البروفيسور عبد الله دامي لـ «الاتحاد الاشتراكي»: الطب الشرعي في المغرب يوجد في مفترق الطرق ولا يمكن القبول بتقزيمه

الاعتداءات الجسدية والجنسية تواصل استهداف الأطفال والمراهقين والنساء

 

أكد البروفيسور عبد الله دامي، في تصريح لـ الاتحاد الاشتراكي» أن الطب الشرعي في المغرب يوجد في مفترق الطرق لأن هناك حاجة إلى تخصص ناجح يستجيب للمعايير الدولية على مستوى الكيف لا الكمّ غير المفيد، والذي لا يرقى للانتظارات، مبرزا أن الاتحاد الأوروبي أصدر توصيات متعددة في هذا الباب وجعل من الطب الشرعي مادة تخص المجتمع ككل. ونبّه الخبير في الشأن الطبي من أن مخالفة هذا الأمر سينعكس على المتقاضين والقضاء وعلى الحجية، لهذا لا يمكن القبول بتقزيم الطب الشرعي في تكوينات قصيرة من أجل الرفع من عدد الأطباء في تغييب تام لمسألة أساسية وهي التخصص.
ونبّه رئيس الجمعية المغربية للطب الشرعي في تصريحه للجريدة، إلى أن الشكل الذي يوجد به الطب الشرعي في بلادنا اليوم يحتاج إلى إعادة نظر، مؤكدا أنه لا وجود لمثيل له في أية دولة لا مجاورة ولا أوروبية، مبرزا أن فرنسا التي كانت تعتمد على التكوينات القصيرة في الوحدات الطبية الشرعية التي تستقبل حالات العنف، قطعت مع هذا الأمر بعد إصلاح 2011 وعقب مجموعة من المتغيرات، وبات التشريح لا يمكن أن يقوم به إلا الطبيب المتخصص، بالنظر إلى أن المتقاضين وجهاز الشرطة القضائية والنيابة العامة هم في حاجة إلى أدلة مادية علمية مضبوطة لا تكون مثار أي شك. وشدّد البروفيسور دامي على أن الجمعية المغربية للطب الشرعي ترفض أي إغراق للساحة بالكمّ الذي لا يحتاجه هذا التخصص، مؤكدا أن الجهود يجب أن تنصبّ على توفير وسائل العمل للأطباء المتوفرين لكي يمارسوا مهامهم في ظروف جيدة، والتي تسمح بتجويد أدائهم حين يستعين بهم القضاء في مجموع القضايا التي يمكن أن يحتاج فيها للطب الشرعي.
وأوضح الأستاذ الجامعي والخبير في الطب الشرعي أنه لا تزال هناك الحاجة لبذل مزيد من الجهود لتطوير خدمات الطب الشرعي وحماية حقوق الضحايا، خاصة من يتعرضون لاعتداءات جسدية أو جنسية أو هما معا، مشيرا في هذا الصدد إلى مجموعة من التوصيات التي خلص إليها آخر لقاء نظمته الجمعية المغربية للطب الشرعي والجمعية المغربية للعلوم الجنسانية حول هذا الموضوع، ومن بينها ضرورة الرفع من القدرات بالنسبة للعاملين في قطاع الصحة بالنسبة للطب النفسي بالنظر إلى أن طرق الاستماع للضحايا هي طرق علمية ولا يمكن لأي عامل في مجال الصحة القيام بذلك. ووقف البروفيسور دامي عند توصيات أخرى تتمثل في ضرورة القيام بخبرة للتصريحات التي تصدر عن الأطفال ضحايا الاعتداءات لمعرفة إن كانت صحيحة أو من نسج الخيال أو بدافع وإيعاز من الغير، مع الحث على التكوين على التكفل من الناحية الطبية الشرعية بالأطفال والنساء ضحايا الاعتداءات الجنسية، الذي لا يمكن أن يكون إلا متخصصا داخل الوحدات الطبية الشرعية، وأهمية تطوير أشكال التنسيق بين العاملين في الوحدات التي تستقبل ضحايا الاعتداءات الجنسية وباقي المتدخلين كجهاز النيابة العامة وجهاز الشرطة القضائية بشكل مستمر وآني بما يسمح بالرفع من عدد المبلغين عن الاعتداءات، وهو ما يستوجب كذلك تفعيل قانون حماية المبلغين الذين يتعرضون لضغوطات تجعل الأرقام المسجلة قليلة جدا بالموازاة مع الواقع المعيش.
ودعا البروفيسور دامي إلى تحسين ظروف استقبال ضحايا الجرائم الجنسية بخلايا المستشفيات ومقرات الأمن ومحاربة كل أشكال التمييز التي قد تطرح تجاه الضحايا مع ضرورة المرافقة النفسية للضحايا من أجل تشجيعهم على التبليغ وعدم التراجع عن المطالبة بالإنصاف وإحقاق الحق بعيدا عن التوافقات وغيرها. وشدّد المتحدث على أن النقاش المجتمعي الواسع حول الاعتداءات الجسدية والجنسية ضد الأطفال والمراهقين والنساء يجب أن يتواصل، وأن يتم تشجيع الثقافة الجنسية في البيت والمدرسة، حتى يستوعب الأطفال مفهوم الجسد ويعون ضرورة احترامه وعدم السماح لأي شخص باستباحته واستغلاله.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 15/03/2022