الدكتور جمال يوسف لـ «الاتحاد الاشتراكي»: المغرب أحد أكثر الدول الإفريقية تضررا من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية

أكد الدكتور جمال يوسف أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا تعتبر أخطر حدث عالمي منذ ما يسمى بأزمة الصواريخ الكوبية، مشددا على أنه يصعب التنبؤ بتبعاتها وتأثيراتها، خاصة وأنها تحدث في وقت لا يزال العالم يصارع فيه التبعات السلبية سواء الاقتصادية أو المالية أو الاجتماعية لجائحة كورونا. وأوضح مدير مختبر البحث في الاقتصاد، التدبير، المالية واستراتيجيات المنظمات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن هذه الأزمة من المرجح أن تشتد وتطول خاصة إذا تواصل الصراع بين الجانبين، داعيا في هذا الصدد إلى الاستفادة من دروس جائحة كوفيد 19، والكيفية التي تم بها تدبير الأزمة الصحية التي شكلت؛ رغم تبعاتها المؤلمة المتعددة الأوجه؛ فرصة للإصلاح والتركيز في الشقّ المالي على سبل إعادة التفكير في كيفيات تبنّي مشاريع وأوراش للمساهمة في إنماء الاقتصاد المغربي.
وشدّد أستاذ التعليم العالي في تصريحه للجريدة على أن المغرب يعتبر من الدول الرائدة التي تعاملت مع أزمة كورونا إيجابيا، وجعلت منها فرصة لإطلاق برامج وإصلاحات تأهيلية طموحة تهدف إلى النهوض بالمشاريع الكبرى التي ستعود بالنفع على بلادنا واقتصادها، مبرزا أن من أهم الركائز التي تم الاعتماد عليها إحداث صندوق الاستثمار الاستراتيجي لدعم القطاع الخاص وإصلاح إطار الحماية الاجتماعية لتعزيز الرأسمال البشري والعمل على إعادة هيكلة ما يتوفر عليه المغرب من شبكة ضخمة لمؤسسات عائدة للدولة، مع استحضار النموذج التنموي الجديد كذلك الذي يصبو تنزيله لتحقيق الأهداف المنشودة على كافة المستويات وتحويل إكراهات النموذج السابق إلى رافعات وفرص للتنمية.
وأوضح الخبير الاقتصادي والمالي أن تنزيل عدد من الإصلاحات والأوراش والشروع في تطبيقها وأجرأتها تزامن مع هذه الحرب غير المنتظرة التي ستخلّف لا محالة آثارا اقتصادية كبيرة على العالم وعلى المغرب على المدى القصير والبعيد، لأسباب كثيرة، بالنظر إلى أن بلادنا هي ذات دخل منخفض، وتستورد أكثر من 90 في المئة من الطاقة التي تحتاجها، كما أن نصف احتياجاتها من الحبوب مستوردة، وهو ما يجعل من المغرب أحد أكثر الدول الإفريقية تضررا من تداعيات الأزمة الحالية. وأكد الدكتور جمال يوسف أن ارتفاع أسعار النفط والغذاء سيؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية المرتفع أصلا في المغرب والمقدر بنحو أكثر من 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي أيضا إلى تكثيف الضغوط التضخمية، كما هو الحال بالنسبة للبنزين وأنواع الوقود الأخرى، فضلا عن الأضرار التي تطال قطاعات الخضراوات والفواكه والأسماك وصادرات الأسمدة التي ستتضرر هي الأخرى بدورها من الحرب.
وشدّد المتحدث على أن كل هذه المعطيات يجب على الحكومة أخذها بعين الاعتبار لتنزيل ما بدأه المغرب من أوراش ومشاريع تأهيلية وإصلاحات مباشرة بعد الجائحة، مع الاعتماد على عامل أساسي والمتمثل في الاستثمار في الرأسمال اللامادي الذي يشكل عصب التنمية، ويتعلق الأمر بالموارد البشرية المؤهلة، لأن العنصر البشري هو استراتيجي في الإصلاحات التي لا يمكن أن تتحقق أية غاية منشودة في ارتباط بها بدون الاستثمار فيه، بالإضافة بطبيعة الحال إلى الموارد المالية التي تعتبر ضرورية، مع وجوب استحضار مقاربة النوع الاجتماعي وإشراك المواطنات والمواطنين في برامج التنمية. واختتم الدكتور جمال يوسف تصريحه للجريدة بالتأكيد على أن كل ما تم تسطيره من إصلاحات وهيكلة وبرامج وأوراش يبقى رهينا بتظافر جهود الجميع ونهج سياسات ناجعة بغية توزيع فوائد التعافي بعد جائحة كورونا وبعد الحرب الروسية الأوكرانية على الجميع.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 26/03/2022