التعامل بالحزم مع المواقف التي تمس قضية الصحراء لاسيما مع الشركاء الغربيين أظهر جدواه

عرفت الديبلوماسية المغربية في عهد محمد السادس تسجيل العديد منن اختراقات ، لا سيما في قضية الصحراء المغربية، تمثلت في الاعترافات المتتالية بمغربيتها أو مساندة الحكم الذاتي أو فتح القنصليات الخ الخ ، في نظركم ما هي طبيعة العقيدة الديبلوماسية المغربية الحديثة ؟

مر عهد الملك محمد السادس في ما يخص تدبير السياسة الخارجية المغربية بمرحلتين: الأولى عندما اتسم النظام الدولي بأحادية قطبية مفرطة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وما صاحب ذلك من تحديات سياسية وأمنية كبيرة، وعلى رأسها غزو العراق وأحداث 11 سبتمبر 2001. في هذه المرحلة لم يكن للمغرب باعتباره دولة متوسطة إلى محدودة الإمكانات هامشا واسعا للمناورة والمبادرة، لذلك حاول تدبير هذه المرحلة ببراغماتية، متناغما في بعض القضايا مع حلفائه الغربيين لكن مع الحرص على أولوية المصالح الوطنية الحيوية وعلى رأسها قضية الصحراء. لم يكن تطور هذه المرحلة خطيا، بكل شابتها مناوشات، وشد وجذب، لكن عموما حافظ المغرب إلى حد ما على قواعد السياسية الخارجية المغربية التقليدية. كان التركيز في هذه المرحلة الأولى على القضايا الداخلية، ولم يتفاعل المغرب بشكل كبير مع الأحداث الدولية والإقليمية. ومن مظاهر ذلك عدم مشاركة المغرب في السنوات الأولى من حكم الملك محمد السادس في المؤتمرات الدولية والعربية بوفود رفيعة المستوى.
أما المرحلة الثانية فتبدأ مع ظهور البوادر الأولى لمشهد دولي متعدد الأقطاب مما أتاح للمغرب هامشا واسعا للمبادرة وتنويع الشركاء، وأيضا التعامل بجدية وندية مع حلفائه الغربيين عندما يكون هناك مس بقضاياه الحيوية، وقد شاهدنا ذلك مع أمريكا في عهد باراك أوباما في 2013، ومع السويد 2015، ومع إسبانيا وألمانيا في 2021، وحاليا فرنسا. وقد سمحت بنية النظام الدولي الجديدة للمغرب بالمبادرة لتعزيز حضوره في بعض الفضاءات الإقليمية المهمة للمغرب، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال تنويع حضوره الإفريقي على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية… وحصوله على عضوية منظمة الاتحاد الإفريقي، والمساعي الحميدة بين الفرقاء الليبيين…
أما فيما يتعلق بعقيدة السياسة الخارجية المغربية الحالية، فتجدر الإشارة إلى أن هناك خلافا كبيرا حتى في أمريكا حول مدى امتلاك هذه الأخيرة لعقيدة في السياسة الخارجية أو ما يسمى «الاستراتيجية الكبرى» (Grand Strategy) رغم حيازتها لموارد هائلة في المجالين الخارجي والعسكري، لذلك يمكن القول أنه من الصعب الحديث عن وجود هذه الاستراتجية الكبرى لدى المغرب، ولكن يمكن وصف السياسة الخارجية المغربية بأنها سياسة الوضع القائم، حيث يسعى المغرب إلى الحفاظ على موقعه في النظامين الإقليمي والدولي وتعزيزه بتدرج وبراغماتية مع الحرص على عدم التسبب في اختلال توازن القوى القائم، والاستعداد الدائم لرد الفعل عندما تمس القضايا الحيوية للمغرب.

عرفت الفترة التي نحن بصددها لحظات من التوتر الدولي ( مع أمريكا، مع ألمانيا وفرنسا واسبانيا)، أعقبتها فترات تعاون متقدم، ما هي الدروس المستقاة من هذا المسار وأي تطلعات ترونها تليق بالمغرب مستقبلا؟

رغم أن المغرب كان يحسب دائما على المعسكر الغربي، فإن علاقاته مع شركائه الغربيين لم تكن دائما مثالية، بل كانت تكتنفها في الكثير من الأحيان المشاكل، لكن عموما كانت هذه العلاقات تحكمها إلى حد كبير المصالح المتبادلة وطبيعة النظام الدولي في كل مرحلة أكثر من ”القيم المشتركة“. إذا كان المغرب تناغم إلى حد ما خلال الحرب الباردة مع الاستراتيجيات الغربية، فإنه سيجد نفسه خلال مرحلة الأحادية القطبية بعد تفكك الاتحاد السوفياتي أمام خيارات محدودة جدا، لذلك انخرط مع هذه الدول الغربية في بعض القضايا الدولية الكبرى مثل الحرب ضد الأرهاب وبعض مبادرات التطبيع مع إسرئيل، لكن خلال السنوات الأخيرة مع بروز نظام متعدد الأقطاب ستتحرر السياسية الخارجية والدبلوماسية المغربية من الكثير من قيود الحرب الباردة والأحادية القطبية، وبدأ المغرب يطالب حلفاءه باتخاذ مواقف واضحة من قضية الصحراء، وأي محاولة لابتزازه بهذه القضية يكون الرد سريعا وحاسما، مما تسبب في أزمات دبلوماسية مع عدد من الدول الغربية.
ومع ما يلاحظ على ردود الفعل المغربية ضد هذه الدول، وأحيانا كانت تبدو وكأنها مغامرة، لكنها كلها أعطت نتائجها على الأقل في الأمد المنظور: فقد سحبت أمريكا مقترح توسيع صلاحيات المينرسو في 2013، وراجعت السويد طريقة تعاملها مع قضية الصحراء منذ أزمة 2015، وعدّلت إسبانيا موقفها من قضية الصحراء حيث أصبح موقفها الآن متقدما جدا، وراجعت ألمانيا طريقة تعاطيها مع ما يرتبط بقضية الصحراء وتتعامل معها حاليا بحذر، وتحاول فرنسا حاليا بكل الطرق ترضية المغرب… يمكن القول إن هذه المنهجية في التعامل بالحزم مع المواقف التي تمس قضية الصحراء لاسيما مع الشركاء الغربيين أظهرت حتى الآن جدواها. هذا هو الدرس الأساسي، وهو نتيجة لتكييف المغرب لمنهجية تعامله مع حلفائه حيث أصبح يتعامل معهم بندية وفق ما تتيحه بنية النظام الدولي الحالي.

ما هي عمق التحولات التي أدخلها محمد السادس على العلاقات المغربية الدولية مقارنة مع ما كانت عليه(الشراكات المتنوعة، التعاون العربي..)؟

بالإضافة إلى ما أشرت إليه في جوابي على السؤال الأول والذي رصدت فيه بعض معالم التطور في السياسة الخارجية المغربية خلال العقدين الأخيرين وكيف تكيفت مع تغيرات بنية النظام الدولي، يمكن القول بأن هناك استمرارية وتغير في الآن ذاته. أهم عنصر في الاستمرار يتمثل في طبيعة صنع القرار الاستراتيجي المغربي، حيث أن صنع السياسة الخارجية المغربية كان ولا يزال مجالا محفوظا وحصريا للمؤسسة الملكية، وأقصد اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وبلورة المواقف السياسية، وليس التدبير اليومي للعلاقات الدولية والدبلوماسية للمغرب. وثانيا، لا تزال تعتلي قضية الصحراء سلم أولويات السياسية الخارجية، وهذا أمر منطقي، لأن قضية الصحراء هي مسألة حيوية ووجودية بالنسبة للمغرب. وثالثا، هناك أيضا الاحتفاظ بالكثير من القواعد التقليدية للدبلوماسية المغربية التي ترسخت عبر قرون من الممارسة والتفاعل مع المحيط الخارجي، والتي ساهم في بلورتها الموقع الجيوسياسي للمغرب وطبيعة التهديدات المحيطة بجواره الإقليمي.
أما من حيث التغيير، فيتعلق أساسا بتصور صانع القرار للتحولات الدولية، معنى أن هناك نظاما دوليا في حركية دائمة، وبالمقابل كيف يتصوره صانع القرار ويقيمه. وفي هذا المستوى قد نرصد تغييرات كثيرة في منهجية تعامل المغرب خلال العقدين الأخيرين، مثل عدم التعويل كثيرا على دبلوماسية القمم التي عُرف بها المغرب في الماضي، فقد أصبح المغرب واقعيا أكثر في هذا الأمر. أيضا أُعطي للبعد الاقتصادي أولوية كبيرة، سواء لجذب الاستثمارات الأجنبية كما كان في السنوات الأولى، ثم انتقل بد ذلك إلى أن صار المغرب من أهم المستثمرين في إفريقيا، ويوظف بعض الآليات الاقتصادية، مثل المكتب الشريف للفوسفاط والاستثمارات في القطاعات البنكية والاتصالات وغيرها، في سياسته الخارجية… بمعنى آخر، أصبحت السياسة الخارجية المغربية أكثر واقعية وبرغماتية.

 تحتل إفريقيا مركزا هاما في التوجهات الجديدة للدبلوماسية المغربية، ما هي الأهداف والخلفيات التي تتحكم في هذا الاختيار، علما أن العلاقة ظلت مقطوعة مع مؤسساتها الى حدود 2017 سنة عودة البلاد الى الاتحاد الافريقي؟

بالإضافة لبنية النظام الدولي الحالي، وأهداف المغرب المتنوعة، وإمكانات القارة الغنية، فإن هناك عنصرا آخرا يساعدنا في فهم التوجه المغربي النشيط نحو إفريقيا، ويتعلق الأمر بالوضع العام في الفضاء المغاربي. ذلك أن جمود مشروع الاتحاد المغاربي، والأزمة السياسية المستعصية مع الجزائر، وعدم الاطمئنان أيضا لمستقبل علاقات المغرب مع باقي الدول المغاربية وخاصة ليبيا وتونس، دفع المغرب للبحث عن فضاءات أخرى للحركة وتنمية مصالحه. لا تشكل الفضاءات الإفريقية بالضرورة بديلا عن الفضاء المغاربي، بل يمكن أن تكون عاملا مكملا، وأيضا دافعا للعودة بقوة مستقبلا إلى جواره الإقليمي القريب عندما تسمح الظروف.
وتجدر الإشارة إلى أن قضية الصحراء لم تعد تشكل قيدا على السياسة الخارجية المغربية الجديدة تجاه إفريقيا، حيث صار المغرب يتعامل ببرغماتية بحيث يفصل بين مواقف الدول الإفريقية من قضية الصحراء وشراكاته معها، وهذه المنهجية الجديدة هي التي أثمرت الاتفاق الاقتصادي الاستراتيجي الطموح مع نيجيريا لبناء أنبوب الغار الذي سيربط إفريقيا بأوروبا.
ورغم ما يلاحظ من غياب التناسب بين طموحات المغرب الكبيرة في القارة الإفريقية من جهة وقدراته المحدودة من جهة أخرى، فإن سياسته الإفريقية خلال السنوات الأخيرة هي الأنجح مقارنة بسياساته تجاه باقي الفضاءات الجيوسياسية.

أطلق مغرب محمد السادس العديد من المبادرات الافريقية ( الواجهة الاطلسية، دول الساحل …) ما هو الخيط الناظم في هاته المقاربة وأي مستقبل لها في نظرك؟

الخيط الناظم لكل مبادرات المغرب تجاه إفريقيا جنوب الصحراء، ولاسيما منطقة غرب إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، أنه يطمح أن يكون فاعلا أساسيا في القارة من خلال تعزيز نفوذه وتأثيره. فبالإضافة إلى الأهداف المتنوعة التي يسعى لتحقيقها، والتي تصب كلها في تعزيز مكانة المغرب باعتباره فاعلا أساسيا،فإن إمكانيات إفريقيا الكثيرة والمتنوعة تجعل منها قارة المستقبل، ولا بد لأي دولة طموحة أن تكون لها استراتيجية مستقبلية تجاه القارة وتعبئ مواردها من أجل تحقيقها. ويمثل تعزيز النفوذ الإقليمي للمغرب في القارة الإفريقية حصيلة لباقي أهداف سياسته الخارجية الإفريقية وضمانةلها على الأمد البعيد في الآن ذاته.
وفي هذا السياق طرح المغرب مبادراته الأطلسية في ديسيمبر 2023، وخاصة دعوته لتمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي. وقد تزامنت هذه المبادرة المغربية بموجة من التغييرات السياسيات العميقة في بعض دول الساحل التي عدلت بوصلة سياستها الخارجية خلال السنوات القليلة الأخيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المغرب انضم إلى المبادرة الأمريكية ”الشراكة من أجل التعاون الأطلسي“ التي أُعلن عنها في سبتمبر 2023، والتي انخرطتفيها حتى الآن 39 دولة من إفريقيا والأمريكتين وأوروبا والكاريبي. ولا شك أن المغرب بانضمامه إلى هذه المبادرة الأخيرة يطمح أن يوسع حضوره في الفضاء الأطلسي عموما، مما سينعكس ذلك إذا نجح هذا المشروع على موقعه في القارة الإفريقية.
بغض النظر عن حظوظ نجاح هذه المبارات من عدمها، فإن مجرد طرحها، أو الانخراط في ما يطرحه باقي الشركاء والتفاعل الإيجابي معها، يعزز مكانة المغرب في هذا الفضاء باعتباره فاعلا ولاعبا أساسيا.

كيف تستشرف وضع منطقة الساحل والصحراء في المستقبل القريب باستحضار وضع المغرب؟

باتت منطقة الساحل والصحراء اليوم ساحة تنافس بين القوى الدولية والإقليمية لأهميتها الاقتصادية والجيوسياسية المتنوعة، ويصعب توقع مستقبلها أمام هذا التنافس الشرس، والذي قد يتحول إلي صراع، أو حرب بالوكالة إذا انفلت الأمور من عقالها. هذه المنطقة لا تزال حبلى بالتطورات، لعل آخرها هو قيام المجالس العسكرية في كل من النيجر ومالي وبوركينافاسو مؤخرا بالتوقيع على معاهدة إنشاء ”تحالف دول الساحل“ مما يطرح أسئلة كبيرة بشأن تأثيره عل مكانة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وقدرة الأنظمة المؤسسة للتحالف الجديد على ضمان استمراره لاسيما وأنها مجالس انتقالية… بصرف النظر عن عدم اليقين الذي يرخي بظلاله على مستقبل منطقة الساحل والصحراء التي قد تجد نفسها غدا أمام أسوء الاحتمالات، فإنه نظرا لأن هذه المنطقة، بالإضافة إلي غرب إفريقيا، تشكل عمقا استراتيجيا مهما للمغرب، وتربطه بها علاقات تاريخية، فينبغي أن يظل لاعبا أساسيافيها من خلال الانخراط في كافة الديناميات السياسية والأمنية والاقتصادية، لأن أي ضعف لحضور المغرب هناك سيكون في صالح منافسيه الدوليين والإقليميين. ويجدر التذكير في هذا السياق سعي الجزائر الدؤوب لإقصاء المغرب من هذا الفضاء بدعوى أنه بلد غير صحراوي، لذلك فإن تعزيز المغرب لموقعه في هذه المنطقة ستكون له نتائج كثيرة بعضها مباشرة، وبعضها غير مباشرة مثل تكريس المغرب باعتباره بلدا ينتمي جغرافيا إلى هذا الفضاء. بعنى آخر، فإن ضبابية مستقبل هذه المنطقة لا يبرر الانسحاب منها، وليس للمغرب خيار آخر غير الاستمرار في تعزيز حضوره فيها.

يلاحظ بعض الباحثين والمتتبعين الديبلوماسية المغربية آنها لا تعرف مستشارين من النوع الذي يجعلها ترتبط بهم (كيسنجر في الولايات المتحدة مثلا )، كيف يشتغل الملك، في الحقل الديبلوماسي المحفوظ له في مجال يتلهب تعدد الشراكات والدول والحكام …؟

أظن أن المسألة أوسع من وجود أو غياب مستشارين متخصصين في الشؤون الخارجية والاستراتيجية، بل في غياب ما يمكن الاصطلاح عليه جماعة أو مجتمع السياسة الخارجية بالمغرب، كما هو الشأن في الدول المتقدمة، كالولايات المتحدة،. تشمل هذه الجماعة المفترضة كل الذين يكون شغلهم الأساسي الشؤون الدولية سواء أكانوا موظفين أو مستشارين رسميين، أو باحثين أكاديميين أو مستقلين، أو صحافيين … إذا قمنا بجرد فقد نحصل على لائحة واسعة، لكن عند التدقيق والتمحيص سنجد القلة القليلة ممن يمكن وصفهم حقا بالمتخصصين بالعلاقات الدولية أو السياسة الخارجية المغربية، رغم هذا العدد المهم من الجامعات المغربية ومراكز البحث والتفكير، ويمكن العودة في مناسبة لاحق للحديث عن هذه الإشكالية.
على المستوى الرسمي، إذا كان الملك الراحل الحسن الثاني كان يحظى بوجود مستشارين في الشؤون الخارجية ذوي كفاءات عالية ومعرفة واسعة بالقضايا الدولية حَنَّكتهم التجربة الطويلة في المساعدة في تسيير شؤون الحكم إلى جانب الملك على رأسهم رضا كديرة وأحمد بن سودة وعبد الهادي بوطالب وغيرهم. وكانت لهم شبكة واسعة من العلاقات مع المسؤولين الأجانب على الصعيدين الإقليمي والدولي. ويمكن أن نعرف سعة اطلاعهم على خبايا الحياة الدولية وعمق فهمهم لقضاياها في كتاباتهم وتصريحاتهم. (…)لا شك هناك جيش من الموظفين في البلاط الملكي، وهناك بالتأكيد المكلفون بالشؤون الدولية، لكن للأمانة العلمية لا أعرف أحدا يمكن أن يوصف بالمنظر أو الاستراتيجي، ويسري الأمر ذاته على وزارة الخارجية. أكاد أجزم أن أغلب من يشتغل في الشؤون الدولية والخارجية في الدوائر الرسمية، هم أقرب إلى الخبراء والتقنيين، أكثر من الاستراتجيين والمنظرين.

سعيد الصديقي
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن بعد الله بفاس


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 29/07/2024