قال وزير الاقتصاد الألماني اليوم الجمعة إن بلاده مستعدة لمساعدة شركاتها على الاستمرار في تنفيذ أنشطة في إيران في الوقت الذي شكك فيه سفير الولايات المتحدة لدى برلين في أخلاقية مثل تلك التعاملات.
وجاء انسحاب الولايات المتحدة يوم الثلاثاء من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 وخطط إعادة فرض عقوبات على إيران مع تهديد بفرض عقوبات على أي شركات أجنبية تنخرط في أنشطة هناك.
وقالت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إنهم ما زالوا ملتزمين بالاتفاق النووي. وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير إن حكومة بلاده لا ترى سببا ملحا لتغيير برنامج ضمانات التصدير هيرميس الخاص بإيران.
وأبلغ التماير راديو دويتش لاند فونك قائلا «نحن مستعدون للحديث إلى جميع الشركات المهتمة بشأن ما يمكننا أن نفعله للحد من التداعيات السلبية.»هذا يعني أن الأمر هو بشكل ملموس يتعلق بوضع الأضرار في أضيق حدود» ويشمل هذا تقديم الاستشارات القانونية.ولدى نحو 120 شركة ألمانية عمليات يباشرها موظفو تلك الشركات بأنفسهم في إيران، ومن بينها سيمنس، فضلا عن نحو عشرة آلاف شركة ألمانية تتعامل مع إيران.
وارتفعت صادرات البضائع الألمانية إلى ايران العام الماضي بنحو 400 مليون يورو إلى نحو ثلاثة مليارات يورو (3.57 مليار دولار) بما يزيد قليلا عن 0.2 بالمئة من مجمل الصادرات الألمانية، لكن هذا الحجم أكبر من صادرات بريطانيا وفرنسا.
وقال التماير إن ألمانيا بحاجة إلى تجنب «موجة تصعيد» في العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الخميس أن العقوبات التي أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها على الشركات الأجنبية العاملة في إيران «غير مقبولة»، مشددا على أنه يجب التفاوض في شأنها مع الأوروبيين.
وأضاف لودريان في مقابلة نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة «لوباريزيان»، «نقول للأميركيين إن التدابير العقابية التي سيتخذونها تخص هم».
وتابع «الأوروبيون ليسوا مضطرين لدفع ثمن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية التي ساهموا هم أنفسهم بها»، في إشارة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
وشدد لودريان على ضرورة أن يضع الأوروبيون «الإجراءات اللازمة لحماية مصالح شركاتنا، وبدء مفاوضات مع واشنطن في شأن هذا الموضوع».
وأعلن مسؤول في الرئاسة الفرنسية الأربعاء أن المسؤولين الأوروبيين سيبذلون «كل جهد» ممكن لحماية مصالح شركاتهم العاملة في إيران عقب قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات على طهران.
وهددت واشنطن بفرض عقوبات على الشركات الأجنبية المتعاونة مع إيران وامهلتها 180 يوما للالتزام.
الشركات الروسية
في موقع الافضلية
نددت روسيا بشدة بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني رغم انها أقل عرضة من الاوروبيين للتبعات الاقتصادية عند اعادة فرض العقوبات الاميركية والتي يمكن ان تشكل فرصة فريدة لشركاتها العاملة في هذا البلد.
وفي الوقت الذي يبذل فيه الاوروبيون جهودا حثيثة من أجل الحفاظ على العلاقات الاقتصادية التي اقاموها مع ايران منذ توقيع الاتفاق في 2015، يقول محللون ان الشركات الروسية تجد نفسها في موقع أفضلية.
يقول خبير السياسة الروسي المستقل فلاديمير سوتنيكوف ان «الاتفاق ورفع العقوبات أديا الى عودة الشركات الاوروبية الى ايران والى منافسة قوية لكن استمرارها يواجه صعوبات اليوم ما يفسح المجال بشكل أكبر أمام روسيا».
وتحسنت العلاقات بين روسيا وايران مع انتهاء الحرب الباردة عندما وافقت روسيا في منتصف التسعينات على استئناف عقد بناء محطة بوشهر النووية في جنوب ايران بعد تخلي المانيا عنه، بينما كانت ايران تعيش عزلة دولية.
وسعى البلدان حتى قبل توقيع الاتفاق النووي الى تعزيز الروابط الاقتصادية بينهما رغم العقوبات السارية.
يقول ايغور دولانوي من المرصد الفرنسي الروسي ان «الشركات الاوروبية أكثر تعرضا ازاء السوق الاميركية وعليها الالتزام بها لتفادي المشاكل بينما روسيا أبعد وبالتالي ليس لديها الكثير لتخسره».
من شأن هذا الوضع ان يعزز من جديد التبادلات الاقتصادية بين ايران وروسيا والتي تشهد تراجعا منذ بضع سنوات رغم الدور الذي يلعبه العملاق الروسي «روساتوم» في القطاع النووي المدني الايراني وعملاقا النفط «لوك-اويل» و»روسنفت» في استثمار الموارد النفطية لايران.
وتابع دولانوي ان التجارية الثنائية بلغت 1,7 مليارات دولار في 2017 أي بتراجع بنسبة 20% بالمقارنة مع العام السابق وأقل بكثير من قيمتها في أواخر الالفية الماضية عندما تجاوزت ثلاثة مليارات دولار. وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في طهران الخميس ان البلدين يعتزمان مواصلة «تعاون اقتصادي على كل الاصعدة» مضيفا «لا نخشى العقوبات».
الموقف نفسه من جانب الصين التي تمول في ايران مشاريع بعشرات مليارات الدولارات في مجال المحروقات والبنى التحتية والكهرباء. وأكدت بكين انها تريد الحفاظ على «علاقات اقتصادية وتجارية طبيعية».
يقول ريتشارد روبرتسون المحلل لدى «رينيسانس كابيتال» ان «روسيا تريد بيع الفولاذ وبنى تحتية في قطاع النقل وغيرها الى ايران وكلما كانت المنافسة الاميركية والاوروبية أقل كلما كان ذلك لصالحها».
ويشير دولاوني ايضا الى حاجات ايران على صعيد البنى التحتية في مجال الطاقة وايضا في مجالي الاتصالات والكهرباء.
وتابع ان «لروسيا ورقة قوية في هذه المجالات»، مشيرا الى امكان ان يساهم ذلك في تطوير «ميل بان تكون العقود بالعملات الوطنية» بين روسيا ودول الشرق الاوسط لتفادي استخدام الدولار والتعرض لاحكام القضاء الاميركي.
الانعكاس الايجابي الثاني على الاقتصاد الروسي هو ارتفاع اسعار النفط الى أعلى مستوى لها منذ العام 2014، وذلك نتيجة انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الايراني.
يقول محللو مصرف «الفا» الروسي ان الميول الحالية من المفترض ان تساهم في ابقاء برميل النفط على سعر مرتفع «ما يشكل ارتياحا كبيرا للسوق الروسية».
ويشكل ذلك مدخولا جديدا لا يستهان به على صعيد الدولة الروسية التي تعتمد ماليتها على المحروقات بشكل كبير وذلك في الوقت الذي يبدأ فيه الرئيس فلاديمير بوتين ولاية رابعة بوعود مكلفة بتطوير الاقتصاد وتقليص الفقر.
وقيم رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف الحاجات المالية المرتبطة بهذه الاهداف على المدى البعيد بأكثر من مئة مليار يورو…
ارتباك الاقتصاد الايراني
في وقت يرجح أن يتسبب إعادة فرض العقوبات المرتبطة بملف طهران النووي بأذى كبير للاقتصاد الايراني، فإن حالة اللايقين التي خلفتها نوايا الولايات المتحدة والمشاكل الداخلية المتعددة تسببت بأضرار أكبر حتى الآن. واعتبر توقيت معرض النفط الدولي السنوي في طهران هذا الأسبوع مربكا اذ تم افتتاحه قبل يومين فقط من تاريخ اتخاذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بشأن إن كان سينسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وهو ما يعني إعادة فرض العقوبات على ايران.
وقال مستشار أوروبي حضر المعرض الاثنين «كانت الأجواء قاتمة (…) كان هناك عدد قليل من الأجانب ومنصات العرض صغيرة. إنه أمر محبط».
وأقر المنظمون بأن عدد الضيوف الأجانب انخفض بالثلث مقارنة بالعام الماضي، بحسب ما ذكرت صحيفة «همشهري».
وكانت الصفقة الوحيدة المهمة في مجال النفط التي أبرمتها ايران منذ الاتفاق النووي صفقة للتنقيب بقيمة خمسة مليارات دولار مع شركتي «توتال» الفرنسية و»سي ان بي سي» الصينية العام الماضي. لكن مصير الصفقة بات على المحك حيث يترقب المسؤولون التنفيذيون ما سيعلنه ترامب بشأن الاتفاق النووي.
ولا تزال المصارف الأجنبية تخشى أي تعامل مالي حتى ولو كان ارتباطه بايران عرضيا رغم أن حكوماتها شجعتها على تسهيل التجارة والاستثمار.
وقال رجل الأعمال الفرنسي أماوري دو لا سير لدى افتتاحه فرعا لمطعمه الفخم «سوشي شوب» في طهران الصيف الماضي «ذهبنا إلى وزارة الاقتصاد الفرنسية وأعطونا لائحة بجميع البنوك التي قد توافق على العمل مع ايران. لكن لدى اتصالنا بهم، رد كل مصرف منهم سلبا».
وعقب التوقيع على الاتفاق النووي، تلقت ايران وعودا كثيرة بدخول الشركات الأجنبية على خط الاستثمار، لكن العديد منها امتنعت عن نقل أموالها فعليا إلى البلاد وفضلت التريث لمعرفة إن كان سيتم فرض العقوبات الأميركية مجددا.
وبحسب البنك الدولي، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ايران 3,4 مليارات دولار في 2016، وهو أقل بكثير من مبلغ 50 مليار دولار الذي حدده الرئيس الايراني حسن روحاني كهدف في العام الأول منذ ابرام الاتفاق.
وقال المحامي الدولي أردوان أمر-أصلاني الذي كتب عدة مؤلفات عن المنطقة ويملك مكتبا في طهران إن الاتفاق النووي شكل «خيبة أمل حقيقية».
وأضاف «بإمكانهم بيع النفط، حسنا، يكفي ذلك لدفع رواتب الموظفين والمحافظة على البنية التحتية لكنه لم يجذب حتى جزءا من الاستثمارات التي تحتاج اليها البلاد».
وأوضح أن «أعمالنا التجارية باتت هزيلة. وتوقفت جميع الاستثمارات الأجنبية. تم تجميد حتى الكميات الضئيلة التي وعدنا بها».
من جهتهم، يتهافت الايرانيون للقفز من «المركب الغارق». اذ ذكرت احدى العائلات الثرية أنها نقلت كامل ثروتها من البلاد هذا الأسبوع قبيل قرار ترامب بعدما خسرت الملايين حتى الآن بسبب تراجع الريال الذي فقد ثلث قيمته أو أكثر مقابل الدولار هذا العام.
ويصعب التحقق من الأرقام لكن محللين ومسؤولين أفادوا أنه تم اخراج بين 10 إلى 30 مليار دولار من البلاد خلال الأشهر الأخيرة.
ويعتبر مسؤولون ايرانيون ذلك انتهاكا سافرا للبند 29 من الاتفاق النووي الذي يلزم الولايات المتحدة ضمان «تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع ايران».
لكن واشنطن تصر على أنها لم تتعهد قط رفع العقوبات غير النووية المرتبطة بمسائل كحقوق الإنسان وبرنامج طهران الصاروخي، اللذين كانا يعرقلان قطاع التجارة حتى قبل وصول ترامب إلى السلطة. ولا يبدو أن للرئيس الأميركي علاقة بالكثير من المشاكل التي تعاني منها ايران.
فالقطاع الخاص يعاني من غياب الاستثمارات فيما النظام المصرفي مشلول بفعل القروض السيئة بينما مستويات البطالة القياسية تعني أن ثلث الشباب البالغة أعمارهم أقل من ثلاثين عاما لا يعملون.
وحاول روحاني تعزيز الشفافية والاستثمار، لكن التظاهرات التي خرجت في ديسمبر و يناير كشفت عمق الغضب تجاه التقدم المحدود الذي حققه.
وكتب استاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا التقنية المتخصص بالاقتصاد الايراني في مقال لـ»بروجيكت سنديكايت» أن «معظم اللوم لاداء ايران الباهت يوجه إلى فريق روحاني الاقتصادي الذي ثبت أنه لا يجاري المشكلات الاقتصادية المتنامية».
وقال إن جهود روحاني لقيادة ايران نحو اقتصاد موائم أكثر للسوق وقادر على التفاعل مع العالم باتت تواجه خطر «التوقف تماما» ليحل محلها «اقتصاد المقاومة» الخاضع لسيطرة شديدة والمركز على الداخل الذي يفضله خصومه في التيار المحافظ.
وأشار أمير-أصلاني إلى أن «المحافظين لا يرغبون بالتفاوض على مسألة الصواريخ أو الإقرار بانخراطهم في دول أخرى في الشرق الأوسط. حتى لو بقي ترامب (في الاتفاق)، ستكون هناك أربعة شهور إضافية من المفاوضات مع الأوروبيين التي لن تقود إلى شيء».
وأضاف «التضخم يزداد وتأمين فرص العمل يتراجع. وفي نهاية المطاف، إنها كارثة اقتصادية».
اقتصادات الخليج الكبرى قد تربح شيا
مع ارتفاع أسعار النفط، يبدو أن الدول العربية الكبرى في منطقة الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية تتجه لتحقيق مكاسب مالية وسياسية من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
وقال دبلوماسيون إن السعودية كانت ترغب في هبوط أسعار النفط في ظل تخمة المعروض عام 2014، وذلك لأسباب من بينها أن انخفاض سعر الخام يقلص دخل خصمها اللدود إيران ويحد من قدرة طهران على تمويل حروب بالوكالة ضد مصالح المملكة في المنطقة.
كان تلك مفاضلة صعبة أضرت أيضا بالاقتصاد السعودي. أما الآن، فقد بات الوضع مثاليا للرياض، إذ يبدو أن قرار ترامب سيقلص على الأرجح دخل إيران النفطي في الوقت الذي سيفسح فيه المجال أمام دول الخليج العربية لتعزيز صادراتها من الطاقة. وقالت مونيكا مالك كبيرة المحللين الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري إن ذلك قد يعود بالنفع على برنامج الإصلاح السعودي الطموح، الذي يهدف إلى خلق فرص عمل وصناعات جديدة فضلا عن خفض عجز ضخم في موازنة الدولة.
وأردفت قائلة «ربما تتمكن السعودية من البدء في زيادة إنتاجها النفطي في وقت أضحت فيه أسعار النفط مرتفعة بالفعل. هذا يوفر لهم مزيدا من الأموال لدعم برنامجهم الاستثماري بينما يتقلص العجز».
وأقر مسؤول اقتصادي في دولة الإمارات بأن قرار ترامب قد يساعد الاقتصادات العربية المصدرة للنفط. وأبلغ المسؤول رويترز أن ارتفاع الدخل النفطي من شأنه تعزيز السيولة في القطاع المصرفي الإماراتي، وهو ما يساعد القطاع المالي بأكمله على الرغم من أي تصاعد للتوترات السياسية المرتبطة بإيران.
وسيتوقف الأثر الواقع على صادرات النفط الإيرانية على كيفية تعاطي المشترين في آسيا وأوروبا مع العقوبات الأمريكية، والتي قد تظل غير واضحة لأشهر. لكن محللين يتوقعون أن إنتاج إيران النفطي قد يهبط بما يتراوح بين 300 ألف ومليون برميل يوميا من نحو 3.8 مليون برميل يوميا.
ومن المتوقع أن تسد السعودية جزءا كبيرة في تلك الفجوة. فقد أوضح مسؤول سعودي في قطاع الطاقة يوم الأربعاء أن الرياض ربما تزيد إنتاجها لتعويض أي نقص في المعروض.
وتوقعت مالك ارتفاع الإيرادات النفطية السعودية، التي بلغت 440 مليار ريال (117.3 مليار دولار) في 2017، بما يتراوح بين سبعة وتسعة بالمئة عن المستوى الذي كانت ستصل إليه بدون قرار ترامب هذا العام.
وبناء على تلك التقديرات، من المفترض أن يبلغ متوسط إنتاج النفط السعودي 10.20 مليون برميل يوميا هذا العام بدلا من 9.94 مليون برميل يوميا، وأن تؤدي التوترات الجيوسياسية المتزايدة إلى ارتفاع متوسط أسعار الخام هذا العام ثلاثة دولارات للبرميل.
أزمة
بطريقة أو بأخرى، وربما على نطاق أضيق، يعد قرار ترامب خبرا سيئا لبعض دول الخليج. فالدول الأوروبية تحاول المحافظة على الاتفاق النووي لكنه قد ينهار تماما مما يثير مخاطر تزايد حدة الصراع في المنطقة.
وقال مصرفي إماراتي «هذا سيؤثر على نظرة المستثمرين الأجانب للمنطقة. سيكون هناك المزيد من السلبية وتسليط أكبر للضوء على المخاطر».
هبطت معظم أسواق الأسهم في المنطقة يوم الأربعاء وهوى المؤشر السعودي 1.7 بالمئة بعدما قالت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران إنها أطلقت صواروخ باليستية على الرياض. وقالت السلطات السعودية إنها اعترضت الصواريخ.
وقد تعاني دبي، وهي مركز تقليدي للأنشطة الإيرانية، في الوقت الذي أصبحت فيه الشركات أكثر حرصا في المعاملات التجارية مع إيران لأنها ترى مخاطر أكبر لوقوعها تحت طائلة إجراءات قانونية أمريكية. وتعادل صادرات الإمارات لإيران نحو خمسة بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي.
كذلك قد تعاني سلطنة عمان، التي كانت تأمل بأن تدعم الاستثمارات الإيرانية خطط التوسع الصناعي. ففي العام الماضي وقع البنك المركزي العماني مذكرة تفاهم مع نظيره الإيراني بهدف تعزيز التجارة.
غير أنه من المتوقع أن يستمر جزء كبير من التجارة مع إيران، ربما من خلال اتفاقات المقايضة التي ازدهرت في ظل العقوبات التي كانت مفروضة قبل أن يدخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ في عام 2016.
وبعيدا عن دبي وسلطنة عمان، فإن دول الخليج الثرية المصدرة للنفط لا تربطها بإيران سوى علاقات استثمارية وتجارية محدودة جدا، وهو ما يعني أن هذه الدول لن تخسر كثيرا.
وهبطت أسهم صافولا السعودية المتخصصة في إنتاج الأغذية، وهي واحدة من الشركات الخليجية القليلة التي تملك عمليات تصنيع كبيرة في إيران، 2.3 بالمئة فقط يوم الأربعاء لتظل مرتفعة 2.3 بالمئة منذ بداية العام، بما يشير إلى أن المستثمرين لايتوقعون كارثة لأنشطتها الإيرانية.
لكن هبوط الريال الإيراني إلى مستويات قياسية مقابل الدولار في السوق الحرة للعملة يوم الأربعاء أظهر أن الكثير من الإيرانيين يتوقعون أوقاتا اقتصادية عصيبة.
وقبل قرار ترامب بوقت كبير، كان الاقتصاد يعاني من ارتفاع معدل البطالة، الذي تشير التقديرات إلى قربه من 30 بالمئة أو أكثر من ذلك بين الشباب، ونظام مصرفي مثقل بالديون ربما يشارف على الإفلاس.
وينذر القرار الأمريكي بانخفاض دخل إيران من الصادرات وانحسار قدرتها على الحصول على العملة الصعبة. ويتوقع محللون أن تظل الصادرات النفطية أعلى مما كانت عليه قبل عام 2016، ومن ثم قد يتمكن الاقتصاد من شق طريقه، لكن مشكلات البنوك تعني أن حدوث أزمة مالية ليس بالأمر المستحيل.
وقال مهرداد عمادي، وهو خبير اقتصاد إيراني يرأس إدارة تحليل مخاطر الطاقة لدى شركة بيتاماتريكس للاستشارات في لندن، إن الاضطرابات في سوق العملات تشبه بطريقة ما حالة عدم الاستقرار التي شهدتها فنزويلا هذا العام وأزمة العملة التي حدثت في الأرجنتين عام 2002.
وعلق قائلا «الأمر ببساطة هو أن الاقتصاد مثل شاحنة عملاقة عليها حمولة ثقيلة وتسير بمحرك دراجة».