أعلن وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، أن القاعات السينمائية في المغرب استقطبت أكثر من مليونين و200 ألف متفرج خلال عام 2024، محققة إيرادات قياسية بلغت 127 مليون درهم. جاء هذا التصريح خلال الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، حيث أوضح بنسعيد أن إيرادات القاعات السينمائية شهدت نمواً ملحوظاً على مدار السنوات الأخيرة، إذ بلغت 89 مليون درهم في عام 2023، و77 مليون درهم في 2022، مقارنة بـ33 مليون درهم فقط في عام 2021.
وأشار الوزير إلى أن عدد المتفرجين ارتفع بشكل كبير، من 700 ألف متفرج في عام 2023 إلى مليون و200 ألف متفرج في 2024، لافتاً إلى أن افتتاح العديد من القاعات السينمائية الجديدة لم يؤثر سلباً على الإقبال على القاعات القائمة، بفضل المنافسة الإيجابية التي ساهمت في تعزيز الحضور الجماهيري.
وفيما يتعلق بالإنتاج السينمائي الدولي، كشف بنسعيد عن تحقيق إيرادات غير مسبوقة بلغت ملياراً و500 مليون درهم، مقارنة بمليار درهم في عام 2023 و600 مليون درهم في 2022، مما يعكس حيوية القطاع وتزايد اهتمام الشركات العالمية بالمغرب كوجهة للإنتاج السينمائي.
وأكد الوزير أن هذه الأرقام تعكس دينامية واضحة في قطاع السينما، مشدداً على أن السينما ليست مجرد وسيلة ثقافية، بل هي أيضاً صناعة حيوية وخدمة عمومية تسهم في الترويج الاقتصادي. وأضاف: «المنظومة التي نعمل عليها بدأت تؤتي ثمارها، وهناك نتائج اقتصادية ملموسة».
وفي إطار تعزيز البنية التحتية السينمائية، أعلن بنسعيد عن قرار الحكومة بإنشاء قاعات سينمائية داخل دور الثقافة لتلبية تطلعات المجتمع المدني، خاصة في المدن الصغيرة والمتوسطة التي لا تجذب الاستثمارات الخاصة في هذا المجال. وقال: «نعتبر أن على الدولة مسؤولية توفير هذه الخدمة لكل مواطن أينما كان».
رغم الأرقام الإيجابية التي أعلن عنها، تثار تساؤلات حول دقة هذه المعطيات ودلالاتها الحقيقية. على سبيل المثال، التفاوت بين نمو الإيرادات وعدد المتفرجين يلفت الانتباه؛ ففي الوقت الذي ارتفع فيه عدد المتفرجين من 700 ألف في 2023 إلى مليون و200 ألف في 2024، تضاعفت الإيرادات من 89 مليون درهم إلى 127 مليون درهم. هذا النمو الكبير في الإيرادات مقارنة بعدد المتفرجين يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هناك ارتفاع غير مبرر في أسعار التذاكر أو ما إذا كانت الإيرادات تشمل مصادر أخرى غير مبيعات التذاكر، مثل الإعلانات أو الشراكات التجارية.
كما غاب عن التصريحات مقارنة معايير دولية، إذ لم يتم تقديم مقارنة بين أداء السينما المغربية ودول أخرى في المنطقة أو على الصعيد الدولي. مثل هذه المقارنات كانت ستوفر رؤية أوضح حول مكانة المغرب في السوق السينمائي العالمي ومدى نجاحه الحقيقي.
إضافة إلى ذلك، تجاهل الوزير التحديات المتعلقة بجودة المحتوى السينمائي المغربي. فبالرغم من التركيز على الأرقام والإيرادات، لم يتم التطرق إلى جودة الإنتاجات السينمائية المغربية ومدى قدرتها على جذب الجمهور والمنافسة دولياً. كما لم يتم الحديث عن السياسات المتبعة لدعم المواهب الشابة أو تحسين جودة الأفلام المغربية.
لمعرفة مدى تطور قطاع السينما في المغرب، من المفيد مقارنته ببعض الدول العربية التي تشهد نمواً في هذا القطاع.
فمصر تعتبر من أبرز الدول العربية في مجال السينما، حيث تجاوز عدد المتفرجين 30 مليون متفرج سنوياً، وبلغت الإيرادات حوالي 1.5 مليار جنيه مصري (ما يعادل 48 مليون دولار). تتمتع مصر بشبكة واسعة من القاعات السينمائية، خاصة في القاهرة والإسكندرية، وتُصدر إنتاجاتها السينمائية إلى دول عربية أخرى.
أما المملكة العربية السعودية،فشهدت نموا سريعا في قطاع السينما بعد رفع الحظر عنها في 2018، حيث بلغ عدد المتفرجين أكثر من 20 مليون متفرج في 2024، ووصلت الإيرادات إلى 900 مليون ريال سعودي (حوالي 240 مليون دولار).
الإمارات العربية المتحدة،حسب الأرقام المعلنة ،فيقدر عدد المتفرجين مابين 10 و12 مليون متفرج سنويا، مع إيرادات تجاوزت 150 مليون دولار.
هذه المقارنات تظهر أن المغرب ما زال في مرحلة نمو مقارنة ببعض الدول العربية الرائدة في مجال السينما، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من الجهود لتعزيز جودة المحتوى وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية السينمائية.