لم يسعف الالتزام الدستوري ولا النوايا المعلنة من طرف الحكومة في أن تتبوأ نساء المغرب المنزلة المستحقة في المساواة مع الرجال، آخر التقارير الدولية الصادرة عن المنظمة البريطانية « تدابير متساوية 2030 « التي تشتغل على أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، صنفت المغرب في المرتبة 88 من أصل 129 دولة بناء على مؤشر المساواة بين الرجل والمرأة ، ورغم بعض المكتسبات التي تحققت لفائدة النساء والفتيات ببلادنا، فإن المغرب لم يحصل على العتبة المطلوبة لتحسين موقعه، إذ حصل على تنقيط 59,3، أي أقل من المتوسط وهو 65,7، فيما كان عليه تجاوز الدرجة 90 ليحصل على تصنيف ممتاز … التقرير الجديد للمنظمة البريطانية يضع السياسات العمومية للحكومة المغربية على المحك، بل ويسائل حصيلة البرامج الملتزم بها ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي تضع ضمن أهدافها تحقيق المساواة بين الجنسين . وفي هذا السياق لم يخف المجلس الأعلى للحسابات انتقاده لأداء الحكومة في تقريره الموضوعاتي، مطلع السنة الجارية، حول مدى جاهزية المغرب لتنفيذ الأهداف 17 للتنمية المستدامة 2015-2030 والتي تأتي المساواة بين الجنسين ضمن هدفها الخامس .. وهي الأهداف التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 شتنبر 2015 (قرار رقم 1/70) ، والتي تندرج ضمن خطة عالمية تحمل شعار « تحويل عالمنا : خطة التنمية المستدامة في أفق 2030 « استمرارا للزخم الذي انطلق مع أهداف الألفية للتنمية. وتعتمد هذه الخطة العالمية على مقاربة مندمجة تأخذ بعين الاعتبار المكونات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية .. و للتذكير فقد تمت المصادقة على خطة 2030 من طرف جميع الدول بما فيها المغرب والذي يتعين عليه تكييفها وفقا لاحتياجاته الخاصة مع ضمان إجراء مقارنة دولية خاصة بين البلدان . هذا وقد اعتبر القرار 1/70 الأهداف 17 للتنمية المستدامة متكاملة وغير قابلة للتجزيء وهي: القضاء على الفقر بجميع أشكاله ، القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي، التمتع بالصحة والرفاهية، ضمان التعليم الجيد والمنصف، تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، ضمان توافر المياه والصرف الصحي للجميع، الحصول على الطاقة الحديثة والمستدامة، تعزيز النمو المطرد والشامل وتوفير العمل اللائق، إقامة بنـى تحتية قادرة على الصمود وتحفيز التصنيع المستدام وتشجيع الابتكار، الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفي ما بينها، جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة، اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره، حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية على نحو مستدام، حماية النظم الإيكولوجية البرية والتنوع البيولوجي، التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة ووصول الجميع إلى العدالة وبناء مؤسسات فعالة خاضعة للمساءلة، وكهدف أخير تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة .
المجلس الأعلى للحسابات انتقد ضمن تقريره الموضوعاتي الصادر في يناير 2019 أداء الحكومة حيث سجل بطء وتيرة اتخاذ التدابير الرامية لانسجام وملاءمة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والاستراتيجيات القطاعية مع أهداف التنمية المستدامة وضعف تبنيها من طرف المتدخلين، كما سجل المجلس تباين الأطراف المعنية حول الإطار الملائم لتحديد المشاريع والأولويات بغرض مقاربة الاستراتيجية الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة، وفضلا عن ذلك سجل المجلس الأعلى للحسابات تأخر وضع إطار للتنسيق والتتبع بهدف تنفيذ خطة 2030 مما أدى إلى ضعف انخراط المتدخلين المعنيين وغياب التشاور بينهم حول أهداف التنمية المستدامة ، وهو ما تجلى – حسب خلاصات المجلس– إلى غياب خطط عمل لدى الحكومة مفصلة تحدد الكيفيات والآجال والمتدخلين وطرق التمويل الخاصة بأهداف التنمية المستدامة ومن ضمنها طبعا المساواة بين الجنسين .