علاوة على كون شهر رمضان يشكل فترة زمنية للانغماس في نشوة التقوى والتأمل، فإن هذا الشهر الفضيل يعتبر أيضا موعدا متجددا لإحياء أجواء من النشاط الثقافي والفني في مدينة أكادير، حيث تجتهد الفنادق والمطاعم والفضاءات الثقافية في خلق مناخ يتمازج فيه التآخي بالصفاء الروحي الذي يعد من مميزات هذا الشهر الكريم.
وتنطلق الأمسيات الرمضانية في أكادير، عموما، ابتداء من الساعة العاشرة ليلا، بعد أداء صلاة التراويح، حيث تتدفق الأفواج المتتالية من الناس على الأماكن العمومية التي تعد برامج وأنشطة للترويح عن النفس.
وتقدم هذه الفضاءات حفلات من الموسيقى المغربية والعربية بكل تلاوينها، وجلسات للفكاهة والتنشيط، إلى جانب تنظيم ندوات ولقاءات حوارية تتناول قضايا مرتبطة بشهر الصيام، إضافة إلى مواضيع ذات صبغة ثقافية وسياسية قد تمتد فترة مناقشتها إلى حين موعد السحور.
وتهدف هذه الملتقيات إلى جعل الشهر الفضيل فرصة للتآخي والحوار والتقاسم بين مختلف الحساسيات والقناعات الفكرية والثقافية والسياسية وغيرها، وذلك في أجواء مطبوعة بالتساكن والقبول بالآخر مهما كانت أفكاره وقناعاته.
وقد تم تدشين هذه اللقاءات في أكادير قبل أيام بتنظيم مهرجان للموسيقى الروحية والأناشيد الصوفية، حيث بادرت جمعية «مدار»ومجلس مدينة أكادير بتنظيم مهرجان «موسيقى الروح»الذي شارك فيه الفنان إدريس المالومي، الملقب ب»شاعر العود»الذي أتحف جمهور مدينة الانبعاث، خلال إحدى الأمسيات الرمضانية، بمعزوفات روحية كان لها وقع السكينة والانشراح في أوساط الجمهور الكبير الذي تابع هذه السهرة الفنية.
وإلى جانب الفنان المالومي، حضرت مجموعة «ابن عربي»للموسيقى الروحية من طنجة، والتي خلفت بدورها أصداء طيبة لدى ساكنة أكادير، ويصدق الشيء نفسه على مجموعة «أماينو»الأمازيغية، ومجموعة «الحضرة»الشفشاونية، حيث أتحفت المجموعتان الجمهور الذي تتبع عروضهما الموسيقية بمقطوعات غاية في الذوق الرفيع، جمعت بين روعة الإنشاد، وجمال الموسيقى وإتقان الإيقاع.
وفي ما يتعلق بالموسيقى العربية الشبابية، نظم المعهد الفرنسي بأكادير حفلا من تنشيط مجموعتين موسيقيتين تنتسبان لمنطقة الشرق الأوسط، ويتعلق الأمر بمجموعة «سول 47»، ومجموعة «جدل».
وتتعاطى مجموعة «سول 47»الفلسطينية للموسيقى الإلكترونية التي تنهل من معين الثقافة الفلسطينية الأصيلة، حيث تمكنت هذه المجموعة من استقطاب اهتمام جمهور عريض من عشاق هذا النمط الموسيقى، خاصة منهم فئة الشباب الذين قدموا لاستكشاف فرقة غنائية ابتدأت مشوارها الفني في منطقة الشرق الأوسط، لتشق طريقها بعد ذلك نحو العالمية حيث أدت حفلات عديدة في كثير من البلدان الأوروبية.
أما مجموعة «جدل»الأردنية، التي تصنف ضمن موسيقى «البوب ـ روك»، فقد أبدعت من خلال تقديم عروض غنائية تتخذ من القضايا الاجتماعية موضوعا لها، حيث تمكنت من خلال ذلك أن تعبر عن نمط غنائي يمكن نعته بنوع من موسيقى الروك العربية، وذلك من خلال ألبومها الذي يحمل عنوان «مليون».
بينما حضر الفن الغنائي المغربي من خلال المجموعة التراثية المحلية التي تحمل اسم «كانكا اولاد السودان».
وسيكون لجمهور مدينة الانبعاث، يومي 17 و18 يونيو الجاري، لقاء مع الفن الفكاهي، حيث ستنظم الدورة 11 لمهرجان الفكاهة الأمازيغية «طاطسا»الذي من المقرر أن يجمع ثلة من الفنانين من منطقة سوس ومن باقي جهات المملكة، والذين يمثلون أنماطا مختلفة من فن الفكاهة والضحك.
وتشكل هذه الدورة من مهرجان «طاطسا»أيضا فرصة لتكريم الفنان الكوميدي أحمد ناصح، الذي تميز بأداء مجموعة من الأدوار في سلسلة من الأعمال المسرحية، والأفلام الناطقة بالأمازيغية.
وإلى جان هذه الملتقيات الفنية، فإن فنادق مدينة الانبعاث ومطاعمها انخرطت بدورها في الأجواء الرمضانية عن طريق تقديم خدمات خاصة بشهر الصيام، سواء تعلق الأمر بوجبة الإفطار أو السحور. كما اجتهدت في تنويع عرضها التنشيطي رغبة منها في استقطاب مزيد من الرواد، سواء منهم المغاربة أو السياح الأجانب الراغبين في اكتشاف جانب مهم من الثقافة الإسلامية ومن العادات والتقاليد الخاصة بشهر الصيام.
التآخي والصفاء الروحاني يتمازجان في أكادير
الكاتب : عمر عاشي
بتاريخ : 16/06/2017