جماعة الدار البيضاء ترفع دعوى قضائية ضد التجار الذين كانوا ينتظرون تسوية وضعيتهم الإدارية
شركة «الرضا للعقار »لم تسلم المحطة للجماعة حسب ما كان ينص عليه دفتر التحملات
الجماعة خصت 8 ملايير سنتيم من أجل إعادة تأهيل المحطة
فوجئ تجار المحطة الطرقية أولاد زيان بدعاوى رفعتها ضدهم جماعة الدارالبيضاء بالمحكمة الإدارية تطالبهم بالإفراغ، وجاء في الاستدعاء الذي توصلوا به بأن هذا مقال رامي إلى طرد محتل بدون سند قانوني بحضور شركة “الرضا للعقار”، وأوضحت الجماعة في دعوتها للمحكمة بأنه سبق لها أن أبرمت عقد صفقة مع شركة “رضا للعقار”، وفق الأنظمة الجاري بها العمل في مجال النقل الطرقي للمسافرين، وتسيير المرافق والمنشآت العمومية الموجودة بها، وبأن هذه العقدة انتهت لعدم احترام شركة “رضا” بنود الاتفاقية، وتبعا للفصل 28 من عقدة الاستغلال، فإنه عند انتهاء الاستغلال لأي سبب كان المستغل يقوم بتسليم المحطة الطرقية وجميع مرافقها وتجهيزاتها للعارضة في حالة جيدة .
بعض التجار الذين توصلوا بالدعوى المرفوعة ضدهم، عبروا عن تفاجئهم من قرار الجماعة، خاصة وأنهم كانوا ينتظرون منها تسوية وضعيتهم الإدارية بعد أن غادرت شركة ” رضا للعقار” المحطة الطرقية بصفة نهائية، وتركت وضعيتهم معلقة، وجعلت المشاكل تتراكم بينهم وبين الجماعة، إذ منهم من اكترى محله منذ إحداث المحطة في سنة 1999.
بالعودة إلى علاقة الجماعة بشركة “رضا للعقار”، نجد أنها علاقة لم تكن على ما يرام، فحين إحداث المحطة لم تكن مؤثثة إلا بما يقارب 10 محلات منها مقاه، كما كانت تتوفر على مركز للشرطة ومركز طبي للتدخل إذا وقع مشكل صحي للمسافرين، نجد بعد مدة أن المركز الصحي قد اختفى كما اختفت مرافق خدماتية أخرى منها بناية الاستقبال التي تحولت إلى مجل لبيع السجائر، وكما شيدت محطة للبنزين وأكشاك وأضيفت محلات تجارية جديدة ليصبح عدد المحلات بها ما يناهز 72 محلا … جرى هذا دون أن تفعل الجماعة سلطتها الرقابية في حينه، المتمثلة في لجنة تتبع تسيير المحطة، رغم أن هذه المؤسسة كانت قائمة لهذا الغرض .
وإذا كان من المفروض، بحسب الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، أن تعيد شركة “رضا” المحطة خالية كما دخلتها، وأن يغادر معها حتى التجار الذين ارتفقوا لديها طيلة مدتها الانتدابية في التسيير، فإن هذا الأمر كان من المفروض أن يتم خلال عملية تسليم السلط بين الجماعة والشركة، ومعلوم، وكما يعرف ذلك كل المتتبعين للشأن المحلي البيضاوي، فإن “شركة رضا” قد غادرت المحطة إلى غير رجعة في سنة 2018 ، بعد أن استخلصت واجباتها الكرائية من المرتفقين بواسطة اللجوء إلى القضاء، حيث كان معظم التجار يحجمون عن أداء ما بذمتهم، ليس تطاولا وإنما للفراغ القانوني الذي يربط بين الأطراف كلها، الجماعة والشركة والمرتفقين، وهم كانوا في حاجة لضمان حقوقهم الإدارية والقانونية، خاصة وأن سجلاتهم التجارية مسجلة في هذه المحلات التي يزاولون بها أنشطتهم، من ذلك أن الجماعة تسير بدون قرار جبائي وهو شرط أساسي لاستخلاص المستحقات، وكلما طالب التجار الشركة والجماعة بهذه القرار كانوا يواجهون بالتسويف، في الوقت الذي كانت تعتمد الجماعة والشركة القرار الجبائي الخاص بمركب محمد الخامس لاستخلاص الأكرية وغيرها من بدل الخدمات داخل المحطة .
الشركة استغلت المرفق وغادرت في 2018 وتركت أكواما من المشاكل، دون أن تصدها الجماعة في وقته وحينه، ويبدو أن الشركة استغلت الهفوات والفراغ القانوني لذلك كانت لها الجرأة بأن تنسحب بدون محاسبة وبدون أن تعيد المرفق للجماعة في حالة جيدة .
المشكل الذي كان يؤرق المدبرين للشأن المحلي البيضاوي هو أن العقار الذي توجد على تربته المحطة الطرقية، ليس مسجلا في اسم الجماعة وبالتالي لم يكن ممكنا أن تصدر بصدده قرارا جبائيا وهو ما كانت تعيه الشركة المدبرة جيدا، لذلك فهي أحيانا كانت لا تؤدي ما بذمتها للجماعة على اعتبار أن العقد الرابط بينها وبين الأخيرة، حدد سومة 600 مليون سنتيم كواجب سنوي على الشركة أن تؤديه حتى أنه في وقت من الأوقات سمح لها بتدبير المحطة بدون مقابل ضمانا لاستمراريته، إلى حين إيجاد بديل لها. عند مغادرتها اضطرت الجماعة بأن تدبره بشكل مباشر لكنها فشلت في ذلك بحيث لم تتعد 20 ساعة من التدبير، ثم استقدمت شركة التنمية المحلية ” الدارالبيضاء للنقل “، هي الأخرى لم تعمر إلا سنة وعدة أشهر لتغادر بسبب ذات المشكل ألا وهو انعدام القرار الجبائي، المشكل أن الجماعة عند توليها من جديد طالبت التجار بتأدية واجب الكراء، علما أنه من المفروض أن تطالبهم بالمغادرة بدل تحديد ديون عليهم لأنهم محتلين كما جاء في موضوع الدعوى، خاصة وأن لا عقد مباشر يربط بينهم وبينها، أي أنها أحجمت عن تفعيل البنود القانونية ضد الشركة التي ترتبط معها بعقدة، وذهبت لتسبح في حلول لا إلزام قانوني لها فيها، كالتعامل مباشرة مع تجار وجب رحيلهم مع رحيل الشركة …
اليوم، تواجه الجماعة معضلة كبرى في هذا الموضوع بسبب تقاعسها منذ 1999 إلى حدود الآن، خاصة وأنها بين مطرقة ضرورة استرجاع مرفقها الذي من المفروض أن يسهم في التنمية المالية لخزينتها، وسندان ” فرار ” شركة استغلت المرفق استغلالا دقيقا وغادرت دون تسليم للسلط، كما جاء في موضوع الدعوى، تاركة وراءها جيشا من التجار في حالة معلقة وعلى الجماعة أن تجد مخرجا لمأزقهم ومآزقها الذي يدين تدبيرها لمرافق المدينة …
المعضلة تزداد تعقيدا، عندما نعلم بأن جماعة الدارالبيضاء خصصت في دورتها الأخيرة مبلغ 8 ملايير سنتيم من أجل إعادة تأهيل المحطة، خاصة وأننا أمام محطات دولية وقارية ستلعب فيها المحطة الطرقية دورا حيويا كبيرا، وهذا ربما هو كنه السبب الذي جعلها ترفع دعوى استعجالية لإخلاء المحطة حتى تكون في موعد المناسبات والتظاهرات التي سيحتضنها المغرب، خاصة وأن الجماعة لم تستطع، إلى حدود الآن، الوفاء بوعدها القاضي ببناء محطتين طرقيتين واحدة بمنطقة سيدي البرنوصي والثانية بمنطقة ليساسفة .
تظل المحطة الطرقية أولاد زيان عنوانا لتاريخ التدبير المعتل لمدينة من حجم الدارالبيضاء، فلا الجماعة استطاعت تصفية العقار وجعل المحطة ملكا لها، ولا هي تمكنت من وضع تدبير جيد يضمن حقوق الخزينة المالية وحقوق المرتفقين كما لم تتمكن من خلق شروط إنسانية تضمن للمواطنين تنقلا في المستوى المعمول به في جل عواصم العالم، أكثر من هذا وذاك لم تتمكن حتى من مراقبة من منحتهم مرافقها لتدبيرها، وتلك حكاية أخرى…