الدكتور محمد الخضوري ل «الاتحاد الاشتراكي » : حاملو «الرميد» يعانون في المستشفيات العمومية والمواعيد قد تصل إلى سنة

 

يعتبر قطاع الصحة من أهم القطاعات التي تحظي باهتمام كافة المواطنين ، عن هذا الموضوع حملنا مجموعة من الأسئلة الحارقة في طليعتها مشكل «الرميد» والتغطية الصحية ومشاكل الأطباء بالقطاع العام والخاص وغيرها من الأسئلة إلى الدكتور محمد الخضوري ، أحد مؤسسي النقابة الوطنية للصحة سنوات الجمر ، تم انتخابه لفترتين مستشارا برلمانيا باسم الاتحاد الاشتراكي وبجماعة فاس ، حيث ساهم في الإشراف على إنجاز مشاريع هامة بفاس من ضمنها القاعة المغطاة 11 يناير ومركب الحرية الثقافي…
يقول الدكتور الخضوري «أذكر وللتاريخ ومن باب الإنصاف، أن مبدع «الرميد» كان هو رئيس الحكومة الأسبق ، ذ عبد الرحمان اليوسفي الذي تولى رئاسة حكومة التناوب، حيث أولى اهتماما بالقطاع الصحي عامة ومشكل التغطية الصحية خاصة ،لعلمه بمعاناة الطبقة المتوسطة والمعوزة التي تجد صعوبات عند إجراء الفحوصات والعمليات الجراحية وغيرها من المشاكل التي تؤرق شرائح متعددة وصولا إلى علاج الأمراض ، إلا أن المشروع لم يكتب له أن يرى النور في عهده ، إذ رفضته المركزيات النقابية لأسباب سياسية وتأخر لمدة سنتين ولم يخرج للوجود إلا في عهد حكومة السيد جطو سنة 2002 «.
« شخصيا، يقول د الخضوري، لقد عايشت مشكل التغطية الصحية كبرلماني تشريعا كما مارسته و أمارسه تنزيلا كطبيب في القطاع العام و الخاص، حيث لم يعد هناك مشكل صحي بالنسبة للموظفين ، ذلك ان «الكنوبس» و «الضمان الاجتماعي» عرفا تقدما ملموسا بفضل الاتفاقيات التي عقداها مع مصحات القطاع الخاص، إذ أن هاتين الهيئتين لاتتوانيان في صرف المستحقات المالية للمصحات في مدة لاتتحاوز شهرين ، ولم تعد هناك أية مشاكل تعيق التغطية الصحية للمنخرطين في «الكنوبس والضمان الاجتماعي « وكذا المؤمنين في شركات التأمين ، إذ يؤدي المنخرط في الكنوبس 10 في المائة من قيمة العملية ، والمنخرطون في الصندوق الاخر30 في المائة من قيمة العملية ، وبذلك لم يعد هناك مشكل للذين يتوفرون على التغطية الصحية ، وهذا مكسب هام بالنسبة للمنخرطين في بلد تقل إن لم تنعدم فيه التغطية الصحية لجميع المواطنين «.
وبالنسبة للتغطية الصحية في القطاع العمومي، يقول المتحدث «لايمكنني تقييم أداء وزارة الصحة، وكغيري من المواطنين أسمع أن الوزارة لاتؤدي ما عليها من ديون مالية للمستشفيات العمومية ، لكن الملاحظة الأساسية والتي أؤكدها حيث سبق لي أن زاولت العمل في بداية مشواري كطبيب في القطاع العام وغادرته مطرودا لكوني كنت من مؤسسي النقابة الوطنية للصحة فدش رفقة عدد من الأطباء المناضلين ، فإن التنزيل الصحي بالقطاع العام ليس تنزيلا على ما يرام في المستشفيات العمومية خاصة بالنسبة لحاملي الرميد ، فالوزارة ترفع شعار التغطية الصحية للاستهلاك السياسي فقط لأنه لايعقل أن تعطي للمواطنين مواعيد لإجراء العمليات أو صور السكانير وغيرها في مدد تتراوح بين ستة أشهر وسنة. مع الأسف فقطاع الصحة العمومية لم يعرف تقدما ملموسا و مازالت تمارس فيه السلبيات المعهودة ، علما بأن الوزارة مسؤولة عن صحة الموطنين .. لذا يجب تجهيز المستشفيات بكل الآليات التي تساعد على العمل، لأن المواطن يؤدي الضرائب المفروضة عليه» .
وبشأن محاولات  الوزارة الوصية إيجاد حلول للنقائص المسجلة، أشار الدكتور الخضوري إلى «أن الدولة فتحت المجال للخوصصة في القطاع الصحي ، وفي رأيي أن الذي يجب أن يلج هذا المجال ، هو المستثمر الذي يتوفر على حس سياسي ووطني وإنساني ، فالخوصصة لها ايجابيات ولكن سلبياتها أكثر في الميدان الصحي ، ولعل عدم وجود الأجهزة الضرورية في المستشفيات العمومية وطول مدة الانتظار، يدفعان المواطن المغلوب على أمره ، للجوء للقطاع الخاص الذي يعالجه بأثمنة باهظة، فهذا المواطن ، الذي لايتوفر على تغطية صحية ،يضطر لبيع كل ما يملك في سبيل العلاج ،وهذه هي الفرصة التي ينتظرها بعض الذين سمح لهم بالاستثمار في قطاع الصحة ، علما بأن الاستثمار في المجال الصحي يجب أن يخوض غماره المهنيون وليس أصحاب الشكارة ، الذين يسعون إلى الربح دون مراعاة الظروف الإنسانية للمرضى، و في خوصصة التعليم مثال حي لجشع بعض المستثمرين ؟ ومما لاشك فيه ستكون لخوصصة قطاع الصحة عواقب وخيمة وسيكون ضحيتها المواطنون الفقراء، لذا يجب إصلاح وتجهيز المستشفيات العمومية والرفع من أجور الأطباء والممرضين والأساتذة الأطباء والتقنيين حتى يظل قطاع الصحة العمومية في خدمة الشرائح الاجتماعية التي لا تتوفر على التغطية الصحية ، مع فتح المجال لكافة المواطنين من تجار وصناع وطلبة للانخراط في الصناديق الاجتماعية ، فسلبيات الخوصصة الحالية أكثر من إيجابياتها ، ونحن على استعداد لقبول «الرميد» إذا التزمت الوزارة بأداء مستحقاتنا المالية ، لأننا نؤدي أجور الموظفين والماء والكهرباء والضرائب وغيرها من التكاليف ، ولا ننسى أن القطاع الخاص الذي يمارسه أصحاب المهنة وذوو الضمائر الحية ، يقدم خدمات إنسانية لعدد من المواطنين الذين يعجزون عن الأداء، ويجب أن لاننسي أيضا أن الدولة لاتؤدي التعويضات المالية فقط، بل إنها أيضا تجني أموالا كثيرة إذ أن جميع العمليات يتم التصريح بها ويؤدي عليها الأطباء الضرائب التي تضاعفت بشكل ملموس» .
وحول التعاقد مع أطباء القطاع الخاص للعمل في المستشفيات العمومية ، أوضح د الخضوري قائلا .. «لا أعتقد أن المتعاقد سيقضي جل أوقاته في المستشفى العمومي ، ومع الأسف هناك بعض الأطباء من ذوي الكفاءات المهنية ، من العاملين بوزارة الصحة في المراكز الحضرية و البوادي، يظلون بمدينة فاس بدعوى غياب وسائل العمل ، شخصيا أنا ضد مثل هذه الممارسات ، فالطبيب عليه الالتزام بتوقيته العملي وحضوره إلى مقر العمل مادام يتقاضى أجرة عن ذلك ، لأن بإمكانه تقديم النصائح على الأقل للمرضى وتوجيههم لتلقي العلاج ،غير أن الوزارة لاتحاسبهم مما يجعلهم ، في نظري، موظفين أشباحا ، فشخصيا ومجموعة كبرى من الأطباء القدامي الذين كانوا يشتغلون في القطاع العام كنا منضبطين ونتواجد باستمرار في مقرات أعمالنا، ومع الأسف ما يقع في قطاع الصحة يشمل كافة القطاعات في غياب تام للمراقبة ومعاقبة بعض منعدمي الضمائر «. وتابع المتحدث « لقد أصبح من الواجب على وزارة الصحة أن تعمل على إعداد خريطة صحية في إطار التكوين والعمل والمراقبة الجامعية مادام المغرب يتوفر على عدد هام من كليات الطب بعدد من المدن المغربية ، التي تسهر على تكوين الأطباء الاختصاصيين ، فعلى الوزارة أن تفرض على الطلبة الأطباء المتدربين قبل تخرجهم وخاصة في السنة الثالثة ، العمل بمناطق الكليات التي يتابعون فيها دراستهم لمدة سنة أو ستة أشهر، وتفرض عليهم إعداد تقارير حول الأمراض المتفشية في تلك المناطق ،مع ضرورة التواجد بمقرات عملهم وتقديم تقارير عن أعمالهم لكلياتهم ،وهذه العملية لا تتطلب أموالا باهظة، بل ينبغي أن تنبني على شراكة بين الوزارة والكليات والجماعات المحلية في إطار الجهوية الموسعة ، حيث تلتزم الوزارة بتعيين عشرة أطباء في كل منطقة جامعية ، وبالمقابل تلتزم الجماعة بإعداد مقرات للسكني مجهزة لهؤلاء الطلبة الأطباء الاختصاصيين مع تقديم تعويضات أسبوعية للتنقل والأكل أسبوعيا تمنحها لهم الوزارة اومجلس الجهة ، وقد سبق لي أن قدمت هذه المقترحات لعدد من وزراء الصحة عندما كنت برلمانيا ، ولكن مع الأسف لم يعمل أي وزير بأي مقترح من مقترحاتنا، وبهذه الطريقة يمكن حل المشكل الصحي وتخفيف الضغط على المستشفيات الجامعية ، كما قدمت اقتراحا يقضي بتعيين الأطباء في مناطق ازديادهم بدل تعيينهم في مناطق بعيدة «.
وتحدث د . الخضوري، أيضا ، عن مشاكل أطباء القطاع الخاص الذين خاضوا مؤخرا إضرابا وطنيا موضحا « أن هؤلاء يطالبون بالعدالة الضريبية أخذا بعين الاعتبار سنوات دراستهم وحجم استثمارهم ، أما بالنسبة للإضرابات التي يخوضها أطباء القطاع العمومي فان ذلك من حقهم، لأن الدستور يضمن حق الإضراب، ولا أعتقد أن الوزارة تقبل الاستقالة الجماعية ل120 طبيبا ، إلا أنه ينبغي عليها أن تعمل على تلبية مطالبهم ، وخاصة المشكل المادي، لأنه لايعقل أن يدمج الطبيب ، الذي قضي ثمان سنوات في كلية الطب بعد حصوله على الباكالوريا ، في سلم بسيط ويتقاضى أجرة لاتلائم تكوينه العلمي ويعين في أماكن نائية لاتتوفر على أبسط شروط الممارسة المهنية ، كما أن الوزارة ملزمة بأن توفر لهم الحد الأدنى من الوسائل الضرورية للعمل».
وتوقف د.الخضوري عند «المسح الأخير» الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط حول القطاع الصحي بالمغرب، والذي خلص إلى نتيجة هامة تؤكد «أن 16 مليون مغربي فقط يستفيدون من التغطية الصحية من بين 34 مليون نسمة».
وفي ختام حديثه ، شدد د.الخضوري على «تطبيق اللامركزية في إطار التعيينات بالنسبة للوظيفة العمومية» ، مشيرا إلى أنه «أصبح على المستشفيات العمومية أن تتقدم بطلب عروض لحاجياتها من العناصر البشرية على غرار ماهو معمول به في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية ، بالإضافة إلى منح تحفيزات مالية تشجيعا للأطباء الذين يعملون في المناطق النائية، لأنه لايعقل أن يتقاضى طبيب يعمل في مدينة فاس مثلا ، نفس المرتب الذي يتقاضاه طبيب يعمل في تنغير أو منطقة نائية ، كما بات من الضروري الاستفادة من تجارب بعض الدول المتقدمة في المجال الطبي بصفة عامة » .


الكاتب : التقاه : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 26/11/2018