السيول خلفت 11 قتيلا وهدمت أزيد من 40 بناية و90 مقطعا طرقيا

جهود القوات المسلحة والدرك والأمن والسلطات متواصلة لفك العزلة عن المناطق المتضررة

 

تسببت التساقطات والسيول المطرية القوية التي عرفتها عدد من مناطق المملكة، وتحديدا على مستوى الجنوب الشرقي لبلادنا، في خسائر في الأرواح وأخرى مادية متعددة، إذ فارق الحياة حسب حصيلة مؤقتة أعلنت عنها وزارة الداخلية في وقت سابق 11 شخصا، 7 منهم في أقاليم طاطا، وشخصين في تزنيت، ونفس الأمر بالنسبة للرشيدية، أحدهما من جنسية أجنبية.

بشرى المطر والخوف من الخسائر
الأمطار التي استقبلها المغاربة بكل فرح واستبشار في ظل أزمة جفاف قوية تعرفها بلادنا، ممنّين النفس بأن ترفع من حقينة السدود وأن تعيد الدفء المائي إليها، تسببت كذلك، وفقا لوزارة الداخلية، في تسجيل تسعة أشخاص في عداد المفقودين بكل من أقاليم طاطا والراشيدية وتارودانت، وهو ما يبين حجمها حيث عادت معها العديد من المياه إلى ودياناها ومجاريها التي هجرتها سابقا، وأدت قوتها إلى انجراف العديد المنازل التي تم تشييدها في المسارات التي تقطعها أو بالمحاذاة منها.
وأوضحت وزارة الداخلية كذلك، بأن الأمطار التي تم تسجيلها يومي الجمعة والسبت، تعادل نصف حجم التساقطات التي تعرفها المنطقة على مدار السنة في المعتاد، مضيفة بأن هذا المعدّل تم تجاوزه في بعض الحالات في مناطق بعينها، إذ سجلت 250 ملم بطاطا، و 203 ملم بتنغير، و 114 ملم بفكيك، و 82 ملم بورزازات. وإلى جانب الخسائر في الأرواح التي تسببت فيها هاته التساقطات، فقد أدت كذلك إلى تداعي وانهيار كلّي لـ 24 منزلا إضافة إلى أضرار جزئية بـ 16 منزلا، بالإضافة إلى انهيار كلي أو جزئي لأربع منشآت فنية متوسطة، وكذا تضرر 93 مقطعا طرقيا ما بين طرق وطنية وجهوية وإقليمية، التي عرفت حركة السير بها انقطاعا، حيث تم التأكيد على أن السلطات العمومية تمكّنت إلى حدود مساء أول أمس الأحد من إعادة حركة السير بـ 53 مقطعا منها، مع الإشارة إلى أضرار أخرى لحقت بشبكات التزود بالكهرباء والماء الصالح للشرب والشبكات الهاتفية.
تعبئة وجهود

وكانت وزارة الداخلية قد أكدت على لسان ناطقها الرسمي خلال لقاء صحفي مساء أول أمس الأحد بأن السلطات المحلية وكافة المتدخلين، من قوات مسلحة ملكية ودرك ملكي وأمن وطني وقوات مساعدة ووقاية مدنية، وكذا الإدارات التقنية المعنية، قد عملت على الرفع من منسوب التعبئة منذ اللحظات الأولى وجنّدت كافة الموارد البشرية واللوجستيكية الضرورية من أجل التدخل الفوري لمواجهة هاته الوضعية الاستثنائية، وتقديم الدعم اللازم للساكنة، موضحة بأن جهود جميع المتدخلين تستمر من أجل فك العزلة عن المناطق المتضررة وإعادة تشغيل شبكات الربط الطرقي وشبكات التزود بالكهرباء والماء الصالح للشرب وخدمات الاتصالات.
طرق مقطوعة

وأبرز المتحدث ذاته، بأن الجهود المبذولة تندرج ضمن نسق شامل يقوم على المقاربة الاستباقية التي اعتمدتها السلطات العمومية من أجل مواجهة تداعيات هذه الوضعية الاستثنائية منذ 29 غشت 2024، عبر تفعيل عمل لجان اليقظة وتحسيس الساكنة المحلية وتعبئة كافة الوسائل الضرورية بالمناطق المحتمل تضررها، داعيا في السياق ذاته الساكنة المحلية وزوار المناطق المعنية باتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر وتجنب أي سلوك قد يعرض حياتهم للخطر، لاسيما وأن الحالة الجوية مازالت غير مستقرة، مع الالتزام التام بتوجيهات وإرشادات السلطات حفاظا على سلامتهم.
وعلاقة بالموضوع أعلنت وزارة التجهيز والماء في نشرة لها، أن عدد الطرق التي كانت مقطوعة بسبب الأمطار والتي تمكنت مصالحها من فتحها إلى غاية الخامسة من مساء أول أمس الأحد قد بلغ 27 مقطعا طرقيا، 7 وطنية، ثمانية جهوية و 12 إقليمية، وبأن الجهود تتواصل لكي تعود حركة السير إلى 4 طرق وطنية مقطوعة، شأنها في ذلك شأن 5 جهوية و 4 إقليمية. وكانت الوزارة قد أوضحت في بلاغ لها أن منطقة طاطا تعتبر من المناطق التي تضررت بشكل خاص، مبرزة بأنه تم تعزيز فرق ووسائل التدخل على مستواها.
وإذا كانت وزارة التجهيز قد وضعت من خلال موقعها الرسمي النشرة الإخبارية رهن إشارة المتتبعين لمعرفة آخر تطورات الوضع الطرقي، فإن موقع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لم يقدم أي معطيات عن التدخلات ذات الطبيعة الصحية التي قامت بها مصالح الوزارة بالمناطق المتضررة، إذ وإلى غاية العاشرة والنصف من صباح أمس الاثنين، ظل الموقع محتفظا بتغطية لآخر نشاط للوزارة يعود تاريخه إلى 16 غشت 2024؟

نهاية أسبوع استثنائية

كانت النشرة الإنذارية التي تم تعميمها في وقت سابق عنوانا على أن نهاية الأسبوع لن تكون عادية وبأن الطبيعة ستكشف عن وجه آخر لها وهي تستقبل الأمطار التي يسعد لتساقط قطراتها الصغير والكبير على حدّ سواء، في زمن الأزمة المائية التي تتسع رقعتها يوما عن يوم. أمطار بدأت قوة منسوبها في التصاعد تدريجيا، تطورت إلى سيول مائية شيئا فشيئا، استبشر لها الكثير من سكان المناطق المعنية لأنها ستنعش الفرشة المائية وسترفع من حقينة السدود وفضاءات تخزين المياه المتواجدة في ترابها، لكنها بالموازاة مع ذلك تسببت في قلق سرعان ما تطور إلى خوف، عكسته نداءات الاستغاثة والمناشدات، بعد أن ارتفع مدّ ومنسوب المياه، وبدأت السيول تجرف «البنايات» والأشخاص والدواب والحيوانات، الأمر الذي تسبب في تسجيل وفيات وفي فقدان مواطنين، يجهل مصير عدد منهم.
وتفاعلا مع الوضع الذي عرفته عدد من المناطق المتضررة من الفيضانات أطلق نشطاء على مواقع التواصل تدوينات مرفوقة بـ «هاشتاغات» تدعو للتآزر والتكافل ودعم الجهود المبذولة لإنقاذ المواطنين والتخفيف من محنتهم، في الوقت الذي يتواصل فيه إحصاء الخسائر، مع دعوات لكي لا تتسع رقعتها ومداها وأن تعود الحياة العادية والآمنة بشكل سريع إلى هذه المناطق.
زيارات ميدانية

وعلى إثر هذه السيول، قامت السلطات بزيارات ميدانية للمناطق المتضررة ن حيث توجه والي جهة سوس ماسة وعامل عمالة أكادير إداوتنان ، رفقة وفد مكون عدة مصالح جهوية الوضعية الاستثنائية التي خلفتها الفيضانات التي ضربت عدة مناطق بإقليم طاطا بأقا وتاكونيت وتيسنت…
وأعطى والي الجهة تعليماته لمختلف المصالح المعنية بالتدخل الفوري لمواجهة الوضعية الاستثنائية التي خلفتها هذه الفيضانات التي ضربت عدة مناطق بطاطا، وتقديم المساعدة للساكنة، وفك العزلة عن المناطق المتضررة. كما أمر المديرية الجهوية والإقليمية للتجهيز والكهرباء والماء الصالح للشرب بإعادة عمل شبكات الربط الطرقي والكهربائي والمائي خلال
الزيارة التفقدية للوالي يوم الأحد 8 شتنبر2024. حيث وقف خلالها على حجم الخسائر المادية والبشرية التي لحقت بعدد من المناطق بطاطا على خلفية السيول الجارفة التي ضربت بالخصوص دوار أوكرضا اسموكن بتمنارت يوم السبت 7 شتنبر2024، حيث تم تسجيل وفاة تسعة أشخاص زيادة على تسجيل عدد من المفقودين لازال البحث عنهم مستمرا فضلا عن هدم عدة منازل بمناطق متفرقة بالإقليم.
هذا وكان والي جهة سوس ماسة مرفوقا خلال هذه الزيارة بالقائد الجهوي للدرك الملكي بأكادير، ومديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة، والمدير العام للمصالح بإدارة مجلس جهة سوس ماسة، والمدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ـ قطاع الماء، وعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية..


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/09/2024