز التنفيذ بعد نشره بالجريدة الرسمية عدد 5513 يكون النقاش المجتمعي المتعلق بمنح المرأة المغربية الجنسية لأبنائها قد وضع أوزاره من جهة وأضاف إلى المغاربة الآلاف من أبناء المغربيات من جهة أخرى.
ولتسليط الضوء على هذا الموضوع سوف نتناول في هذه الورقة أهم المستجدات التي أتت بها التعديلات المدخلة على ظهير250-1.58 .
وهكذا ففي الجنسية الأصلية فإنه وعكس النص القديم فإن الجنسية المغربية كجنسية أصلية المترتبة عن النسب أو البنوة أصبحت تمنح لكل من ازداد من مغربي أو من مغربية سواء ازداد في المغرب أو خارجه، بحيث يعتبر مغربيا وفقا للفصل السادس من قانون الجنسية الولد المولود من أب مغربي أو أم مغربية، وقد أكدت الأحكام الانتقالية أن المقتضيات الجديدة بشأن إسناد الجنسية المغربية بمقتضى الفصل السادس عن طريق الولادة من أم مغربية تطبق بأثر رجعي على الأشخاص المولودين قبل تاريخ نشر هذا القانون، مما يعني أن كل من ازداد من أم مغربية يعتبر مغربيا حاملا للجنسية المغربية كجنسية أصلية وليس في حاجة إلى المطالبة بالتجنيس.
أما في ما يخص التجنيس فإن المرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي أصبح بامكانها بعد مرور خمس سنوات على إقامتهما معا في المغرب بكيفية اعتيادية ومنتظمة أن تتقدم أثناء قيام العلاقة الزوجية إلى وزير العدل بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية، والملاحظ في ظل القانون الجديد أن انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق مثلا لا يؤثر على التصريح المقدم من طرف هذه الأخيرة لاكتساب الجنسية المغربية إذا كان هذا التصريح قدم قبل انتهاء العلاقة الزوجية، والقانون ألزم وزير العدل بالبت في التصريح المقدم إليه من طرف الزوجة الأجنبية المتزوجة من مغربي داخل أجل سنة من تاريخ إيداعه، ويعتبر القانون عدم البت داخل الأجل المذكور بمثابة معارضة في منح الجنسية المغربية.
أما في حالة الموافقة فإن مفعول اكتساب الجنسية في هذه الحالة يبتدئ من تاريخ إيداع التصريح من طرف الزوجة الاجنبية، غير أن التصرفات القانونية التي سبق للمعنية بالأمر أن أبرمتها طبقا لقانونها الوطني قبل موافقة وزير العدل فتبقى صحيحة منتجة لآثارها القانونية.
ومن جهة أخرى فقد نص القانون المعدل على مقتضيات جديدة الهدف منها حماية الأطفال المكفولين من طرف مغاربة بحيث أصبح بالإمكان اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، وهكذا فالشخص المغربي ذكرا كان أو أنثى والذي يتولى كفالة مولود ولد خارج المغرب من أبوين مجهولين مدة تزيد عن خمس سنوات يمكنه أن يقدم تصريحا لمنح المكفول الجنسية المغربية مالم يعارض في ذلك وزير العدل.
وأكثر من هذا فإن للمكفول نفسه الذي توفرت فيه الشروط المذكورة أعلاه والمتمثلة في كونه ولد من أبوين مجهولين خارج المغرب وتمت كفالته من مغربي او مغربية، والذي لم يتقدم كافله بتصريح بعد مرور خمس سنوات على الكفالة أن يقدم بصفة شخصية تصريحا للحصول على الجنسية المغربية خلال السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد، وذلك مع مراعاة حق وزير العدل في المعارضة طبقا للفصلين 26و27 من نفس القانون .
هذا وقد أتى قانون الجنسية بقواعد جديدة في ما يخص فقد والتجريد من الجنسية المغربية، وهكذا فإن المولود من زواج مختلط، والذي يعتبر مغربيا بحكم ولادته من أم مغربية يمكنه أن يعبر بواسطة تصريح يقدم لوزير العدل عن رغبته في الاحتفاظ فقط بجنسية أحد أبويه شريطة التصريح بذلك ما بين السنة الثامنة عشرة والعشرين من عمره، كما يمكن لأم المولود من زواج مختلط، والذي يعتبر مغربيا بحكم ولادته من أم مغربية وقبل بلوغه سن الرشد أي 18سنة أن تعبر بواسطة تصريح يقدم لوزير العدل عن رغبتها في احتفاظ ابنها بجنسية أحد أبويه، كما يحق للمعني بالأمر أن يعبر عن عدوله عما صرحت به أمه بخصوص الاحتفاظ بجنسية أحد الأبوين بواسطة تصريح يقدم لوزير العدل وذلك مابين الثامنة عشرة والعشرين من عمره، وفي هذه الحالة فإن أثر الاحتفاظ المعبر عنه يسري ابتداء من تاريخ التصريح المقدم بكيفية صحيحة من طرف المعني بالأمر أو أمه.
كما أن المرأة المغربية المتزوجة بأجنبي أصبح بإمكانها المطالبة بالتخلي عن الجنسية المغربية، ذلك أن المرأة المغربية التي تتزوج من رجل أجنبي وتكتسب بحكم زواجها جنسية زوجها والمأذون لها بموجب مرسوم قبل عقد هذا الزواج بالتخلي عن الجنسية المغربية يمكنها فقدان الجنسية المغربية.
وفي جميع الحالات فإن أثر فقدان الجنسية المغربية يسري ابتداء من تاريخ نشر المرسوم الذي يأذن بالتخلي عن الجنسية المغربية بالنسبة للأشخاص الآتي ذكرهم:
-المغربي الراشد الذي اكتسب عن طواعية جنسية أجنبية في الخارج.
-المغربي ولو كان قاصرا له جنسية أجنبية أصلية.
-المغربي الذي يؤدي مهمة أو يشغل وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية أوفي جيش أجنبي إذا كان شغل هذه المهمة أو الوظيفة يتعارض مع المصلحة الوطنية ويحتفظ بها أكثر من ستة أشهر بعدما تنذره الحكومة المغربية للتنازل عنها، ولا يجوز إصدار مرسوم فقدان الجنسية بالنسبة للشخص الذي يؤدي مهمة أو يشغل وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية أو في جيش أجنبي، إلا بعد مرور ستة أشهر على الإنذار الموجه إليه من طرف الحكومة بالتخلي عنها وبشرط أن يسمح له بتقديم ملاحظاته في هذا الشأن.
ويلغى هذا المرسوم في ما إذا أثبت أنه كان يستحيل على المعني بالأمر التخلي عن مهمته أو عن وظيفته في الخارج داخل الأجل المحدد.
-تاريخ عقد الزواج بالنسبة للمرأة المغربية التي اكتسبت جنسية زوجها الأجنبي بحكم الزواج.
– تاريخ التصريح المقدم بكيفية صحيحة من طرف المعني بالأمر والموجه إلى وزير العدل بالنسبة للشخص الذي اكتسب الجنسية المغربية إلى جانب أحد أبويه بمقتضى نفس وثيقة التجنيس، وكان يبلغ على الأقل 16 سنة من عمره أثناء تجنيسه.
وفي هذا الإطار فإن الطلبات والتصريحات المقدمة لاكتساب الجنسية المغربية أو لفقدانها أو التنازل عنها، وكذا استرجاعها ترفع إلى وزير العدل مصحوبة بالشهادات والوثائق والمستندات التي من شأنها:
أ) أن تثبت أن الطلب متوفر على الشروط القانونية المطلوبة.
ب)أن تسمح بالبت في ما إذا كان للمنحة المطلوبة مبرر من الوجهة القانونية، وإذا كان صاحب الطلب أو التصريح قاطنا في الخارج فيمكنه أن يوجه الطلب إلى ممثلي المغرب الدبلوماسيين أو القنصليين.
ويعتبر تاريخا للطلبات والتصريحات اليوم المبين في التوصيل المسلم من طرف السلطة المختصة لقبولها أو المذكور المضمن في الإشعار بالوصول البريدي.
وإذا كان الطلب أو التصريح غير مستوف للشروط القانونية فإن وزير العدل يعلن عن عدم قبوله للطلب أو التصريح بموجب مقرر مدعم بأسباب يبلغ للشخص المعني بالأمر.
وإذا كانت الشروط القانونية متوفرة فإن وزير العدل يمكنه بموجب مقرر يبلغ للمعني بالأمر أن يرفض الطلب أو يتعرض على التصريح في الأحوال التي يعترف فيها للوزير المذكور بالحق في ذلك.
ويبت وزير العدل في التصريحات المقدمة إليه داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ ثبوت التصريح ويعد عدم البت داخل الأجل بمثابة معارضة.
والملاحظ أن المنازعات القضائية بشأن الجنسية تدخل في اختصاص المحاكم الابتدائية التي لها حق النظر والفصل في المنازعات حول الجنسية، كما أن محكمة النقض والمحاكم الإدارية كل في مجال اختصاصه له الحق في البت في دعوى إلغاء المقررات الإدارية المتعلقة بالجنسية.
ويتم إحالة النزاع على المحكمة بناء على دعوى رئيسية أو دعوى اعتراضية.
ففي حالة الدعوى الرئيسية فإن كل شخص يدعي تمتعه بالجنسية المغربية أوينفيها عنه له الحق في تقديم دعوى أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها محل سكناه.
وتقام الدعوى في مواجهة النيابة العامة التي لها وحدها الصفة في الرد، وذلك بصرف النظر عما للأغيار من حق التدخل في هذه الدعوى.
وتتولى المحاكم الابتدائية من جهة أخرى النظر في دعوى الجنسية بموجب الإحالة عليها إما بطلب من النيابة العامة وإما من أحد طرفي الدعوى وفقا للشروط المنصوص عليها قانونا، ذلك أن النيابة العامة تلزم بإقامة الدعوى في ما إذا طلبت منها ذلك المحكمة التي أجلت البت في القضية المعروضة عليها طبقا للحالة المنصوص عليها في الفصل السابع والثلاثين.
ويجوز للطرف المعني أن يقيم دعوى في ما إذا تقدم بالدفع بدعوى الجنسية أمام المحكمة المعروضة عليها القضية الأصلية ونتج عن ذلك الدفع إرجاء البت في القضية الأصلية.
وفي كلتا الحالتين تحدد المحكمة التي أرجأت البت في القضية الأصلية للنيابة العامة أو للطرف المعني أجلا أقصاه شهر واحد لتقديم الدعوى اللازمة بشأن الدفع المذكور.
وإذا انصرم أجل الشهر المحدد دون تقديم النيابة العامة أو الطرف المعني للدعوى المأمور بإقامتها، تصرف المحكمة المعروضة عليها الدعوى الأصلية النظر عنها وتبت في مسألة الجنسية إلى جانب الدعوى الأصلية.
ويجب على الطرف الذي ينازع في الجنسية أن يقيم دعواه في آن واحد ضد الشخص المنازع في جنسيته وضد النيابة العامة .

(*)محامي بهيئة الدار البيضاء


الكاتب : محمد امغار(*)

  

بتاريخ : 19/08/2023