الدفاع الحسني الجديدي … مد وجزر في تاريخ الدوري الاحترافي

 

نعلم جميعا بأن فريق الدفاع الحسني الجديدي منذ نشأته، التي اختلف حولها الرواة بسبب غياب مراجع مكتوبة ومدونة وأيضا لتهميش ثقافة التوثيق والأرشفة عبر السنين من طرف من تولوا مسؤولية قيادة الفريق، ما عدا بعض الكتابات العابرة ، ظل هو رمز دكالة الأول .
ولأن كرة القدم هي فضاء رحب لتأكيد الهوية، ولأن هذه الرياضة الجماعية تعتبر نشاطا اجتماعيا، لعله أهم ما اخترعته البشرية من حيث الانفعالات والاهتمام الكبير، كان لا بد لنا من نبش معمق حول تاريخ مشاركات هذا الفريق في البطولة الوطنية في قسمها الأول، على الأقل منذ بداية الاستقلال، على أساس أن ما قبل 1956 توجد حوله عدة اجتهادات قد نعود لها لاحقا، كما قد نعود لنبش آخر حول مشاركات الفريق في مسابقة كأس العرش أيضا وغيرها.
لكن دعونا نحصر تحليلنا لمشاركات البطولة منذ 1956 إلى الآن.
ربما قد يختلف معي الكثيرون، وقد يثير هذا الموضوع نقاشات عديدة، لهذا سأعترف قبل بداية الغوص فيه، أننا أحببنا هذا الفريق وشجعناه أكثر، لأنه حامل لهويتنا التي يريد البعض طمسها، كما أن ارتباطنا به هو ارتباط روحي لن تغيره النتائج ولا الأقسام.. فقد كان دوما محط احترام كل المدن المغربية، نظرا للعب الجميل والفرجوي الذي كان يقدمه، كما أنه أعطى أسماء وازنة للكرة المغربية وأبطالا كبارا.
انطلقت مشاركات الفريق في البطولة الوطنية، القسم الأول، مع أول موسم بعد الاستقلال1956 – 1957، واستهل مشاركاته بصف تاسع وبرصيد 61 نقطة، جمعها من ثماني انتصارات و15 تعادلا و7 هزائم ( 3 نقط للفوز و 2 للتعادل ونقطة للخسارة ).
وكأنه يبصم وقتها لغالبية مشاركاته في هذا القسم ..ترتيب متوسط تقريبا على مدار السنين، ما عدا بعض الفلتات سنسردها في ما يلي :
احتل الفريق المركز الثاني (وصيف البطل) ثلاث مرات في مواسم 1975 – 1976 و 2008 – 2009 ثم 2016/2017) وهذا ذروة ما استطاع الوصول إليه .
الصف الثالث احتله مرتين في موسمي1973 – 1974 و2009 – 2010، بينما احتل الصف الرابع مرة واحدة وكانت موسم 1972 – 1973.
أما الصف الخامس فهو متكرر كثيرا في مسيرة الفريق، حيث أنهى به مواسم 71 – 72 و 96 – 97 و 2006 – 2007 و2007 – 2008 و2011 – 2012 و 2013 – 2014 و2017 – 2018، في حين احتل الصف السادس في مواسم 70 – 71 و74 – 75 و78 – 79.
ونحن نعتبر أن المراتب المتقدمة في كل بطولات العالم كرويا تتراوح بين الصف الغائب عن ترتيب الفريق للأسف والصف السادس، ونقارن نتائج الفريق بمدة تواجده بالقسم الأول، وبالتالي سوف نخرج بخلاصة مفادها أن مستوى الفريق على مستوى الأحصائيات هو متوسط، وأن أفضل فتراته تاريخيا وأجودها كانت في فترة السبعينات، مع مجيء المدرب البلغاري بول اوروتز وفترة ما بين 2006 و 2013 ، تحث قيادة مدربين من طينة كريستيان لونغ وبراتشي والسلامي في حقبته الأولى ثم بنشيخة، وأخيرا فترة ما بين 2016 إلى 2018 مع طاليب.
وغير ذلك ظل الفريق يحتل كما قلت مراكز متوسطة، وغالبا ما كان يلعب فقط من أجل البقاء .
ولا يعتبر اندحار الفريق هذا الموسم إلى القسم الثاني، هو الأول له، بل سبق له أن غادر قسم الصفوة عام 1959 – 1960 في بطولة شارك فيها 14 فريقا، واحتل فيها المركز 13 بحصيلة ضعيفة جدا، ملخصها انتصارين فقط وتسع تعادلات و 1 هزيمة. سجل خط هجومه 24 هدفا، بينما تلقت شباكه 54 هدفا، علما بأن صاحب المركز 14 والأخير كان هو حسنية أكادير، التي لم تكمل البطولة بسبب الزلزال الزلزال الذي ضرب أكادير وقتها.
وكانت عودة الفريق إلى القسم الأول بعد خمس سنوات، في موسم 1965 – 1966، بعدما خاض مباراة السد ضد اليوسفية.
وفي موسم 1986 – 1987، عاد الفريق إلى القسم الثاني مجددا باحتلاله الصف 11 ضمن مجموعته من بطولة نظمت بنظام الشطرين (لأول وآخر مرة في تاريخ الكرة المغربية، كل شطر ضم 12 فريقا) .
ورغم أن الفريق وقتها كان عائدا من مشاركة إفريقية مميزة، بعد أن وصل ربع نهائي كأس إفريقيا للفرق الفائزة بالكؤوس، حيث لم ينهزم سوى بضربات الحظ أمام نادي حمام الأنف التونسي، وتأهله مرتين إلى نهائي كأس العرش دون أن يحالفه الحظ للتتويج.
وكنت العودة هذه المرة سريعة، وتحققت في موسم 87 – 88، لكن النزول سيتكرر في موسم 1992 – 1993، بعد احتلال مرتبة 15، دون أن تتأخر العودة، بعدما استعاد الفريق مكانه بقسم الصفوة في موسم 1993 – 1994، عقب فوزه في مباراة السد الشهيرة ضد أولمبيك خريبكة، مع ولادة جيل مبدع يقوده رضا الرياحي ولطفي هشام وعبد الرحيم بوكري وفضلي وآخرين. لكن في موسم 98 – 99، سيعود الفريق للمرة الرابعة في تاريخه إلى القسم الثاني محتلا المرتبة 15 ، لكن العودة هذه المرة تأخرت إلى موسم 2004 – 2005، مع جيل يقوده مرة أخرى المخضرم رضا الرياحي رفقة الضيفي وحمال والدمياني وأيوب لاما وغيرهم.
ويعتبر هذا الموسم 2022 – 2022 كارثيا، في ظل غياب لغة الفوز عن الفريق لأزيد من 17 دورة، وحصيلة هزيلة جعلته يعود للقسم الثاني على أمل العودة سريعا واستعادة الهوية المفقودة والقيمة و الاحترام اللذين فقدهما الفريق في السنين الأخيرة.
وربما لسقوط كلماتي أعلاه أثر على أحجار عتبة للأسف لا تحرك ساكنا، وكأن هذا الفريق لم يعد يعنيها، لكنه سيبقى دوما في نظرنا، ونظر كل محبيه، فارسا لدكالة ورمزها المتواصل.


الكاتب : بقلم الدكتور هشام عاهد

  

بتاريخ : 18/07/2023