البرازيل تشيد بمبادرة الحكم الذاتي لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء إرساء حوار استراتيجي يروم ترسيخ الشراكة المتينة بين البلدين

أشادت جمهورية البرازيل الاتحادية بجهود المغرب الجادة وذات المصداقية للمضي قدما نحو تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية، في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية سنة 2007. وتم التعبير عن هذا الموقف في البيان المشترك، الصادر في أعقاب المباحثات التي أجراها يوم الجمعة بالرباط، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية البرازيلي، ماورو فييرا، خلال زيارة رسمية للمغرب.
وفي هذا الصدد، جددت البرازيل، التي ترأست مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شهر أكتوبر 2023، خلال تبني القرار رقم 2703، دعمها لجهود الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي ومقبول من لدن الأطراف، طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
من جهة أخرى، أشادت البرازيل بدينامية الانفتاح والتحديث التي يعرفها المغرب، تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، معربة عن تقديرها للدور الريادي الذي يضطلع به جلالته في إفريقيا، مما يجعل المملكة شريكا موثوقا به وذا صوت مسموع على الساحة الدولية.
وذكر البيان المشترك أن الوزيرين تطرقا خلال هذه المباحثات إلى المبادرات الأخيرة التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، ولاسيما تلك التي تروم تعزيز الاستقرار، والأمن والازدهار الاقتصادي للبلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وكذا المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب- نيجيريا، الذي يطمح إلى تعزيز الاندماج الإقليمي وتحفيز التنمية الاقتصادية على طول الساحل الأطلسي الإفريقي، وأبعد من ذلك.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فقد أبدى الطرفان اهتمامهما بالقيام بمبادرات مشتركة في مجالات الأمن الغذائي في إفريقيا.
كما قرر المغرب و البرازيل إرساء حوار استراتيجي يروم ترسيخ الشراكة المتينة وطويلة الأمد القائمة بين البلدين، والتي سيتم تحديد صيغها ومجموعات العمل الخاصة بها لاحقا.
وأشاد الطرفان، في البيان المشترك، بالجودة المتميزة للشراكة بين المغرب والبرازيل، مجددين التأكيد على الالتزام بالاستثمار الأمثل لمؤهلاتهما الكبيرة، خاصة في مجالات الصناعة الغذائية والاقتصاد الأخضر واللوجستيك.
واتفق الوزيران على العمل على وضع برامج مشتركة للتعاون بين الوكالة المغربية للتعاون الدولي والوكالة البرازيلية للتعاون، لفائدة القارة الإفريقية، معبرين عن ارتياحهما إزاء التطور المستمر للإطار القانوني المنظم للعلاقات بين الطرفين، والذي تم إغناؤه خلال السنوات الأخيرة، ليعكس، بالتالي، الطابع الاستراتيجي للحوار المغرب-البرازيل.
وفي هذا الصدد، أعرب الوزيران عن ارتياحهما للاتفاقيات ولمذكرات التفاهم الجديدة التي تم استكمالها أو توجد في مراحل متقدمة من الاستكمال، والتي سيضفي التوقيع عليها زخما جديدا للشراكة الثنائية، وسيسمح للفاعلين المؤسساتيين والاقتصاديين من البلدين بتفعيل مبادرات وأعمال ومشاريع مبتكرة في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك .
ويتعلق الأمر على الخصوص باتفاق المساعدة الإدارية المتبادلة في المجال الجمركي بين المملكة المغربية وجمهورية البرازيل الاتحادية، ومذكرة التفاهم حول الترويج لمنطقة طنجة-المتوسط كمنصة لوجستية لدى الفاعلين البرازيليين، بين الوكالة الخاصة طنجة المتوسط وغرفة التجارة العربية البرازيلية، ومذكرة التفاهم المتعلقة بالبحث والتطوير، واقتناء قطع غيار الطيران التي يتم تصنيعها بمنطقة ميدبارك الصناعية، بين (إمبراير) ووزارة الصناعة والتجارة ، وكذا مذكرة التفاهم حول تنظيم منتدى للأعمال بين الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات والغرفة التجارية العربية البرازيلية.
وحسب المصدر ذاته، فقد رحب الوزيران بإحداث منتدى للأعمال في الأشهر المقبلة، والذي من شأنه تقوية العلاقات التجارية بين البلدين بشكل أكبر، والنهوض بأشكال جديدة من التعاون بين الفاعلين العموميين والخواص، وتعزيز التكامل بين مختلف القطاعات الإنتاجية في المغرب والبرازيل.
كما أعربا عن ارتياحهما لإعادة فتح، ابتداء من متم سنة 2024، الربط الجوي بين الدار البيضاء وساو باولو، وهو ما سيمكن من تسهيل التدفقات التجارية والسياحية بين البلدين، مشيدين بإحداث منصب الملحق العسكري في السفارتين لدى العاصمتين على التوالي.
من جهة أخرى، أعرب المغرب عن تقديره للمسار الديمقراطي النموذجي للبرازيل وحيوية النموذج الاجتماعي والثقافي الذي اختارته، وكذا لقيادة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في جهوده للتقليص من الفقر والنهوض بالتنمية. كما أشاد بدفاعه عن الحوار جنوب-جنوب، وبالمبادرات التي تقوم بها البرازيل على مستوى الأمم المتحدة، وفي مجموعة العشرين ومجموعة «البريكس» الرامية إلى إصلاح عميق لهيئات الحكامة العالمية.
وأكد الوزيران أن هذا الأفق الجديد يرتكز على تقاسم المغرب والبرازيل لنفس قيم الانفتاح والتسامح والديمقراطية، ويستند إلى عمق تاريخي خاص، ويستمد وجاهته من التقاء وجهات نظر البلدين، ومن الحوار الاستراتيجي المعزز حول القضايا ذات البعد الدولي.
و بعد أن أشادا بالمواقف البناءة لبلديهما خدمة للتنمية المستدامة والنهوض بحقوق الإنسان، وجددا التأكيد في هذا الصدد على الالتزام الراسخ للمغرب والبرازيل بمكافحة كافة أشكال التمييز العنصري والكراهية، شدد الوزيران على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال محاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وأبرزا أهمية الأحداث الرياضية الكبرى، التي تمثل فرصا لتعزيز النمو والإدماج الاجتماعي، منوهين في هذا الصدد، بتنظيم كأس العالم لكرة القدم النسوية سنة 2027 بالبرازيل، وكأس العالم 2030 بالمغرب وإسبانيا والبرتغال.
وعبر الوزيران عن ارتياحهما لكثافة تبادل الزيارات في الاتجاهين، والتي تجسد متانة الروابط القائمة بين البلدين، وتؤكد أهمية الحوار بين السلطات البرازيلية والمغربية.
ووجه الوزير البرازيلي، دعوة إلى ناصر بوريطة، للقيام بزيارة رسمية للبرازيل في تاريخ يحدد باتفاق مشترك.
وتجدر الإشارة إلى أن زيارة الوزير فييرا، التي تصادف الذكرى العشرين لزيارة الدولة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى البرازيل في 2004، تعكس روابط الصداقة والتقدير بين جلالة الملك ولويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية.


بتاريخ : 10/06/2024