بادرت لجنة الشؤون السياسية والمؤسساتية والحقوقية المنبثقة عن المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى عقد لقاءات مع الوزراء الاتحاديين قصد اطلاع أعضاء اللجنة، ومن خلالهم أعضاء المجلس الوطني، على حصيلة عملهم وخلق فرصة لأعضاء اللجنة للأدلاء بملاحظاتهم وآراءهم، وذلك حرصا على تكريس فضيلة التواصل بين الاتحاديات والاتحاديين وعلى اقتسام المعلومة وتشجيع مبدأ الديمقراطية التشاركية في بناء التصورات والأفكار والمقترحات من أجل تحقيق النجاح والتفوق في المهام المنوطة بالوزراء الاتحاديين في الحكومة.
وتتزامن هذا اللقاءات، التي خصص أحدها، أول أمس الأحد بالمقر المركزى، لمحمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، مع انتهاء نصف الولاية الحكومية والتي قدم فيها رئيس الحكومة عرضا حول الحصيلة الحكومية أمام البرلمان، وبهذه المبادرة المتميزة التي قامت بها اللجنة يكون حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أول حزب يقوم بهذه العملية قصد إجراء تقييم موضوعي لحصيلة وزرائه داخل الحكومة، وهذا ليس بغريب على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ينهل من الهُوية الاشتراكية المعتمدة على عدد من المبادئ وفي مقدمتها التضامن والمساواة والحوار الديمقراطي والديمقراطية التشاركية والحرية والكرامة… في مستهل هذا اللقاء، الذي حضره أعضاء اللجنة وبعض الفعاليات الحزبية، ألقى عبد الحق عندليب، رئيس اللجنة، كلمة أكد فيها أن هذه المبادرة تمكن المناضلين من الاطلاع على حصيلة الوزراء الاتحاديين ومن شأنها كذلك تكريس فضيلة التواصل والحرص على اقتسام المعلومة بينهم، وكذا التشجيع على تفعيل مبدأ الديمقراطية التشاركية في بناء التصورات والأفكار والمقترحات من أجل تحقيق النجاح والتفوق في المهام المنوطة بالوزراء الاتحاديين في الحكومة.
واغتنم عندليب الفرصة، للتعبير عن الشكر والامتنان للأخت رقية الدرهم، كاتبة الدولة في التجارة الخارجية والإخوة محمد بنعبد القادر وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية وعبد الكريم بنعتيق، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، على استجابتهم للدعوة في تنظيم هذه اللقاءات، منوها في نفس الوقت بالدعم والتشجيع والتوجيه والمواكبة التي قام بها الكاتب الأول إدريس لشكر منذ تأسيس هذه اللجنة وسكرتاريتها.
وكشف عندليب، بهذه المناسبة، أن اللجنة عقدت عدة اجتماعات وحددت مجموعة من الأهداف المراد تحقيقها والتي تروم ،بالأساس، الارتقاء بالوعي والقدرات والمؤهلات السياسية لدى الاتحاديات والاتحاديين، للنهوض بمهامهم التأطيرية داخل المجتمع وكذلك في مختلف الواجهات ومؤسسات تدبير الشأن العام والمحلي، وترجمة توجهات الحزب الإصلاحية على أرض الواقع وإنجاح مبادراتهم في هذا المجال.
وأكد رئيس اللجنة، بخصوص اللقاء الأول مع الوزير الاتحادي محمد بنعبد القادر، أن قطاع إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية من أهم وأخطر القطاعات الحكومية في تدبير شؤون الدولة، لذلك نتغيى، من خلال هذا اللقاء، حمل أسئلة وهموم وانشغالات المناضلين الاتحاديين في مختلف الأقاليم والتي ستتمحور حول : فلسفة ومرتكزات إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية والارتكاز على البرنامج الذي قدمه الحزب في انتخابات 7 أكتوبر 2016 ثم الإجراءات والتدابير العملية الملموسة الكفيلة بتقريب الإدارة من المواطنين والذي طالما رفعته الدولة منذ عقود، بالإضافة الى ورش الجهوية الموسعة وورش اللامركزية واللاتمركز باعتبارهما رافعة لتحقيق النموذج الجديد للتنمية.
هذا فضلا عن مواضيع تهم تخليق الإدارة العمومية، قضية مراجعة القانون الأساسي للوظيفة العمومية والقوانين الخاصة بالقطاع العمومي، والعدالة الأجرية، قضية تحقيق التوازن بين حقوق وواجبات الموظف، ثم إصلاح نظام التقاعد واستمرار إشكالية أداء المتقاعدين للضرائب على معاشاتهم، قضية التعاقد بالتوظيف، والساعة الإضافية…
وقبل أن يتناول الكلمة محمد بنعبد القادر، تقدم أحمد العاقد،عضو المجلس الوطني للحزب والمشرف على إعداد البرنامج الانتخابي سنة 2016، للتذكير بتصور الحزب في مجال إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، وذلك انطلاقا مما جاء في البرنامج الانتخابي الذي دخل به حزب الاتحاد الاشتراكي الانتخابات التشريعية في7 أكتوبر 2016.
وذكر العاقد أن البرنامج الانتخابي للحزب يعد ثمرة عمل ومجهود جماعي لعدد من المناضلات والمناضلين وعصارة أفكار سياسية واقتصادية واجتماعية لعدد من الندوات واللقاءات الفكرية لإفراز مشروع مجتمعي شامل ومتكامل يتوخى نموذجا تنمويا جديدا للبلاد.
وسجل العاقد أن البرنامج الانتخابي للحزب كان متميزا وقد أثبتت الساحة السياسية بُعد نظر الاتحاديات والاتحاديين وتصوراتهم لعدد من القضايا على أرض الواقع، باعتبار هذه القضايا شكلت أولى الأولويات، نذكر منها التوجه الاجتماعي للبرنامج الحكومي والذي كان أساسيا في برنامج الحزب ثم السبق للمناداة بنموذج تنموي جديد، فضلا عن الإصلاح الضريبي والجبائي وإصلاح الإدارة، حيث نجد أن البرنامج الاتحادي كانت له خمسة مرتكزات والبرنامج الحكومي هو الآخر له خمسة مرتكزات ويعتبر قطاع إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية ثاني هذه المرتكزات.
وذكر العاقد بأهم ماجاء به البرنامج الانتخابي للاتحاد في مجال إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية كرافعة للتنمية وأداة للاستجابة لتطلعات وحاجيات المواطنين، ودورها المحوري في جلب الاستثمارات الخارجية والدفع بالمقاولة المغربية، حيث تضمن البرنامج تشخيصا دقيقا للإدارة في المغرب، ومتطلبات إصلاحات تهم الحكامة وعقلنة الوضع الإداري وتأهيل النظم الإدارية المركزية والجهوية واعتماد مخطط للارتقاء بالموارد البشرية وإقرار برامج للتكوين والجهوية الموسعة وعلاقتها باللاتمركز الإداري.
وقبل أن يتقدم محمد بنعبد القادر، عضو المكتب السياسي للحزب ووزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، بعرض حول الحصيلة المرحلية لوزارته خلال نصف الولاية الحكومية، سجل في البداية أن هذه المبادرة عبارة عن تمرين جديد من أجل تقييم سياسي داخل الحزب، مثمنا ذلك باعتبار أن المبادرة عبارة عن لحظة سياسية لتأسيس رأي عام اتحادي داخلي يتقاسم الأفكار والتصورات بشكل موضوعي وله رؤية موحدة تنهل من منبع ومصدر المعلومة والمعطيات الصحيحة.
وأضاف بنعبد القادر أن مفهوم التقييم في التدبير العصري أصبح محورا أساسيا، بحيث لا يمكن اليوم تدبير قطاع أو وضع مشروع أو استراتيجية دون وضع محور يتعلق بالتقييم وأداوته، والتقييم يكون مرحليا، مذكرا هنا بأن التقييم فيه أنواع: تقييم تحصيلي الذي يحدد الربح والخسارة، تقييم تقويمي يسعى لتصحيح اختلالات معينة ثم تقييم تجويدي هدفه تحسين الجودة وأخيرا تقييم تشهيري.
وأشار الوزير الاتحادي إلى «أننا اليوم بصدد تقييم سياسي، وتعمدت فيه أن لا أوزع وثيقة تضم حصيلة ما، لأن التقييم السياسي الحزبي له منظوره الخاص المطلوب فيه أن يعتمد أساسا وأولا على المقتضيات الدستورية، ثانيا القراءة السياسية لتنفيذ السياسات العمومية ومدى تجاوبها مع المصلحة العليا للبلاد والمواطنين».
وأبرز المسؤول الحكومي الوصي على قطاع إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، في العرض الذي قدمه، أن المرجعيات الأساسية التي تحكمت في صياغة خطة وطنية لإصلاح الإدارة والنهوض بقطاع الوظيفة العمومية تتمثل في ثلاث: أولها المقتضيات الدستورية والتي نصت على إرساء الحكامة الجيدة وإقرار النزاهة والشفافية في التدبير مع تأهيل المرافق العمومية، ثانيا، البرنامج الحكومي في محور إصلاح الإدارة ومراجعة منظومة الوظيفة العمومية، وأخيرا المرجعية الحزبية.
وبالنسبة للخطة الوطنية لإصلاح الإدارة 2018 -2021 التي تقدم بها الوزير الاتحادي وتمت المصادقة عليها في المجلس الحكومي، فقد أكد أنها تعتمد في هدفها الأسمى مقاربة تحويلية مندمجة تتوخى إحداث تحولات أساسية في الإدارة المغربية بهدف خدمة المواطن والتنمية في البلاد، وترتكز على منهجية جديدة في تدبير الإصلاح، إذ تنبني على تحديد الأهداف والنتائج ومؤشرات نجاعة الأداء وضمان الالتقائية كما تروم تحقيق الإصلاح الشامل والارتقاء بمستوى أداء الإدارة العمومية وتعزيز قدراتها التدبيرية لتكون إدارة فعالة وناجعة وشفافة في خدمة المواطن والمقاولة وراعية للمرفق العمومي والمصلحة العامة.
وذكر بنعبد القادر بالتحولات الأساسية التي تهدف إليها خطة الإصلاح وهي أربعة تحولات، التحول التنظيمي الذي يهم ماهو هيكلي للإدارة المغربية وبنياتها المركزية والجهوية، وقطب الرحى في هذا التحول التنظيمي هو مشروع اللاتمركز الإداري، حيث تم إخراج ميثاق اللاتمركز الإداري بالإضافة الى مرسوم تصميم مديري نموذجي يهم اللاتمركز الإداري والذي من خلاله سيحدد21 قطاعا وزاريا الاختصاصات والموارد البشرية التي يمكن نقلها من المركز إلى الجهات. كما ذكر أن الوزارة بصدد تفعيل البرنامج الوطني لتحسين فضاءات الاستقبال بالإدارات المغربية.
والتحول الثاني يهم التحول التدبيري، إذ تم إعداد مشروع ميثاق المرافق العمومية وهو معروض على الحكومة ثم إصلاح الوظيفة العمومية ويشكل في هذا التحول تدبير الموارد البشرية بشكل عصري من أجل تعزيز المكتسبات وتعبئة الكفاءات وليس تدبير المسارات المهنية وإقرار التكوين حجر الزاوية في ذلك.
ثم التحول الرقمي الذي يهم رقمنة الإدارة المغربية، مذكرا في هذا الصدد بأنه تقدم بمشروع قانون مع الوزير مولاي حفيظ العلمي حول رقمنة الإدارة المغربية والذي سيبرمج لاحقا في المجلس الحكومي، حيث سيشكل هذا القانون طفرة نوعية في الإدارة المغربية وستنتقل من العهد الورقي إلى عهد الرقمنة والمعطيات الالكترونية من خلال إقرار هذه التشريعات لملء الفراغ القانوني الحاصل في هذا المجال.
ثم التحول التخليقي للإدارة العمومية مذكرا في هذا الباب أن الاتحاد الاشتراكي كان سباقا في هذا الإطار وذلك مع حكومة التناوب التي قادها عبد الرحمان اليوسفي، مسجلا أنه تم إصدار المرسوم المتعلق بإحداث اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد06 نونبر 2017 ثم تفعيل قانون 13.31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات بالإضافة إلى الاشتغال على مشروع قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من أجل توسيع اختصاصاتها وصلاحياتها فضلا عن إصدار تقرير سنوي عن الحصيلة المرحلية لمحاربة الفساد من طرف اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد والتي تتولى الوزارة وسكرتاريتها إعداد مدونة لأخلاقية الموظف.
كما تفاعل محمد بنعبد القادر مع أكثر من 20 تدخلا لاعضاء اللجنة همت التوقيت المستمر والساعة الإضافية، ثم قضية التعاقد التي أثارت ضجة كبيرة في المجتمع، بالإضافة إلى جيوب المقاومة في تنفيذ الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، كما قدم توضيحات في عدد من القضايا المتعلقة بنتائج الحوار الاجتماعي والمطالب الفئوية التي تهم الأطر المشتركة للإدارة.