«سينوفارم» تخطط لبناء مصنع في المغرب العام المقبل ومصر تدخل على الخط
قالت صحيفة «الغارديان» إن الصين توسع تأثيرها في الشرق الأوسط، عبر دبلوماسية لقاح فيروس كورونا.
وأفادت أن المغرب شارك في تجارب اللقاح الصيني «سينوفارم» بـ 600 متطوع، ويأمل بتوفير اللقاح لـ 70% من سكانه، وقد حصل على عقد آخر مع شركة «أسترازينكا».
وقالت مديرة الأدوية في وزارة الصحة المغربية، بشرى مداح إن «غالبية اللقاحات التي ستوزع هي من لقاحات سينوفارم»، مضيفة: «لكن المغرب لا يزال يتفاوض للحصول على أنواع أخرى من اللقاحات، ولا نعرف كيف تدعم الأنواع الأخرى بعضها البعض».
وأضافت أن المغرب فضل اللقاحات الصينية؛ نظرا لاستخدامها عينات من فيروس كورونا غير الناشط وليس تكنولوجيا «أم أي أني إي». مشيرة إلى أن هذه الطريقة في تطوير اللقاحات استخدمتها الإنسانية لسنوات طويلة، وهي طريقة معروفة وسليمة. وقالت: «هذا اللقاح سيعزز من الشراكة التاريخية بين المغرب والصين، ونحن نفكر في إنقاذ الحياة، ما يعني البحث عن اللقاح في أي مكان».
وقالت الصحيفة البريطانية إن عددا من الدول العربية تبنت اللقاح الصيني، رغم عدم توفر معلومات واسعة تشير إلى نجاعته مقارنة باللقاحات التي تستخدم الآن في الدول الغربية.
وأشارت إلى أن وزارة الصحة المصرية عندما دعت الأطباء للتطعيم ضد كوفيد-19 لم تشر إلى أن الدعوة هي للتجريب، لكنها أكدت لهم أن اللقاحين ضد الفيروس اللذين طورا في «ناشونال بيوتيك غروب»، وهي جزء من شركة كبرى تملكها الصين «ساينوفارم»، لا يسببان آثارا جانبية، «فقد تلقت وزيرة الصحة اللقاح، وأمرت كل الأطباء بالتطعيم والراغبين من العمال الصحيين».
وقال طبيب في مستشفى حكومي إن الكثيرين شعروا بالشك، «عندما تلقيت مع زملائي الرسالة، لم يشارك أي منا؛ لأننا لا نثق به»، وأضاف أن «هناك عدم ثقة» من نهج الحكومة المصرية في التعامل مع الوباء واللقاحات.
ووصف طبيب، الذي لا يمكن الكشف عن هويته خوفا على حياته، الحملة الدعائية للدولة بأنها محاولة «لرفع معنويات الناس». وشارك في النهاية بتحريب اللقاح 3.000 متطوع مصري، وهو نصف العدد الذي كان يريده الباحثون، وكان هذا في شهر سبتمبر.
وأعلنت الحكومة هذا الأسبوع عن خطط لتطعيم عمال الصحة، وبهدف توفير 10 مليون حقنة من اللقاح الصيني.
وقال الطبيب: «هناك مفاضلة بين مخاطر الفيروس، الذي ينتشر بسرعة، ومخاطر لقاح لا يوثق به، ولا توجد حوله بيانات تدعمه».
وتشير الصحيفة إلى أن غياب الشفافية من الصين حول المراحل النهائية من تجريب اللقاح أثارت القلق، لكنها تقوم وبثقة بالتعامل مع اللقاح، ودفع «دبلوماسية اللقاح»، مستخدمة فيها الخيارات الرخيصة التي تقدمها وتوفره لبناء جسور مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتضيف أن لقاحي «سينوفارم» يقدمان حلولا جذابة للدول التي تحتاج عناية من كوفيد-19. وحتى بدعم من تحالف اللقاح «غافي» تحتاج هذه الدول إلى مساعدات إضافية لمساعدة مواطنيها، وستواجه الكثير منها مصاعب.
وبالنسبة للصين، فلقاحي «سينوفارم» يمثلان فرصة إضافية لتقوية العلاقات، واستخدام قدرات الشرق الأوسط التصنيعية والتوزيع.
وتعتبر جزءا من دفعة في المغرب والإمارات العربية والبحرين ومصر، حيث منحت استخداما طارئا، خاصة عمال الخطوط الأمامية، وقبل نهاية الفترة التجريبية السريرية.
وقالت مصر في السابق إنها تريد أن تكون مركز اللقاح الصيني في أفريقيا، مع أن «سينوفارم» قالت إنها تخطط لبناء مصنع في المغرب العام المقبل.
ومنحت الإمارات مصر 100.000 حقنة، في محاولة منها لأن تكون مركزا لوجيستيا عالميا للتوزيع. وكانت الإمارات أول دولة في العالم تسجل اللقاح الصيني، قائلة إن فعالية واحد من اللقاحات الذي اعتمد على عينة من فيروس كورونا غير النشط وصلت إلى 86%. وأعلنت البحرين عن خطتها الخاصة، وقامت بطريقة منفصلة بالمصادقة على واحد من لقاحي «ساينوفارم».
وقالت الشركة الصينية مع شريكتها الإماراتية «جي42» إن 45.000 شخصا شاركوا في المرحلة الثالثة لفحص فعالية وسلامة اللقاح الصيني، مع أن «ساينوفارم» لم تنشر معلومات أو بيانات بعد.
ولعل واحدا من ملامح الإقبال على اللقاح الصيني يكمن في تخزينه بدرجة حرارة ما بين 2-8 درجة مئوية، مقارنة بلقاحات «أم أر أن إي» التي تحتاج لدرجات تخزين باردة.
وقالت تشارلي ويلرز، مديرة مؤسسة ويلكوم للقاحات، إن الأنظمة الصحية في هذه البلدان لديها أنظمة تخزين لقاحات بدرجات تتراوح ما بين 2-8 درجة مئوية، مشيرة إلى أن التخزين بدرجات حرارة تحت 70 درجة مئوية تمثل تحديا لوجيستيا، وليس للدول ذات الدخل المتوسط أو المتدني، ولكن لأي دولة.
وأعلن مدير شركة «سينوفارم» ليو جينغجين، قبل فترة، أن مليون شخص تلقوا اللقاحين، و»لم نتلق أي تقرير عن ردود فعل خطيرة، وبعضهم كان لديه أعراض خفيفة».
وفي دراسة منفصلة، أشارت إلى بيانات من تجارب المرحلة الثانية لسينوفارم، واقترحت 19% نسبة مخاطر خطيرة بعد تلقي المشاركين حقنتين. وأكدت ويلر أن أي لقاح يتم استخدامه في ظل الطوارئ لا يعتبر جزءا من التجارب السريرية؛ و»لهذا السبب هناك حاجة للتجارب السريرية، وعلينا تحليل وفهم فعالية وسلامة أي لقاح، وسمعنا أن الكثير من الناس تلقوا اللقاح ضمن الاستخدام الطارئ وخارج التجارب السريرية.
ولكن حتى نحصل على البيانات السريرية، فلن نحصل على معلومات جديدة من الأفراد في الخارج».
وخلال الصيف، التقطت صور لقادة المنطقة وهم يتلقون اللقاح، بمن فيهم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل المكتوم وولي عهد البحرين، وقال طبيب بمستشفى في المنامة: «نقوم بعمل جيد، وكل واحد لديه أمل»، مضيفا: «هناك الكثير في البحرين، حتى ولي العهد، شاركوا بالتجارب، وهي تجربة جيدة في النهاية، ويمكنني القول على الأقل إنني ساعدت». وتابع: «لن أقول إن هناك سياسة في الموضوع، وأقول إن كل واحد يريد نهاية كوفيد-19، وكلنا في نفس القطار كبارا أم صغارا».
الغر ب واللقاح الصيني
على صعيد آخر، نشرت صحيفة «الكونفيدينسيال» الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الأسباب التي تقف وراء عدم رغبة الغرب في اعتماد اللقاحات الصينية لفيروس كوفيد-19.
وقالت الصحيفة إن البريطانية مارغريت كينان تلقت حقنة لقاح فايزر-بيونتيك ضد كوفيد-19 في الثامن من ديسمبر الماضي لتصبح أول شخص في العالم يتحصن من الفيروس خارج التجارب السريرية. ويبدو أن صورة كينان التي تبدو فيها هادئة مرتدية قميصًا عليه رسم عيد الميلاد المجيد قد أصبحت رمزا للأمل بحلول سنة 2021.
قبل ذلك بأشهر، خضع أكثر من مليون صيني للتطعيم بشكل «طارئ» بجرعات أعدتها شركات الأدوية الصينية منذ الصيف. ولكن هذه الأنباء لم تحدث الكثير من الضجة مثلما حدث مع البريطانية كينان.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك العديد من الأسباب التي تفسر سبب تجاهل الغرب للقاحات الصينية لكوفيد-19، بعضها مبرر علميا وبعضها الآخر له جذور جيوسياسية وتسويقية ونفسية إلى حد ما. من الطبيعي أن لا يثق الناس في اللقاح الذي صنعه البلد الذي بدأ فيه تفشي الفيروس أول مرة قبل سنة وأودى بحياة أكثر من 1.5 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وتسبب في أزمة اقتصادية عالمية هي الأسوأ منذ الكساد الكبير لسنة 1929.
هل اللقاح الصيني آمن؟
لم تنشر أي جهة رسمية تقارير تؤكد مدى فعالية اللقاحات الصينية التي خضع لها المواطنون في إطار «حالة الطوارئ». أربعة من اللقاحات الصينية تنتجها حاليا الشركات الصينية (لقاحان من قبل شركة الأدوية الحكومية «سينوفارم»، وواحد من شركة «سينوفاك»، والآخر موجه بشكل رئيسي للجيش تشرف على إنتاجه شركة «كانسينو») وقد دخلت المرحلة الثالثة من التجارب.
وذكرت الصحيفة أن هذه اللقاحات كانت في البداية مخصصة للعاملين في «الخط الأول» على غرار الطاقم الطبي، وذلك حتى قبل الوصول إلى المرحلة الثالثة من التجارب، وقد تم تعميمها لتشمل أيضًا موظفي الشركات المملوكة للدولة في الخارج. وبحسب جيروم كيم، مدير معهد اللقاحات الدولي، وهي منظمة غير حكومية مقرها في سيئول في كوريا الجنوبية، فإن «هذه المبادرة غير العادية تستخدم في حالات الطوارئ مثل الوباء».
ولم تكن الصين الدولة الوحيدة التي شجعت على الاستخدام «الطارئ» لهذه اللقاحات، فقد أعطت كل من روسيا والإمارات العربية المتحدة الضوء الأخضر لاستخدام اللقاح الروسي سبوتنيك-في واللقاحات الصينية. ولكن نقص التقارير حول مدى فعالية هذه اللقاحات في مثل هذه المراحل المبكرة من التجارب وضعف مراقبة آثارها الجانبية أثار العديد من التساؤلات حول سلامتها.
وأوردت الصحيفة أن السلطات والشركات الصينية تؤكد أن اللقاحات آمنة ولها آثار جانبية ضئيلة على غرار الحمى والحكة والتعب والدوخة. ونظرا لعدم تسجيل عدد كبير من الإصابات في الصين منذ شهور، فقد كان لا بد من استمرار التجارب السريرية في الخارج. ولا تزال الهيئة الصينية المختصة تعمل على تقييم نتائج المرحلة الثالثة ولكن انخفاض الإصابات في هذا البلد يعرقل الأمر.
وُزع اللقاح الصيني على أكثر من 12 دولة -بما في ذلك البرازيل وإندونيسيا وباكستان والإمارات- ولعل جمع وتفسير البيانات المتاحة بلغات مختلفة ومن خلال منهجيات مختلفة من بين الصعوبات الأخرى التي تواجهها اللجنة العلمية المسؤولة عن تقييم مدى فعالية اللقاح. حيال هذا الشأن، يقول كيم إن «الصين تشعر بضغط هائل فهي تعرف أن أي فشل يمكن أن يمثل ضربة قاتلة لسمعتها، كما حدث مع توزيع الأقنعة الطبية المعيبة».
وترى الصحيفة أن التأخير في نشر اللقاح لا ينبغي أن يقودنا إلى الاعتقاد بأنه علامة على سوء التصرف أو الافتقار إلى الشفافية. ولا يمكن إنكار أن هناك نيّة حقيقية لإيجاد حلول، حيث تستغرق اللقاحات عادة سنوات لتطويرها وليس شهورًا. عموما، لم تنشر جميع الشركات التي تطور لقاحات كوفيد-19 نتائج مفصلة في المجلات العلمية كما تعودنا دائما.
وذكرت الصحيفة أن أنتوني فوسي، أبرز علماء الأمراض المعدية في أمريكا، قال إن سلطات تنظيم الأدوية البريطانية قد سارعت في البداية إلى الحصول على لقاح فايزر-بيونتيك، بيد أنها تراجعت عن ذلك لاحقا. وعلى غرار كندا، أعطت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية موافقتها على اللقاح نفسه بعد خمسة أيام فقط من بدء المملكة المتحدة حملة التطعيم.