الدورة الأولى لمهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي

التخييل و الإبداع على الضفاف المشتركة للغة الإنجليزية

 

يجتمع في مراكش، الأسبوع المقبل، عدد من الكتاب والناشرين والمترجمين المنتمين للفضاء اللساني الأنجلوفوني في إطار الدورة الأولى من مهرجان الكتاب الإنجليزي الذي سينعقد في فضاءات المدينة الحمراء من 25 إلى 27 نونبر الجاري.
ويراهن المنظمون على أن تكون هذه التظاهرة مدخلا لتكريس حوار ثقافي عميق بين الكتاب والمبدعين المغاربة ونظرائهم الذين يكتبون باللغة الإنجليزية التي تشكل مجالا لسانيا عابرا لثقافات مختلفة منتشرة في أنحاء شاسعة من العالم، وذلك أخذا بعين الاعتبار أن انتشار اللغة الإنجليزية كلغة للعلوم الدقيقة و التكنولوجيا، لا يجب أن يخفي حقيقة كونها لغة آداب تختزن جانبا من الحكمة الإنسانية نحتتها عبر محك تاريخي غني وعبر قدرتها على التخيل والإبداع. إنها رصيد كبير من معرفة العالم والآخر. وبالنظر إلى برمجة الدورة الأولى من هذا المهرجان، يظهر أن المنظمين تحكمهم فلسفة تنظر إلى اللغة كمجال لحوارية عميقة مطلوبة أخلاقيا، حيث يمكن لكل ثقافة أن تشرع نوافذها لتتنفس هواء ثقافات أخرى، وتسمح في نفس الوقت لهوائها الخاص أن يحمل أثره في رئة ثقافات مقابلة. إذ أن كل ثقافة تظل محملة بحاجة عميقة للمعرفة، وهذه المعرفة هي دائما معرفة للآخر. كما أن انتشار اللغة وهيمنتها العالمية، لا ينبغي أن يكون ستارا يحجب كونها تتغذى على لغات أخرى، تنتعش وتغتني بها. لذلك يقول الكاتب عدنان ياسين، وهو من اللجنة المنظمة « لقد عملنا على أن يحضر الكُتّاب وكتبهم، و عملنا أن يحضر الكُتاب الذين كتبوا عن مراكش أو المغرب أو الفضاء العربي الإسلامي، ليكون ذلك فرصة لخلق حوارية هادئة حول تخيلهم لنا، و سردهم الخاص لحكايتنا..» بمعنى أن الأمر يتعلق في صميمه بالاقتراب من الدرجة التي تتموقع فيها الذات في فضاء الآخر، عبر ما يتحقق في المجال الخاص للغة بعينها، كما هي اللغة الانجليزية، من كفاءات التعبير والسرد و التخيل.
يستلهم مهرجان الكتاب الإنجليزي بمراكش، روحه من تعهد مهمة الإنصات المتبادل بين اللغات، كمهمة غير قابلة للتفادي، وينبغي لأحد ما أن يأخذها على عاتقه. إذ أن سوء التفاهم التأسيسي الذي يجمع كل لغة في نظامها الخاص باللغات الأخرى، لا يستدعي بالضرورة التنافر، بقدر ما يؤجج الحاجة الملحة إلى نوع من التقاطع. فاللغة إضافة إلى كونها تنظيم للعالم، هي أيضا في أبرز معالمها حيوية، سردية تنجز من مواقع متعددة. ولأن لا أحد يملك زمام إنهاء سردية الحياة من داخل لغته، فهي تبقى دائما رهن تعهد من يقومون بذات المهمة من داخل لغات أخرى، ومن بينها اللغة الإنجليزية.
في الندوة الصحفية التي أقامها المنظمون للإعلان عن هذا الحدث الثقافي الهام، يوم 10 نونبر، تحضر رهانات أخرى تتعلق أساسا بروح المدينة ونصها الكبير. يكثف ياسين عدنان ذلك قائلا: « نتوقع من هذا المهرجان عدة أدوار في صدارتها تعزيز إشعاع مراكش كواجهة للسياحة الثقافية، وجعل الكتاب والكتابة في صلب المنتوج السياحي..» إنه حدث ينتمي للدينامية التي تخلقها أحداث أخرى كالمهرجان الدولي للفيلم والمهرجان الوطني للفنون الشعبية المعرض الجهوي للكتاب.. بمعنى أن مهرجان الكتاب الإنجليزي يشكل فقرة أخرى ذات إضافة نوعية، من النص الثقافي الكبير لمراكش. كما يسعى المنظمون من خلال هذه المبادرة إلى تكريس مراكش كمدينة كِتاب ومدينة كتابة أيضا. فمثلما كانت محفزا على تشكيل نصوص مهمة، كما فعل كلود أوليي و إلياس كانتي و خوان غويتسوللو، هي أيضا فضاء للكتاب ينسج فيها حياته بين من يؤلفه ومن ينشره ومن يوزعه ومن يقرأه.
تقترح هذه التظاهرة التي تنظم بشراكة مع جمعية الأعمال البريطانية بالمغرب، والجمعية المغربية البريطانية ومدرسة الأكاديمية البريطانية بمراكش وجامعة القاضي عياض و جامعة محمد السادس وشركاء آخرين، فقرات متنوعة سيحضر فيها الكتاب و كتبهم، وتجمع بين مؤلفين باللغة الإنجليزية من مثل يتشارد هاملتون، جيمس فون لايدن، وسعيدة الرواس، وبيرنابي روجيرسون، إضافة إلى المترجمتين الأدبيتين لولو نورمان ومارسيا لانكس كالي، والكاتبة اللبنانية أنيسة حلو، وعدد من الكتاب المغاربة الذين ترجمت أعمالهم إلى الإنجليزية. مثلما تقترح لقاءات للمهنيين حول قضايا توزيع الكتاب الإنجليزي بالمغرب، ولقاءات لفائدة الطلبة بالجامعة، ولقاء حول كتب الطبخ.


الكاتب : مكتب مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 15/11/2022