الاتحاد الاشتراكي يصوت ضد مشروع قانون المالية لسنة 2024

إعداد المشروع تم بمقاربة انفرادية تواصل سياسة التغول العددي متجاهلة التوافقات التي تحتاجها البلاد
الفريق الاشتراكي يسائل الحكومة عن المخزون الاستراتيجي في المجال الطاقي والغذائي والدوائي
رغم التوجيهات الملكية، النموذج التنموي لم يأخذ نصيبه ضمن مشروع قانون المالية

 

صوت فريق المعارضة الاتحادية أمس ضد مشروع قانون المالية لسنة 2024 ، معتبرا إياه مشروعا خجولا يكرس استمرار السياسات الليبرالية ولا يوازي الطموح التنموي لبلادنا، بل هو مشروع خارج الزمن السياسي ومفتقد للجرأة والإبداع والنفس الإصلاحي القوي التي تتطلبه المرحلة.
وأوضح عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، في مداخلة ألقاها صباح أمس خلال الجلسة العامة المخصصة لمناقشة والتصويت على مشروع قانون المالية، أن هذا الأخير غابت عنه المنهجية التشاركية التي كان يجب على الحكومة أن تعتمدها بانفتاحها على مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين في بلورة الميزانيات التي تعتبر شأنا حكوميا، لكن أيضا شأنا مجتمعيا.
وسجل شهيد أن المقاربة الحكومية في إعداد المشروع انفرادية تواصل سياسة التغول العددي التي تتجاهل بشكل تام التوافقات التي تحتاجها بلادنا في الظرفية الراهنة، مما يخلق توترات نحن في غنى عنها كما وقع سابقا ويقع اليوم لأسرة التدريس.
ووجه الفريق الاشتراكي انتقادات لاذعة للمقاربة التي اعتمدتها الحكومة في إعداد المشروع والتي لم تأخذ بعين الاعتبار العديد من التوجيهات الملكية الموجهة للحكومة في ولايتها الحالية. ولا سيما الخطاب الملكي المؤسس الذي جاء في بداية الولاية الحكومية ولعل أهم التوجيهات الملكية السامية في هذا الإطار الدعوة إلى ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة للمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية: المائية والغذائية والصحية والطاقية، وإذ يسجل الفريق الاشتراكي المجهودات المبذولة في مجال الماء، فإنه يتساءل عن المخزون في المجال الطاقي والغذائي والدوائي، والذي أظهر أهميته بوضوح الزلزال الأخير.
كما نبه رئيس الفريق الاشتراكي إلى إغفال الحكومة توجيهات جلالة الملك بخصوص تفعيل الإصلاح الجبائي الشامل، وإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، حيث مازالت الحكومة إلى اليوم لم تباشر الإصلاح الضريبي كما تبلور في مناظرة الصخيرات وتم تأصيله في القانون الإطار للجبايات، ولم تفعل الحكومة إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية.
من جهة أخرى، اعتبر رئيس الفريق الاشتراكي أن مشروع قانون المالية المعروض للنقاش والتصويت، لم يأخذ النموذج التنموي، كمنتوج وطني جماعي، الحيز الذي يليق به في المشروع، علما أن جلالة الملك دعا الحكومة منذ تنصيبها إلى بلورة وأجرأة النموذج المذكور، وعلما أنه شكل أحد المرتكزات الكبرى التي تأسس عليها البرنامج الحكومي.
كما نلاحظ تنكر المرجعية الحكومية للالتزامات العشر التي قطعتها الحكومة على نفسها.
وعدد الفريق الاشتراكي، نقطة بنقطة، الالتزامات العشر التي أخلت بها الحكومة في هذا المشروع، بدءا من تعهدها بالرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4 % خلال الولاية الحكومية، ونحن على مقربة من منتصف الولاية الحكومية يستحيل تحقيق الأمر، ومرورا بوعد الحكومة بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الولاية الحكومية، وهو ما عجزت عنه الحكومة إلى اليوم بفعل ارتفاع البطالة وفقدان مناصب الشغل. وانتهاء بإيقاع الحكومة بطيئا في تفعيل الحماية الاجتماعية واحترام الآجال المحددة لتنفيذ مختلف محاوره، وتفعيل مقتضيات الاتفاقيات الموقعة أمام جلالة الملك يوم 14 أبريل 2021، من أجل تدارك التأخر في تعميم التأمين الإجباري على المرض لدى التجار والمهنيين المستقلين، والمهنيين في الصناعة التقليدية، والفلاحين.
وتساءل الفريق الاشتراكي عن مصير إخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة، في ظل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وفي ظل التدابير الجبائية الواردة في هذا المشروع، والتي من شأنها توجيه المزيد من الضربات إلى القدرة الشرائية للفئات الفقيرة.
وبالمناسبة، كشف الفريق زيف وعود الحكومة بحماية وتوسيع الطبقة الوسطى وهي الوعود التي أصبحت مجرد سراب، لأن الحكومة تركتهم فريسة للغلاء المتزايد وارتفاع تكاليف الخدمات التربوية والصحية والحياتية.
هذا بالإضافة إلى تنصل الحكومة من التزاماتها المعلنة بخصوص تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية من 46,4 % إلى أقل من 39 % و كذا بتعبئة المنظومة التربوية لتحسين تصنيف بلادنا على الصعيد الدولي، لكن ما حققته الحكومة فعلا هو تعبئة هيئة التدريس للخروج إلى الشارع في غياب مقاربة تشاركية حقيقية تتأسس على حسن الإنصات وإبداع الحلول.
وخلص رئيس الفريق الاشتراكي إلى أن ثمة خللا في العمل الحكومي أفرزته البنية الحكومية نفسها وافتقادها للكفاءة السياسية، وذكر شهيد الحكومة بملاحظات الاتحاد حول هندستها لحظة تشكيلها من أن التشتيت وفصل القطاعات الاستراتيجية المتجانسة بعضها عن بعض قد يؤثر على طبيعة العمل العمومي ويضعف الحكامة المؤسساتية، وأن طغيان التمثيلية التقنية على التمثيلية السياسية في تحمل تدبير القطاعات الحكومية ستكون له آثار سلبية، وأن هذا النوع من الهندسة الحكومية لا يلائم تحديات الظرفية الحالية. والأكثر من ذلك أن ما عمق هذا الخلل هو موقف‮ ‬البحث عن الخلاص الفردي‮ ‬أو الربح الشخصي الذي‮ ‬يبحث عنه كل مكون من‮ ‬مكونات الحكومة على حدة، بشكل لا يسمح بتقوية‮ ‬الثقة في‮ ‬قدرتها على إيجاد الحلول وتحمل المسؤولية الدستورية والسياسة‮ ‬والاخلاقية.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 15/11/2023