أسر تضطر للبحث في هوامش العاصمة الاقتصادية والمدن المجاورة لها
تعيش العديد من الأسر معاناة كبيرة في بحثها عن شقة اقتصادية في مدينة الدارالبيضاء، إذ بالرغم من المشاريع المتعددة التي تعلن عنها الإشهارات المختلفة، من خلال يافطات ولوحات إلكترونية ورسائل نصية تقتحم الهواتف الشخصية وصفحات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن اقتناء شقة يمكن أن تضمّ أسرة من زوجين في بداية مشوارهما، أو أخرى قطعت أشواطا مهمة وتسعى للبحث عن «عقار» اجتماعي بسيط يأويها، هو ليس بالأمر الهيّن بل يمكن وصفه بالمستحيل، بالنظر للعديد من الحواجز والمعيقات التي تحول دون تحقيق ذلك.
في عين السبع والبرنوصي والحي الحسني وغيرها من الأحياء، توجد العديد من المشاريع السكنية ذات الطابع «الاجتماعي»، التي يسعى الكثير من البيضاويين لمحاولة تملّك شقة متواضعة بها، لكن وحسب شهادات لـ «الاتحاد الاشتراكي» فإن طرق أبواب مكاتب البيع لا يحقق خطوة الانتقال من السكن على أساس الكراء أو عند الأصهار إلى وضع آخر، لأن الجواب الذي يتلقاه العديد من الأزواج والأشخاص والذي يتكرر في أكثر من مشروع وبات تلقائيا محصور في أن «كل الشقق قد بيعت»، أو «بعنا في الأرض» أي أن الشقق اقتنيت بمجرد الاطلاع على التصميم في وقت سابق قبل أن يتم الشروع في عملية البناء، أو أنه يجب انتظار الشطر الثالث أو الرابع في مدة تتراوح مابين سنة وسنتين …، وحتى بعض المشاريع التي يمكن أن يزرع المسؤول عن البيع فيها بعض الأمل في نفوس من يطرقون أبوابها فهي تعرض شققا للبيع إما في الطابق الأرضي أو الطابق الرابع، حتى أصبح الجميع على علم بهذه «الأسطوانة» وبالغايات التي يمكن أن تكون من ورائها؟
أجوبة بصيغ متعددة لكن بمضمون واحد يفيد تعذر الحصول على شقة، في حين يذهب بعض العاملين بمكاتب البيع إلى التلويح بورقة إمكانية البحث لإيجاد حلول ترتبط بخطوة «التنازل»، بدعوى تعذر توفير البعض للمبلغ الإجمالي للشقة، أو في علاقة بعملية أخرى توضح حجم الجشع الذي بات متحكما في «مسطرة»اقتناء الشقق الاقتصادية، والمتمثلة في تنازل مقتنٍ لها نظير ملايين إضافية، لأن الغاية التي لأجلها اقتنى هاته الشقة أو تلك، هو وغيره ممن يعتمدون هذه العملية، هي «إعادة بيعها» بهدف الربح!
وضعية ترخي بظلالها ووقعها وتبعاتها على الكثير من المواطنين الذين باتوا محرومين من الحصول على شقة في مشاريع يقال بشأن بعضها الكثير من الأشياء على مستوى الجودة والمرافق الاجتماعية وغيرها، إذ بالرغم من ارتفاع الطلب فإن العرض يتّسم بالندرة، وهو ما يبرره البعض بأن مشاريع السكن الاجتماعي كانت متوقفة ولم تنطلق إلا قبل مدة قليلة. إقبال كبير يؤكده ما عرفه أحد مشاريع شركة العمران بتراب مقاطعة الصخور السوداء، على مقربة من «المقبرة المسيحية» وحي عادل، فهذا المشروع الذي لا يتجاوز عدد شققه 120 شقة، وفقا لمصادر «الاتحاد الاشتراكي»، قد تقدّم للاستفادة منه حوالي 2000 شخص، مما دفع الشركة إلى إجراء قرعة في الموضوع، ورغم استيفاء كل المساطر فإن الشقق ليست في متناول أيدي مقتنيها لحدّ الساعة.
أزمة سكنية في مدينة مليونية، جعلت الكثيرين يبحثون عن وجهات أخرى في هوامش الدارالبيضاء أو بمدن قريبة منها، حتى لو اضطروا للقيام بـ «لانافيط» بشكل يومي من أجل التنقل إلى أماكن عملهم، بما أن الحصول على شقة في مشروع اقتصادي واجتماعي بات مستحيلا، في الوقت الذي يستفيد من هذه المشاريع أشخاص ميسورين إما بغاية إعادة البيع لاحقا، حتى لو تمت عملية «المراجعة» وأضافوا مبلغا إلى مبلغ البيع الأصلي، أو من أجل تحويلها إلى مشاريع مدرّة للدخل، فكم من سكن اقتصادي تحولت شققه إلى رياض للأطفال ومؤسسات تعليمية خاصة أو وكالات لتأجير السيارات أو مختبرات للتحاليل أو إلى بنية صحية تابعة للقطاع الخاص. وإذا كانت بعض «الانشطة» يمكن تفهّمها من قبيل «البقالة» و «التطبيب»، خاصة بالمشاريع التي تم تشييدها في وقت سابق والتي لا توجد بها محلات تجارية أسفل البنايات، والتي تكون بعيدة عن العديد من الخدمات، وذلك من أجل تقريبها من الساكنة، فإن هذا الوضع «الشائن» في مشاريع أخرى يطرح أكثر من علامة استفهام عن كيفيات تحويل شقق موجهة لهدف «اجتماعي» إلى آخر «ربحي» بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وحرمان من هم في حاجة فعلية إليها؟