الفصل الثاني، المعنون ب الذات والهوية وتخييل الواقع في الرواية المغربية المكتوبة بالأمازيغية، استهله الباحث مبارك أباعزي بورقة بعنوان: الرواية الأمازيغية محطات التأسيس وقضاياه، استعرض فيها المسار التاريخي للرواية الأمازيغية ابتداء من سنة 1963 مع مجموعة من الأسماء من قبيل بلعيد ءات علي، مرورا برشيد عليش صاحب الرواية الثانية سنة 1981، وبعده سعيد سعدي ومزداد أعمر وحمزة أعمر إلى جانب علي إيكن، ومحمد شاشا ثم تلاه محمد بوزكو وسميرة المراقي سنة 2001، وصولا إلى أبو القاسم ومحمد أكوناض سنة 2002، كما توقف عند مسار الرواية النسائية مع مجموعة من الكاتبات على رأسهن فاطمة بهلول وسعيدة فرحات وسميرة المراقي، إضافة إلى تجربة فاضمة فراس التي حازت قصب السبق بنشرها لسِت روايات وتجربة ملعيد العدناني وخديجة إيكن وزهرة ديكر وغيرهن.
فيما قدم الحسن زهور في مقالته السجن في الأدب الأمازيغي الحديث (الرواية أنموذجا) مجموعة من التجارب الأدبية الأمازيغية، التي اتخذت أدب السجن تيمة لها، حيث أشار إلى أن ملامح أدب السجون بدأت في الثمانينات من القرن الماضي مع ظهور الأجناس الأدبية الحديثة في هذا الأدب، ويمكن التمثيل له في القصة بالمجموعة القصصية لحسن إذ بلقاسم «ئماراين» 1988. إلى جانب تجربة محمد اكناض في الرواية سنة 2012، ومحمد أوسوس 2020 ، ولحبيب لكناسي وأكرسول وابراهيم أموري 2023، التي يمكن اعتبارها أبرز التجارب الروائية عالجت الاعتقال السياسي في الرواية الأمازيغية.
ومن جانبها، أوضحت زهرة لصفر في مقالتها الأسطورة في رواية «إناكوفن» لمحمد أسوس: الأشكال والأبعاد أن استثمار أشكال وأبعاد الأسطورة في رواية «إناكوفن»، هو في حد ذاته استثمار للجوانب الفنية والفكرية لمختلف الشعوب في الأعمال الأدبية، ولعل ربط الأدباء أعمالهم بهذه الأساطير هو تصريح بأهمية هذا المكون في إثراء الإنتاجات الأدبية إلى جانب اختلاف القراءات، وكذلك بينت أنه بالرغم من أهمية الأساطير في الأعمال الأدبية وقدرتها على الانزياح والمحاورة والتأويل، إلا أن الأديب في مرات عديدة يجد نفسه أمام تطويعها لتوافق رؤيته الفنية والفكرية ليتمكن من الإمساك بأبعادها الرمزية والتاريخية والتفسيرية والاجتماعية وغيرها وتشكيلها بشكل يناسب تطلعاته وتطلعات متلقي عمله.
أما عبد الله زمزكي فقد سعى في ورقته التي خصصها للاستعارة والسرد في رواية «asawn s ozdar» لخديجة الكجضا، إلى مقاربة اشتغال الاستعارة في الرواية عبر تحليل مجموعة من الاستعارات التصورية التي استثمرتها الكاتبة لغرض السرد في روايتها، باعتباره ملمحا بارزا من ملامح قوة الاستعارة في الرواية، موضحا أن الاستعارة في هذه الرواية تتسم بتنوع بنياتها التركيبية وأنماطها الدلالية، التي تتأسس في غالبها على التفاعل الممتد بين ذات الكاتبة المبدعة وبين محيطها الثقافي الأمازيغي، ومعظم هذه الاستعارات لا تكشف عن جمالية اللغة السردية فحسب، بل تكشف كذلك عن خصائص بنيوية تتعلق بتحديد مسارات السرد، وبناء الأحداث بناء منسجما، كما أنها تخلق أفقا متجددا للقراءة عبر دفع المتلقي إلى الانخراط الفعال في تفكيك بنيات الاستعارات السردية، التي من خلالها يمكن فهم دلالات الأحداث وربطها بسياقات معرفية وإيديولوجية وثقافية ثاوية في ثنايا النص.
فيما ركز الباحث علي أيت لاشكر في مقالته «استدعاء الموروث في رواية «Askʷti n tlkkawt» (التجليات، والوظائف)»، على رصد تجليات استدعاء الموروث في الرواية الأمازيغية، مع بيان أساليب ووظائف الاستدعاء، متخذا العمل الروائي الموسوم بـ»Askʷti n tlkkawt» للكاتبة فاضمة فراس متنا لها. وقد توصل الباحث إلى وجود ثلاثة تجليات كبرى هي: التجلي العقدي، والتجلي الفني، والتجلي الثقافي الاجتماعي، إلى جانب كشفه عن تعدد أساليب ووظائف الاستدعاء.
فيما توقف عياد ألحيان في مقالته (بالفرنسية): هوية الكتابة وكتابة الهوية في بعض الروايات الأمازيغية المكتوبة بالأمازيغية، على الهوية بمفهومها الشامل في علاقتها بالرواية الأمازيغية المكتوبة بتشلحيت، وذلك بالتركيز على الخصائص الهوياتية لهذه الكتابة من جهة، ورصد التحول الذي عرفته هذه الكتابة في بداياتها من جهة أخرى. كما تمحورت هذه المقالة حول إشكالية نشأة الأدب الروائي باللغة الام في سياق التعدد اللغوي والثقافي، هذا وقد حاول الباحث دراسة بعض الروايات لتوصيف شخصية الروائي والراوي والشخصيات وكذلك القارئ المضمن في النصوص، فيما خصص الشق الثاني من هذا المقال لدراسة تيمة الهوية بأبعادها المتعددة.
وفي مقاربة للرواية النسائية المغربية بالأمازيغية بعنوان «عندما يصبح «الأرغاز» موضوعًا: تمثيلات الإنسان الآخر في الرواية النسائية بالأمازيغية (التاشلحيت)، قدمت الباحثة فاطمة فرّاس (بالفرنسية) قراءتها لهذا المنجز الذي سعت فيه الكاتبات إلى تقويض سلطة المركزية الذكورية وإلى جعل الأنثى وتجاربها وإشكالات وجودها بؤرة اشتغالهن، وذلك من خلال رصد بعض من هذه الصور/images انطلاقا من حضور الرجل في صورة الآخر الحامل للفكر البطرياركي والحارس لثقافة الحدود بتعبير المرنيسي، ثم الرجل الرافض لهذه الإيجيمونيا/hégémonie.
أما في الفصل الثالث المعنون بقضايا جديدة في الرواية العربية المكتوبة بالإنجليزية، الاغتراب والهوية وتمثيلات الوطن فيضم مقالات باللغة الإنجليزية، وقد افتتح بمقالة للباحث محمد بطوي بعنوان «الجرح وتقاطعات النوع، والعرق والاغتراب في رواية «اسمي سلمى» فادية فقير(2007) My Name is Salma» والتي تتناول التفاعل المعقد بين الجرح، الجنس، العرق، والاغتراب؛ حيث اعتمدت المقالة عدسة التقاطعية لتحليل كيفية تأثر سلمى -الشخصية الرئيسة-بالجرح من خلال تقاطعات جنسها وعرقها، والشعور بالاغتراب الذي يترتب على عيشها تجربة الشتات وذلك بالاعتماد على نظرية العنصرية النقدية، ونظرية النسوية، ونظرية ما بعد الاستعمار، وعمد الباحث من خلال ورقته إلى المساهمة في فهم أعمق لكيفية تصوير الأدب لتقاطعات الجرح بين الجنس والثقافة والشتات والتعريف بالعرق.
وتناول الباحث مراد الخطيبي في مقالة معنونة: « سياسات الهوية في روايتي Hope and Other Dangerous Pursuits (الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى)، و The Moor’s Account( ما رواه المغربي) للكاتبة ليلى العلمي» سياسات الهوية في روايتي الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى ورواية ما رواه المغربي للكاتبة ليلى العلمي من منظور نظرية ما بعد الاستعمار. ويطرح المقال الأسئلة الأربعة التالية: أ) كيف تمت مناقشة مسألة الهوية في الروايتين؟ ب) ما هي القضايا الرئيسية التي تم تناولها في رواية ما رواه المغربي ؟ ج) ما هي القضايا الرئيسية التي تم تناولها في الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى ؟ د) هل يمكن تصنيف روايتي ليلى العلمي ضمن روايات ما بعد كولونيالية ؟ وقد كشفت الدراسة أن الرواية الأولى تناقش الهوية من منظور الهجرة حيث يسرد المهاجرون في رواية الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى قصصهم الخاصة ويطرحون تصوراتهم المختلفة عن الذات وعن الآخر. رواية ما رواه المغربي هي رواية ما بعد كولونيالية تلقي باللوم على الآخر وتعيد الاعتبار إلى شخصية تاريخية مهمشة تدعى مصطفى الأزموري.
فيما ركز نوح أنجار في مقالته: «ديناميات الهوية الجندرية في الشتات: التنافر، والتناقض في روايات المهاجرين العرب المسلميـن: رواية «غرب الأردن» West of the Jordan للكاتبة ليلى حلبي كدراسة حالة» أن رواية «غرب الأردن» لليلة حلبي هي مثال رائع للانعكاس الأساسي للتعدد المتزايد واللامركزية التي أصبحت تهيمن على المجتمعات العربية، التي تعيش نوعا من الشتات، حيث أوضح الباحث في مقالته كيف تكافح الشخصيات الرئيسية الثلاث في الرواية مع الهويات العرقية والجماعية والجنسية، وتعيد تصوير منظورات مختلفة وغالبًا متضاربة لتجربة الشتات وتسمح بتفسيرات متنوعة للهوية والوطن والانتماء.
أما مقالة الباحثة يسمين زروقي «صور الوطن، والانتماء، وعدم الانتماء في رواية «في مكان ما ببيتي» Somwhere, Home للكاتبة ندى أعور جر»، فقد رصدت تعريفات المنزل في هذه الرواية، مؤكدة على أن فكرة المنزل تعتبر واحدة من أكثر المواضيع تكرارًا في كتابات النساء العربيات الناطقات بالإنجليزية، كما عملت على كشف القضايا المتعلقة بالثقافة والوطن والهوية، وأبرزت كذلك تأثير الحرب الأهلية اللبنانية على حياة العديد من الأشخاص الذين اضطروا لمغادرة بلدهم بحثًا عن مكان هادئ للعيش فيه، ومع ذلك يجدون أنفسهم محاصرين في سعي مستمر للشعور بالانتماء.
من جهة أخرى تطرق الباحث الحسين خضيري في مقالته «دراسة الأسر والعبودية الحديثة في الكتابة العربية البريطانية عن الشتات: رواية Sold (2010) للكاتبة زانا محسن كدراسة حالة»، إلى التحيزات السياسية ضد المرأة في المجتمع اليمني، بالإضافة إلى التهميش الثقافي والنفاق الديني الذي يطارد النساء في اليمن، فالدراسة كانت بمثابة محاولة لإثبات مدى قدرة زانا محسن على المشاركة بوعي في المنافسة السياسية والاحتجاج ضد المؤامرات الدولية داخل البلاد، حيث هدف الباحث إلى مشاركة تجاربها القاسية من عنف، واختطاف، وتعذيب، وكذا الصعوبات التي تعانيها من الاغتراب. باستخدام نهج نسوي ما بعد استعماري، مما يجعل من مقالة الباحث تحقيقا نصيا للرواية يتضمن وصفًا وتحليلا وتفسيرًا للظواهر المختلفة للظلم والتفاوت والتحيز ضد المرأة في العالم العربي.
أما الباحث محمد زكريا لغمام في مقالته: هوية الشتات وسياسات الذاكرة في رواية» الهلال» Crescent (2003) لديانا أبو جابر، فقد سلّط الضوء على تصوير الذاكرة في رواية «الهلال»، التي كتبتها ديانا أبو جابر، وهي امرأة أمريكية من أصل أردني، حيث أبرز الباحث مظاهر كشف النص السردي للشتات والسعي المعقد والدائم وراء الهويات الفردية والجماعية، ففحص بشكل نقدي سياسات الذاكرة، باستخدام الوسائط المرئية، التي تعتبر «مواقع ذاكرة» مثيرة للتأمل، من خلال هذا الاستكشاف المتعدد الأبعاد، كشف الباحث عن التفاعل الديناميكي بين الذاكرة والمأكولات والتفاعلات الاجتماعية داخل المقهى، نظرا لأهميتها في تعزيز تذكر التجارب السابقة.