السينما المغربية بصيغة المؤنث

 

 نقاش في رحاب الجامعة المغربية

 

تعد الجامعة المغربية حاضنة حقيقية للفعل الإبداعي المتميز عبر الأجيال، وفضاء مفتوحا كذلك، للفكر والنقاش الحر والبناء، باعتبارها إحدى مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تسهم مع غيرها من كل المؤسسات في تشكيل شخصية الفرد وتنمية جميع الجوانب النفسية والاجتماعية… وكذا الثقافية، وصقلها إلى أقصى درجة ممكنة وفقا لقدراته وميولاته واستعداداته واتجاهاته.
وحتى تؤدي الجامعة رسالتها على أكمل وجه، يجب أن يكون التعليم الجامعي تعليما عصريا متفتحا على علوم العصر دون تجاهل للهوية الثقافية، وللقضايا المسرحية والسينمائية، وأن تشمل المناهج والتخصصات الجامعية تكوينات وأسلاكا منفتحة لضمان تعليم يخرج أجيالا من المتعلمين من ذوي العقول المتفتحة واللا متحجرة، أجيالا متشبعة بروح الإبداع والابتكار والنقد البناء والأخلاق والقيم.
ولا شك في أن السينما هي وجه المجتمع ومرآته العاكسة، وأنها نتاج لتفعيل صراع مجتمعي وإنتاج لسيرورة اجتماعية كلها قهر واستبداد واستغلال بشع للمرأة رابطة إياها بواقع مر مرتبط بدوره بوضع مجتمعي رديء يتحكم في إنتاج صورتها المرهونة أساسا بالواقع قبل المتخيل.
وقد شهدت قاعة المحاضرات في رحاب كلية الآداب بجامعة القاضي عياض لقاءُ خميس القاضي احتفاءً بكتاب: السينما المغربية بصيغة المؤنت. وهو اللقاء الذي دعا إليه مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف وماستر النقد العربي القديم.
وبقدر ما أن هذا اللقاء احتفاء بمنجز علمي أكاديمي: السينما المغربية بصيغة المؤنث، فهو احتفاء استباقي باليوم الأممي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل عام…
شارك في هذا اللقاء، حسب الأستاذ عبد الجليل الأزدي، كل من الأساتذة محمد المرتاح، أيوب بوحوحو، يوسف أبو علي، معاد أدهم الذين اشتغلوا تحت السلطة التقديرية لرئيسة الجلسة: الباحثة رجاء شوبي التي أدارت الجلسة بعد كلمة ترحيب ممعنة في الشعرية والشاعرية اضطلعت بها الباحثة اللامعة أمينة عرجوني. وفي الإمكان الاقتراب من فعاليات هذا اللقاء من خلال المداخلات التي قدِّمَت فيه وكذا من خلال القراءة الفاحصة التي أنجزها الدكتور عبد الجليل بن محمد الأزدي للكتاب المحتفى به انطلاقا من عتباته.

1. الزين اللي فيك بين سندان الوساطة ومطرقة التلقي.

وهو عنوان لمداخلة للأستاذ محمد المرتاح والتي تعاطى من خلالها، مع شريط الزين اللي فيك الذي أسال وِدْياناً من الحبر وأَرَاقَ سيولا من الأقوال والتعليقات وردود الأفغال السالبة والموجبة.
وقد اقتـرح ذ. محمد المرتاح أن هذا الشريط السينمائي تواءم مقاربته في المقام الأول من منظور الوساطة الثقافية في أفق إبراز العناصر النظرية المفترضة في إخراجه بصفته منتوجا وإنتاجا فنيا مندرجا في الحقل الرمزي، أي في حقل الممارسات الرمزية الدالة حسب عبارة السيدة جوليا كريستيفا.
وترتيبا على ذلك، شددت المداخلة على ملامح وسمات نسق الأدوات الفنية والتقنية التي توكأ عليها الشريط لتعرية فضيحة الدعارة بالمغرب، معتبرا أن رغبة المخرج لم تضع في اعتبارها الرغبة الجماعية: رغبة جمهور واسع، ويدافع عن أفق انتظار شديد الخصوصية والتميُّـــز.
وفي مقام ثانٍ، وبارتباط مع أفق الانتظار هذا، فإن مخرج الشريط السينمائي أخطأ الطريق صوب المتلقي (الــمُرْسَل إليه) لأنه لم يعرف كيف يشبع رغبته في السمو أو التسامــــــي بالسحر المألوف في الفن السابع أو الشاشة الفِضية.
وبناء على ذلك، آلَ هذا الشريط السينمائي إلى المآلِ الذي يعرفه الجميع: الإخفاق. ودون أن نكرر القول الذي قاله أحدهم مِنْ أن الشريط كَشَفَ وعرَّى دون آثار جمالية ملحوظة؛ سنقول مع الأستاذ محمد المرتاح: إن هذا الشريط السينمائي فضيحة دون آثار جمالية أو فنية جديرة بالانتباه. وبلغة بسيطة بساطة جارحة: الزين اللي فيك “لا زين فيه”.

2. موقع المرأة في الأدب السينمائي المغربي:

حاول الأستاذ أيوب بوحوحو المتخصص في السينما بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، في مداخلته، التقاط صورة المرأة في الأدب السينمائي المغربي، إذ هذا الأدب غنـي بالإحالات على المرأة ويقدم عنها صورة ثنائية محكومة بالتناقض والتعارض: فهناك المرأة الحديثة العاملة، وهناك من جهة أخرى المرأة القديمة الخاضعة والخاملة؛ وهناك الشابة الــمُفعمة بالآمال، وهناك العجوز المسنة الـمُثْقَلة بالوهم والإياس واليأس؛ وهناك المرأة الرومانسية الحالمة مثلما هناك المرأة الواقعية البراغماتية…
وبين هذين القطبين المتعارضين، يبدو موائما تماما طرح بضعة أسئلة ذات فائدة عظيمة: كيف استطاعت السينمائيات الشابات التحرر من الأحكام الـمُسبقة، والتكوُّن والاشتغال ضمن حقل مهنــي ذكوري غالبا، أو ذكوري تقريبا؟ وما طبيعة هامش اشتغالهن في مواجهة القوالب الجاهزة والقوانين البطريركية التي تكرس ما سماه عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو: الهيمنة الذكورية؟

3. السينما المغربية بصيغة المؤنث: من ورقة العمل إلى صياغة المقالة.

وهي مداخلة لصاحبها الأستاذ يوسف أبو علي، والتي حاول من خلالها، رسم المسار الذي تم اجتيازه منذ قراءة ورقة العمل الخاصة بمؤتمر موضُوعُهُ: السينما والمرأة، وصولا إلى نشر مقالة تحت عنوان: “رغبة التحرير والتحرر في فيلم عزيز السالمي: حجابُ الحُبِّ (2008). وهو الشريط السينمائي الذي اشتغل فيه طاقم عمل مؤنث أكثر مما هو مذكر: مليكة العُمري، نورة الصقلي، السعدية لديب، حياة بلجلوفي؛ مضافا إليهن يونس ميكري وعزيز حطاب.
وقد نُشرت المقالة ضمن هذا الكتاب الجماعي الموسوم: السينما المغربية بصيغة المؤنث. وقد توقفت المداخلة عند كل مرحلة من مراحل إعداد هذا الــمُنجز العلمي الأكاديمـي. وهكذا تستضيفنا المداخلة إلى كواليس إنجاز مقالة علمية وتتيح لنا أن نرى ما يختفي خلف نص قابل لجميع المقاربات العلمية الممكنة بهدف تشريح عمل سينيماتوغرافي مغربي.
وإجمالا، فإصدار كتاب علمي يحتاج إلى جيش من الناس….

4. المرأة والتعبير السينماتوغرافي:

وهي مداخلة للأستاذ معاد أدهم، والتي تتمحور حول السؤال التالي: إلى أي حد استطاعت المرأة أن تزيل الصور النمطية عنها؟ و إلى أي حد استطاع السمعي البصري أن يكون في خدمة هذه الغاية؟ وهي الأسئلة التي تعمق النظر فيها خلال النقاش المفتوح والمتجدد….
وفي المجرى العام لهذا اللقاء العلمي، ما فتئت المداخلات والتدخلات تنبه إلى مشروع القراءة الذي أنجزه الدكتور عبد الجليل بن محمد الأزدي للكتاب المحتفى به انطلاقا من وجه غلافه وقفاه. وهي القراءة التي استهلها بالإشارة إلى أربعة أمور:
1. الوجه والقفا من المصطلحات التي استعملها السيد بيير ماشري في القسم الأول من كتابه: دفاعا عن نظرية في الإنتاج الأدبي 1966
2. يشير الوجه هنا إلى صفحة الغلاف الأولى؛ أما القفا، فيشير إلى صفحة الغلاف الرابعة. والغلاف نص من أربع صفحات: اثنتان ممتلئتان (الأولى والرابعة وإثنتان فارغتان (الثانية والثالثة.
الغلاف نص قائم الذات ومستقل استقلالا نسبيا عن الكتاب الذي يشكل سترته. ومجموع الغلاف عنوان الكتاب بالمعنى الواسع للعنوان، وهو المعنى الذي نجده في كتاب شارل غريفل: إنتاج الفائدة الروائية la production de l’intérêt romanesque
3. الكتاب الذي نسعى هنا إلى إلقاء بعض الإضاءات على غلافه – عنوانه كتاب حديث الطبع والصدور: طبعته المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش لفائدة الناشر LIMPACT مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة وهو واحد من المختبرات النشيطة في رحاب كلية الآداب بجامعة القاضي عياض. وهو الكتاب ذاته الذي شكل موضوع لقاء خميس القاضي عياض بكلية الآداب بجامعة القاضي عياض.
وفي هذه المبادرة ما يستحق الانتباه؛ فهي ترسيخ إضافي لخميس القاضي عياض كتقليد علمي جامعي؛ وهي احتفاء بمولود رمزي يماثل العقيقة التي تشكل احتفاء بالمواليد البيولوجيين؛ وهي قبل ذلك وبعده، أول مرة في تاريخ الكلية والجامعة يبادر فيها مختبر(وهو هنا مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف) إلى الاحتفاء بالمنتج العلمي لمختبر آخر( مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة)؛ وهو ما يفيد أن هذه المبادرة سابقة تاريخية.
صدر كتاب السينما المغربية في صيغة المؤنث بصفته المنشور الثاني ضمن سلسلة إيريس التي يشرف عليها الزميل الدكتور أيوب بوحوحو الأستاذ بشعبة اللغة الفرنسية وآدابها. ومن الجميل جدا أن الكتاب هذا استثنائي في حجمه ومتميز في طباعته؛ فهو من الحجم 21/21 وهو حجم قليل نادر؛ ولقد طبع فوق ورق ناعم صقيل من عيار 170 غرام وهو ورق ثمين ومكلف جدا.
تضمن الكتاب خمس عشرة مداخلة أنجزتها أقلام مختلفة الانتسابات الجامعية ومتباينة الاهتمامات الأكاديمية؛ منها أقلام متخصصة في الدراسات السينمائية وفي حقل السمعي البصري؛ ومنها أقلام حشرت نفسها أو وجدت نفسها محشورة ضمن حقل لا هي منه في العير ولا في النفير. فماذا عن وجه هذا الكتاب وقفاه؟
لن يفوت المتأمل في غلاف هذا الكتاب الجماعي أن يلاحظ منذ البداية تناقضا بنيويا بين وجهه وقفاه: إذ صفحة الغلاف الأولى ممعنة في الحداثة إلى درجة السوريالية، في حين صفحة الغلاف الرابعة، بأشكالها وخطوطها الهندسية، مستنقعة في القدامة والتقليد. هناك طلاق بنيوي بين تصميم صفحة الغلاف الأولى وتصميم صفحة الغلاف الرابعة. وحدها صفحة الغلاف الأولى تعود إلى ابن البيضاء الذي عاش قسطا من حياته في بلجيكا: الفنان الرسام حميد دويب الذي تمت الإشارة فوق صفحة الغلاف الرابعة إلى أن رسم الغلاف من تصميمه، في حين لا يتحمل الرجل سوى مسؤولية صورة صفحة الغلاف الأولى.
فوق صفحة الغلاف الرابعة، وعلى خلفية أشكال هندسية ممعنة في التقليدانية، أربع فقرات مستوحاة من مقدمة الكتاب التي تكفل بها الزميل ذ. أيوب بوحوحو؛ ثم رمز المركز الوطني للبحث العلمي والتقني (CNRST)؛ وأسفل الصفحة رقم التصنيف الدولي المعياري؛ وعلى يمينها، ذكر لصاحب صورة الغلاف الفنان الرسام حميد دويب؛ وأخيرا، رمز مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة. وحق هذا الرمز أن يكون فوق صفحة الغلاف الأولى؛ أما وجوده هنا فوق الرابعة، ففيه نوع من تبخيس قيمته وترخيصها. وهذا لا يخفى حتى على المبتدئين في دراسة السيميائيات وأمور التسويق Markting التجاري والتسويغ الثقافي…
ومثلما أن التناقض يشكل المنطق المتحكم بالعلاقة بين الوجه والقفا، فكذلك الأمر بالنسبة لكافة مستويات هذا الغلاف – السترة؛ إذ تتحكم بها ثنائيات ضدية: الذكورة/ الأنوثة، الخشونة/ النعومة، القدامة/ الحداثة، الغموض/ الوضوح، الحجز/ الاستشراف، المعتم / المضيء، إغلاق الأفق/فتح الأفق والتطلع إليه، الجديد/ القديم، السلطة/ الاحتماء بالسلطة.
وفي الإمكان مقاربة هذه الثنائيات الضدية من خلال ألوان صفحة الغلاف الأولى ومكوناتها اللفظية linguistiques وكذا من خلال دليلها الإيقوني signe iconique وقوامه صورة الغلاف التي أنجز رسمها الفنان حميد دويب، والتي تحمل الكثير من الآثار السوريالية والفلامندية ببلجيكا.
يلاحظ المرء فوق صفحة غلاف هذا الكتاب:
أولا. رمز جامعة القاضي عياض وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش. ويومئ الرمز هذا إلى سلطة مؤسسية ومؤسسة: السلطة الجامعية موطن وحمى مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة.
ثانيا. العنوان بحصر المعنى، أي الدليل اللساني الدال على موضوع الكتاب ومجاله: السينما المغربية بصيغة المؤنث. الشق الأول من العنوان (السينما المغربية) كتب باللون الأصفر الدال على الثراء والخديعة والغش والابتسام المتصنع الذي لا علاقة له بالفرح الحقيقي…وهي جميعا معاني ودلالات وثيقة الصلة بالسينما؛ أما الشق الثاني منه (بصيغة المؤنث) فقد كتب بخط شبه يدوي وبلون وردي. والوردي نسائي بامتياز ومن دلالاته الرقة والنعومة والأنوثة والبهجة والسعادة والفرح والإبداع والتميز والإلهام والرومانسية والحب والمودة والتوافق والانسجام والتناغم والاقتراب من القلوب والوصول إليها.. لا بل اقتحامها والسطو على شغافها. باختصار، يدل الوردي على حضور أنثوي جارف يتناغم مع صورة تلك الأنثى المتطلعة للأفق البعيد والمشرئبة بنظرها إلى ما وراء اليد الخشنة التي تعلو النظر والبصر…
ثالثا: الإشراف على هذا المصنف الجماعي يشير إلى ثلاثة أسماء قد يبدو ترتيبها خاليا من القيمة، لكنه يتضمن الكثير من القيم: فالاسم الأول (أيوب بوحوحو) قديم في الحقل الجامعي وصار يشكل سلطة رمزية لها رأسمال رمزي محترم؛ أما الاسمان التاليان له (معاد أدهم وعبد العزيز عمراوي) فهما حديثا العهد بالحقل الجامعي ولهما رأسمال رمزي يتواءم مع حداثة عهدهما بهذا الحقل. ومن دلالات وجودهما هنا بالذات الاحتماء بالسلطة الرمزية للقديم والسابق في الحقل، أي احتماء PH بسلطة PES، احتماء الجديد بالقديم، احتماء الرأسمال الرمزي المتواضع بالراسمال الرمزي المحترم…
رابعا: تدل الإشارة الواردة أسفل يمين صفحة الغلاف الأولى على أن الكتاب صدر ضمن سلسلة إيريس وأن تاريخ إصداره هو السنة الماضية (2021). وسنعرف من خلال الجينيريك أن الأمر يتعلق بالطبعة الأولى وبسلسلة يشرف عليها ويديرها الزميل الأستاذ الدكتور أيوب بوحوحو…
خامسا: في خلفية جميع هذه المعطيات، تبدو صورة الغلاف مثيرة ومستفزة بطريقة رسمها وبألوانها المعتمة والمضيئة. في الصورة وجه أنثوي يتطلع إلى الأفق البعيد ويستشرف زمنا ممكنا ويطل على ما قد يأتي و قد لا يأتي. من الأكيد أن تلك العيون المتطلعة أنثوية. ومن الأكيد كذلك أن الشفاه والملامح أنثوية. ومن المؤكد ايضا أن الوجه برمته أنثوي. لكن ما شأن تلك اليد الخشنة والشاحبة ذات التجاعيد الوَقِحَة؟ إنها ليست أنثوية بالتأكيد. فما هكذا تكون أيادي النساء… وما هكذا تكون أيادي النساء الورديات الناعمات… وما هكذا تكون أيادي النواعم الورديات المشتغلات في الحقل السينمائي والمنشغلات به…
من المحتمل جدا أنها يد ذكورية… أقول ذكورية ولا أقول رجالية، لأن الذكور كثر أما الرجال فقليل. والعهدة على صاحبـي السيد بييـر بورديو في حديثه عن الهيمنة الذكورية. وانسجاما مع ذلك، هل توائم مقاربة تلك اليد بصفتها تلميحا للسطوة الذكورية التي تعوق تطلع الإناث في السينما، كما في كافة مناحي الحياة، إلى ما هو وردي وجميل ودافئ وبهيج وسعيد وناعم ومتناغم ومنسجم…؟ ما معنى أن تعلو الخشونة النعومة؟ وما دلالة أن تكون الخشونة فاقعة اللون والنعومة داكنة الملامح والسحنة لدرجة تجعلها قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء والامحاء؟ هل في لعبة الألوان (الداكن/ الفاقع) ما قد يحمل إيماءة أو إيحاء connotation بالسطوة الذكورية الخشنة التي ألحقت وتلحق الكثير من الأذى بالنواعم الورديات؟…
قد يتناسل عديد الأسئلة ويتوالد عبر تأمل هذه الصورة السوريالية الفاتنة. وهي مثل الكثير من رسومات الفنان حميد دويب: لا شيء فيها سوى الأيادي والأجساد. والرسام حميد يتقن بدقة هندسية متناهية الاشتغال على لغات اليد والجسد بالرغم من أن رسم اليد من أصعب الأمور في الرسم. ويبدو في هذا الرسم الحاذق كيف يتم تشخيص عمل الفنان، أي الكيفية التي تجعل المشاهد أمام عمل فني يعلن عن نفسه بصفته فنا. وليس الفن هدفا بذاته، وإنما الاشتغال على اليد والجسد يبغي هدفا محددا قد ندعوه دمقرطة الفن… الفن المتوجه نحو الجميع والذي يمكن الجميع أن يدركه بصفته فنا. وبرغم ما يمكن أن يكون لليد هنا في هذا الرسم بالذات من إيحاءات سلبية، فاليد عموما، وأيادي الفنان الحاذق حميد دويب تساعد على اللقاء مع الزمن. ومعروف وفق أطاريح السيد جيل دولوز أن السينما فن زمني بامتياز…
تلكم بعض الارتسامات الأولية التي بدت لنا ونحن نحاول تصفح هذا الكتاب الذي أهدانا – أنا والمختبر – الزميل الأستاذ أيوب بوحوحو نسختين منه؛ وهي ارتسامات لا تجد في نفسها كفاءة ادعاء القدرة على البت النهائي في النص الذي تعاطت معه؛ إذ النهائي لا وجود له في التاريخ… وحسب تلك الارتسامات أنها أولية ونسبية…
هو احتفاء إذن، بمنجز علمي أكاديمي عنوانه: السينما المغربية بصيغة المؤنث، وقبل نقاش تفاصيله والغوص في عتباته النصية، فهو احتفاء استباقي أساسا باليوم الأممي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل عام واحتفاء أيضا بجامعة القاضي عياض التي يسعى أساتذتها دائما إلى مأسسة التنوير والدفاع عن الفكر الحر ومحاربة كل أشكال التطرف والعنف من داخل الجامعة التي كانت وستظل مشتلا وحاضنة لإنتاج النخب في كل المجتمعات التي تصبو إلى الحداثة والتطور.


الكاتب : إيمان الرازي

  

بتاريخ : 12/03/2022