فاتورة استيراد الأبقار والأغنام كلفت 1.4 مليار درهم في ظل تراجع القطيع الوطني
تفاقم العجز التجاري للمغرب بشكل لافت خلال الربع الأول من سنة 2025، ليسجل مستوى سالبا قدره 71.6 مليار درهم، مقابل 61.2 مليار درهم في نفس الفترة من السنة الماضية، أي بزيادة تجاوزت 16.9%. ويعكس هذا الاختلال تصاعدا غير متناغم في نسق المبادلات الخارجية، حيث ارتفعت الواردات بنسبة 6.9% لتصل إلى 187.7 مليار درهم، بينما لم تحقق الصادرات سوى زيادة طفيفة بنسبة 1.5%، مستقرة عند 116.1 مليار درهم.
وتفيد آخر إحصائيات مكتب الصرف أن المنتجات النهائية للاستهلاك تصدرت قائمة الواردات، بزيادة قدرها 3.5 مليار درهم (+8.7%)، نتيجة ارتفاع واردات الأدوية ومنتجات الصيدلة بـ 504 ملايين درهم (+20.2%)، والدراجات النارية وأجزائها بـ 300 مليون درهم (+78.7%)، إضافة إلى الأثاث والمفروشات وأدوات الإضاءة التي نمت وارداتها بـ 271 مليون درهم (+22.6%).
كما سجلت واردات المنتجات النهائية للتجهيز ارتفاعا بـ2.48 مليار درهم (+6.1%)، مدفوعة بزيادة مشتريات آلات معالجة البلاستيك والمطاط بـ 435 مليون درهم، والآلات المتنوعة بـ 415 مليون درهم، فضلا عن أنظمة تنقية السوائل والغازات التي ارتفعت بـ 401 مليون درهم.
وفي خانة المنتجات الغذائية، ارتفعت الفاتورة بـ2.05 مليار درهم (+9.4%)، مدفوعة أساسا بزيادة استيراد الحيوانات الحية بـ1.4 مليار درهم، وذلك في سياق الأزمة غير المسبوقة التي تعرفها سوق اللحوم الحمراء بسبب تراجع القطيع الوطني. كما زادت واردات الذرة بـ 660 مليون درهم، في حين تراجعت مشتريات القمح بـ2.06 مليار درهم (-36.9%).
وسجلت الواردات من المواد الخام والمنتجات الأولية ارتفاعا حادا بـ2.02 مليار درهم (+27.6%)، نتيجة ارتفاع واردات الكبريت الخام بـ 749 مليون درهم، وخامات المعادن بـ 498 مليون درهم، إضافة إلى زيت الصوجا الخام أو المكرر الذي ارتفع بـ 450 مليون درهم. أما واردات المنتجات نصف المصنعة فزادت بـ1.62 مليار درهم (+4.3%)، خصوصا من الألمنيوم الخام ونفاياته بـ 394 مليون درهم، والمنتجات الكيميائية بـ 386 مليون درهم، وقع غيار التوصيلات المعدنية بـ 368 مليون درهم.
فيما يتعلق بالمواد الطاقية، ظلت الفاتورة شبه مستقرة عند 28.2 مليار درهم، رغم ارتفاع واردات غاز البترول والوقود بـ 711 مليون درهم، والطاقة الكهربائية بـ 199 مليون درهم، غير أن هذه الزيادات تم تقليص أثرها بسبب تراجع واردات الغازوال والفيول بـ1.05 مليار درهم (-7.4%).
في المقابل، لم تتمكن الصادرات المغربية من مجاراة هذا النسق، حيث سجلت أغلب القطاعات الحيوية أداء متواضعا أو سلبيا. فقط قطاع الفوسفاط ومشتقاته سجل نموا لافتا بـ18.2%، أي ما يعادل 3.1 مليار درهم، بفضل زيادة صادرات الأسمدة بـ 1.9 مليار درهم، والفوسفاط الخام بـ 696 مليون درهم، والحامض الفوسفوري بـ 511 مليون درهم.
وعرف قطاع صناعة الطيران بدوره تحسنا بـ 915 مليون درهم (+15%) نتيجة ارتفاع مبيعات مكونات التجميع وأنظمة الأسلاك الكهربائية للطائرات. أما القطاع الفلاحي والغذائي، فسجل نموا طفيفا بـ 206 ملايين درهم (+0.8%)، مدفوعا بارتفاع صادرات الفلاحة بـ 1.1 مليار درهم، مقابل تراجع الصناعات الغذائية بـ 863 مليون درهم.
وفي قطاع النسيج والجلد لم يسجل أي تحسن، وظلت صادراته في حالة استقرار عند 11.5 مليار درهم. بينما تراجعت صادرات الصناعات الإلكترونية بـ 551 مليون درهم (-11.6%) بسبب انخفاض مبيعات المكونات الإلكترونية بـ 1.1 مليار درهم، رغم تحسن صادرات الكابلات الكهربائية بـ 435 مليون درهم.
وسجل التراجع الأشد في قطاع السيارات، الذي فقد 3.14 مليار درهم من مداخيله التصديرية (-7.8%)، متأثرا بانخفاض صادرات السيارات الجاهزة بـ 4.2 مليار درهم، لم يعوضها سوى ارتفاع جزئي في مبيعات الكابلات بـ 333 مليون درهم.
ويؤشر هذا المشهد التجاري على اختلال بنيوي في الميزان التجاري، حيث تتسارع وتيرة الاستيراد، خصوصا في مجالات حيوية مثل الغذاء والطاقة والتجهيز، مقابل ضعف في دينامية التصدير، باستثناء الفوسفاط وبعض مكونات صناعة الطيران، ما يفرض تحديات هيكلية على تمويل الاقتصاد الوطني واستقرار الحسابات الخارجية.