الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية يقدم مقترح قانون لمحاربة الإثراء غير المشروع ومكافحة الفساد في المغرب

في إطار دوره الرقابي والتشريعي كجزء من المعارضة الاتحادية الفاعلة، تقدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بمقترح قانون متكامل يتعلق بمحاربة جريمة الإثراء غير المشروع، في محاولة لتوفير أداة قانونية رصينة تستجيب للتحديات الكبرى التي تواجه منظومة الحكامة الجيدة في المملكة.
ويأتي هذا المقترح، الذي أعده مجموعة من النواب البارزين منهم عبد الرحيم شهيد، نور الدين آيت الحاج، مليكة الزخنيني، وغيرهم، استجابة لضرورة ملحة لوضع حد نهائي لمظاهر الفساد المالي الذي يقوض التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويهدد الثقة بين المواطن والمؤسسات.
يرتكز المقترح على تعريف دقيق وشامل لجريمة الإثراء غير المشروع، باعتبارها «كل زيادة كبيرة وغير مبررة في المال المنقول أو الثابت، والتي لا تتناسب مع الموارد المشروعة للشخص المعني، مع تعذر إثبات المصدر المشروع لتلك الزيادة»، وهو ما يشمل كذلك الهدايا والامتيازات التي تؤثر على نزاهة الأداء الوظيفي.
من الناحية القانونية، يوسع المقترح نطاق المسؤولين الخاضعين للتصريح الإجباري بالممتلكات ليشمل المنتخبين والمعينين سواء كانوا دائمين أو مؤقتين، مع تضمين حالات الامتناع عن التصريح كقرينة تُفتح بموجبها أبحاث بشأن الإثراء غير المشروع.
ويعطي القانون صلاحيات واسعة للمجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية التابعة له، لقيادة عمليات البحث والتدقيق في التصريحات المالية، مع ضمان السرية التامة للملفات والإجراءات، بالإضافة إلى إتاحة استصدار أوامر قضائية استعجالية من النيابة العامة لمنع تبديد الأموال المتحصل عليها بطرق غير قانونية، أو لمنع سفر المتهمين حتى صدور الأحكام.
وتفرض العقوبات المنصوص عليها في المقترح غرامات مالية ضخمة تعادل ضعف قيمة الأموال المكتسبة بطريقة غير مشروعة، إضافة إلى عقوبات سالبة للحرية تمتد من سنة إلى خمس سنوات، ومصادرة للأموال، فضلاً عن إجراءات تمنع المتهمين من مزاولة الوظائف العامة، مما يضفي بعداً ردعياً قوياً على القانون.
كما ينص المقترح على تجريم حالات تضارب المصالح، وتحديد إجراءات إلزامية للإفصاح عنها ورفعها، وهو ما يكرس مبدأ الشفافية ويحد من الاستغلال غير المشروع للوظائف العامة.
ويعتبر الفريق الاشتراكي أن هذا المقترح القانوني يأتي ليكمل الجهود الوطنية المبذولة من قبل جلالة الملك والسلطات الحكومية لمحاربة الفساد وتجديد الثقة بين المواطن والمؤسسات، حيث يشكل خطوة ملموسة تنسجم مع مقتضيات دستور 2011 الذي يؤكد على أهمية الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ويضيف الفريق أن تبني هذا القانون سيكون منطلقاً حقيقياً لتعزيز الشفافية في الإدارة العمومية، ودعماً قوياً للمسار التنموي الذي يهدف إلى بناء دولة المؤسسات والقانون، مع توفير آليات قانونية وإجرائية متكاملة تضمن مراقبة أموال المسؤولين، ومنع استغلال المناصب لتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة.
وتأتي هذه المبادرة التشريعية في ظل غياب منظومة قانونية متكاملة تعالج الإثراء غير المشروع بشكل مستقل، حيث إن القوانين السابقة اقتصرت في أغلبها على فرض عقوبات محدودة ضمن قوانين جزئية، وهو ما لم يحقق النتائج المرجوة على أرض الواقع.
في الختام، يؤكد الفريق الاشتراكي على ضرورة إقرار هذا المقترح في أقرب الآجال، مع توفير الموارد اللازمة لتفعيل مؤسسات الرقابة، خصوصاً المجلس الأعلى للحسابات، وتعزيز التعاون مع الهيئات الوطنية والدولية المختصة، لضمان محاربة شاملة وفعالة للفساد المالي بكل أشكاله.


الكاتب : م. الطالبي 

  

بتاريخ : 03/07/2025