الإصلاح والقرارات الجريئة

انطلق الموسم الصيفي التخييمي في سياق تربوي جديد، لا نريد أن نقول إن هناك إبدالا جديدا تشكل في الوعي التربوي عامة، بالتحول نحو مخيمات جديدة تقطع مع زمن الاسترزاق باسم الطفولة، تحويل المخيمات إلى صكوك تجارية للمتاجرة باسم الطفل، لا أريد أن أصف ما يتحقق حد الساعة- ونحن مع خطاب الأمل- أنه تحول بنيوي في استراتيجية عمومية تعيد النظر في ملف المخيمات الذي استفحلت علله، حتى غدا لسنوات جسدا مريضا، لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه لتعدد العلائق فيه، وتجذر منظومة مدنية مهيمنة، تقاوم كل إصلاح بشراسة، لأن الإصلاح يهدد المصالح الجارية مجرى الدم في شرايين الريع التربوي والتخييمي خاصة.
خطاب قطاع الشباب في تجويد العرض التخييمي، كان يحتاج إلى شجاعة وإرادة سياسيتين، لأن التجويد يعني أولا وقبل كل شيء، تطهير القطاع من الفساد ومن الاحتكار ومن التسلط الجمعوي الأحادي، الذي لسنوات خلق منظومة علائقية: جموعية- وزارية، لا تنتج فكرا تربويا جديدا، وتقاوم كل إصلاح من شأنه تكسير هذه البنية السرية لو أمكن القول والتي امتلكت لعقود ومازالت مواقع قوية، وهيمنت بل احتكرت القرار المركزي.
جيد… لحد الساعة… ما قامت به الوزارة الوصية من إطلاق مسلسل تطهير المخيمات، وممن حولوا المخيمات إلى صكوك تجارية، وهذا نتج عنه الإبعاد…
فهل هذا كاف؟
طبعا الحكامة في ملف التخييم تتطلب جرأة الفاعل التنفيذي في استرجاع القرار التربوي بدل تعويمه، والخروج من ثقافة التدبير بمنطق المؤلفة قلوبهم، والعمل على القطع مع زمن تهريب القرار التربوي بعيدا عن الفاعل العمومي بتعاون مع الشركاء، دون أدلجة ولا استقواء سياسي ولا تاريخي، فالشرعية تربوية راهنية، لا سياسية تاريخية، والتخييم هو قضية الحاضر الذي لا يلتفت للماضي إلا عرفانا، بل ينظر للمستقبل وفق رؤية تقطع مع الإرضائية.
جيد… لحد الساعة ما لمسنا من قوة للقطاع بتأييد غير مشروط للجامعة الوطنية للتخييم في استئصال الفساد والريع التخييميين، وفي محاصرة أدلجة المخيمات، لكن سنكون أكثر أملا أن تعمل الوزارة بسرعة على محاربة احتكار القرار التربوي وتهريبه بطرق ملتوية، وأن تعرف الوزارة تحولا في بنية التدبير بالكفاءات بدل موازين القوى، وأن تذهب بعيدا في الإصلاح البنيوي، فحتما لا يمكن لأي قائد أن يربح حربا بجنرالات خسروا كل الحروب، وليس لهم من مجد سوى التاريخ.


الكاتب : محمد قمار

  

بتاريخ : 20/07/2024