– من هو الدكتور شفيق الشرايبي؟
– شفيق الشرايبي، من مواليد سنة 1956 بفاس، متزوج، له أربعة أبناء، أكبرهم يبلغ من العمر 30 سنة، وأصغرهم يبلغ من العمر 7 سنوات.
– كيف جاء اختياركم لدراسة الطب ولتخصصكم في مجال أمراض النساء والتوليد؟
– في الحقيقة لم أكن أعتقد أنني سأدرس الطب يوما، خاصة بعد حصولي على شهادة الباكلوريا، إذ قمت بالتسجيل بإحدى الكليات بفرنسا من أجل دراسة الهندسة، لكن وبفعل مجموعة من العوامل تعذر عليّ إتمام الإجراءات الخاصة باجتياز مباراة الانتقاء، فعدت إلى المغرب، ونتيجة لمرحلة العودة المتأخرة وجدت نفسي أقدم على التسجيل بكلية العلوم بالرباط لدراسة البيولوجيا، لغياب بديل عنها، لأنها الإمكانية الوحيدة التي كانت متاحة، لكن وفي لحظة من اللحظات وبشكل مفاجئ، تمت إعادة فتح باب التسجيل بكلية الطب والصيدلة، فتهافت عليها عدد كبير من الراغبين في وضع ملفاتهم، وأتذكر الطوابير التي كانت تبيت ليلا أمام الكلية، وكنت واحدا من الجموع المحتشدة سعيا لتحقيق هذه الرغبة، وبالفعل في صباح اليوم الموالي تمكنت من التسجيل.
إذن فلن يمكنني تصنيف دراستي للطب إلا في خانة الصدفة، خاصة وأنني كنت أنظر لسنوات الدراسة التي تصل إلى 15 سنة، على أنها بمثابة طريق طويلة ليست بالهينة، لكنني اخترت المشي فيها، واجتزت مباراة الأطباء الداخليين التي كانت تسمى بـ «الطريق الملكية»، لأنه من بين 200 أو 300 شخص يتم اختيار 25 طبيبا فقط، لأصبح أستاذا في مجال الطب، واليوم لم أندم على اختياري هذا الطريق.
والحديث عن هذه المرحلة يجعلني أتذكر كيف تعرفت على زوجتي يوم تسجيلي بكلية الطب والصيدلة، والتي كانت مجتهدة، وكانت تحثني على الدراسة واجتياز مباراة الأطباء الداخليين. وبخصوص الشق الثاني من سؤالكم، فانا شخص حركي، وهذا التخصص مجال التحرك فيه واسع وغني، فهو يشمل طب التوليد، الجراحة، أمراض النساء …، كما أن كلمة الشكر التي توجهها النساء بعد الوضع، لها وقع خاص وتظل ترافق الطبيب على الدوام. وإلى جانب ذلك فقد كان عدد الأطباء المتخصصين في هذا المجال قليلا، وكانت هناك مشاكل كثيرة على مستوى الصحة الإنجابية ووفيات الأمهات.
– ماهو تقييمكم لواقع المنظومة الصحية اليوم؟
– لايجب أن ننفي أنه لحسن الحظ، أن المغرب قد تقدّم على المستوى الصحي، فإذا استعرضنا المعطيات والأرقام نجد أن هناك تحسنا ملموسا، إذ تم القضاء على مجموعة من الأمراض كما هو الحال بالنسبة لـ «الملاريا ـ الكوليرا ….»، وأخرى تقلصت نسبها، وهنا أشير إلى أن نسبة وفيات الأمهات كانت تقريبا تصل إلى 600 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، بينما اليوم نحن في معدل يتراوح مابين 60 و 70، وكذلك الأمر بالنسبة لوفيات الأطفال، وهي معطيات مشجعة مقارنة بتلك التي تعود لسنوات الثمانينيات والتسعينيات، بل إنه وإلى غاية العشر سنوات الأخيرة، كان معدل الوفيات يصل إلى 332 حالة وفاة في صفوف الأمهات لكل 100 ألف حالة ولادة حيّة.
إلا أن هذه المؤشرات الإيجابية ترافقها صور مؤسفة، إذ وخلافا للمدن الكبرى، فإن العديد من المناطق النائية تفتقر للبنيات الصحية، وتعاني عدد من المستشفيات من جملة من النقائص، وبالتالي فليس كل المواطنين المغاربة لديهم إمكانية العلاج الكامل، ويكفي أن نعرف ونحن نتحدث عن الولادة في فضاءات آمنة وتحت المراقبة الطبية، أنه في مغرب 2017 لا تزال هناك نساء تلدن في دورهن، خاصة في القرى، بسبب الافتقاد للمستشفيات، أو لغياب وسائل النقل، أو بفعل المسالك الوعرة وغيرها، وهو مايؤدي إلى استمرار وفيات الأمهات، وهنا يجب أن نعرف أنه إذا ماقارنا الوضع بإسبانيا وفرنسا وغيرهما من الدول المتقدمة، فإننا نجد أن نسبة وفيات الأمهات تقدّر بما بين 5 و 10 حالات لكل 100 ألف ولادة، أي أننا نعاني من هذا المشكل بعشر مرّات أكثر.
التغطية الصحية هي الأخرى أحد أوجاع المنظومة الصحية ببلادنا، إذ في الوقت الذي يستفيد منه جميع المواطنين في بلدان أخرى من التغطية الصحية، نجد أنه في بلادنا هناك فئات عريضة من المغاربة محرومة منها ومن العلاج. ثم هناك إشكالية العقم، إذ أن ما بين 10 و 15 في المئة من الأزواج يعانون من مشكل صعوبة الإنجاب، لكنهم محرومون من التغطية الصحية، علما أن السبيل الوحيد أمامهم يكمن في المساعدة الطبية على الإنجاب عبر مراكز متخصصة في هذا الصدد، التي هي معدودة على رؤوس الأصابع. وإلى جانب ذلك هناك مشكل السرطان الذي يعتبر مشكلا عالميا، والمغرب قطع أشواطا مهمة في هذا الباب وعمل على خلق مجموعة من المراكز في الجهات الكبرى تقريبا، كما أنه وعلى مستوى الميزانية المخصصة لوزارة الصحة، تم الرفع من قيمتها في انتظار اعتمادات أكبر، وبالتالي نحن أمام منظومة تعاني من سلبيات لكنها تعرف كذلك إيجابيات.