الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يحذر من استمرار تهميش النساء والطفلات وإقصائهن

 

ساءل يوسف إيدي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، وزيرة التضامن الاجتماعي والأسرة، عن وضعية المرأة المغربية وعن أدوارها في التغيير، وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك خلال تدخله، أول أمس بمجلس المستشارين في إطار الجلسة الدستورية لاستجواب الحكومة، وقال رئيس الفريق الاشتراكي في تعقيبه على رد الوزيرة باسم الحكومة، إن إرساء النموذج التنموي الجديد يقتضي ترسيخ منظومة متماسكة أساسها المناصفة والمساواة والكرامة الإنسانية من أجل محاربة الإقصاء والتهميش وضمان الإشراك الفعلي لمختلف الفئات الاجتماعية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، موضحا أنه ومن هذا المنطلق، نؤكد في الفريق الاشتراكي على ضرورة التأويل المنفتح والحداثي للمقتضيات والقوانين المؤطرة لمجتمع المساواة والمناصفة وتكافؤ الفرص بوصفه الإطار المجتمعي المتسع للجميع والضامن لكرامة بناته وأبنائه مشددا على أنه ينبغي، في هذا الصدد، تعزيز المسار الذي اختاره المغرب حيث استطاع، خلال العقدين الأخيرين، أن يجعل من قضايا النهوض بأوضاع النساء جزءا لا يتجزأ من المشروع المجتمعي الشامل المتعلق بالإصلاح والمصالحة، حيث تحققت مجموعة من المكتسبات الهامة، التي بوأت المرأة مكانة متميزة في الفضاء العمومي، وقد تم تتويج هذا المسار النضالي باعتماد الوثيقة الدستورية ذات المقتضيات الأساسية، وخاصة الفصل 19، إذ تم التنصيص على ضرورة تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في جميع المجالات.
وكشف إيدي، أنه تبرز اليوم، أكثر من أي وقت مضى، المسألة النسائية في صلب إشكالية التحديث المجتمعي والسياسي، سواء تعلق الأمر بدورها في البنيات الاجتماعية، مثل الأسرة، أو في ما يتعلق بتراتبية المواقع داخل المجتمع، أو بالنسبة للمساهمة في مجال الإبداع الاجتماعي والثقافي، أو في ميادين صياغة القرارات المهيكلة للسلط السياسية والقانونية والاجتماعية. وإذا كان مكتسب دسترة جملة من الحقوق لحظة اعتراف بمطالب مجتمعية فإن الرهان الأصعب هو المتمثل في المصالحة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لصالح نساء هذا الوطن .
وكشف المتدخل أن مظاهر البؤس المؤنث تقاطعت وتظافرت‮: ‬نساء صادفن الموت‮ ‬في‮ ‬وسائل‮ ‬نقل‮ ‬غير مؤمنة،‮ ‬وأخريات‮ ‬عانقن قوارب الموت بمناسبة البحث عن الحياة،‮ ‬ونساء تعرضن للاغتصاب العلني،‮ ‬ناهيك عن مختلف سلوكات العنف‮ ‬في‮ ‬الفضاءين العام والخاص،‮ ‬والتضييق على حقوقهن،‮ ‬وانتهاك حرمة حياتهن الخاصة‮.
وفي هذا السياق، ندعو في الفريق الاشتراكي إلى التوقف عن تكريس الصورة النمطية للنساء، في‮ ‬المجالين السمعي‮ ‬والبصري‮،‬ وإلى حسن استثمار وتسويق النماذج الوضاءة‮ ‬للمرأة، ‬سواء على مستوى وصلات الإشهار أو في‮ ‬مختلف البرامج الفنية والعلمية والإبداعية‭.
كما ندعو مختلف المعنيين،‮ ‬رجالا ونساء، إلى وقف حملات العنف والتشهير بالحياة الخاصة للمرأة‮ ‬على‮ ‬مواقع التواصل‮ ‬الاجتماعي‮ ‬مهما كانت دواعي‮ الخلاف أو الاختلاف.
وأوضح إيدي أن تموقع المرأة المغربية داخل السياسات العمومية عانى من تداخل مجموعة من العوامل قوضت نجاعة هذه السياسات، فإذا كان وقع الأزمات السياسية والاحتقانات الاجتماعية عطل عجلة الإصلاح السياسي لصالح النوع، فإن الأزمات الاقتصادية وضعف مناعة القرار السيادي في مراحل صعبة من تاريخ المغرب ساهم في تعقيد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمرأة المغربية وترسيخ واقع التهميش، مردفا بالقول إن مجتمعنا طبع مع واقع أن إناثه تَعوله دون حقوق، حيث تُعيل النساء المغربيات 19.3 % من مجموع الأسر القاطنة بالمدن و12.3 % من القاطنة في القرى، بنسبة تراوح 71.7 % من المطلقات والأرامل، حيث تنتعش الأمية بنسبة 83 % في أوساطهن، إضافة إلى واقع العوز التأطيري حيث لا يمتلكن القدرة على تنويع مصادر دخلهن ودون تغطية اجتماعية ولا حماية قانونية.
واستنكر رئيس الفريق من مجتمع لا يندى جبينه أمام بؤر استنزاف نسائه ظلما بفعل ضعف تطبيق القوانين؛ إذ لايزال القطاع غير المهيكل الأكثر استقطابا للشغيلة النسائية دون حماية قانونية أو اجتماعية، وما زالت أجور الشغيلة النسائية أقل بقرابة الثلث من أجور الذكور، بالإضافة إلى اشتغال 90 % منهن دون عقد شغل، وتبديد % 39.9 من النساء الحاصلات على تكوين عال في البطالة واللاإنتاج، ولايزال هناك قانون يحرم ذوي الحقوق من معاش المرأة المتوفاة، ويحرم المطلقة من الاستفادة من التغطية الصحية في حالة المرض المزمن وغيرها من لحظات العنف القانوني أوعنف الدولة.
كما كشف المتدخل أن مجتمعنا مازالت تتكاثف فيه أسباب هَجر الطفلات لمقاعد الدراسة، إذ تتعثر السياسات العمومية الموجهة للتعليم في قطاعيتها وتشابكاتها ومحدوديتها، وتكثف الهدر المدرسي في صفوف الطفلات بسبب قلة الأمن وتعقد الولوج ووعورة  المسالك وفقر الأسر، وهنا تجد جريمة تزويج الطفلات مرتعها تحت مظلة فتاوى الظلام والقراءات الشاذة لتعاليم الدين.
وحذر إيدي من تحولنا إلى مجتمع ألِف جرائم تعنيف النساء في البيوت المغلقة والشوارع المفتوحة وأماكن العمل والدراسة وبكافة أشكال العنف الجسدي واللفظي والنفسي؛ باسم الأسرة وعلاقة الزواج وعلاقة العمل، وأحيانا باسم الدين والقانون وتحت طائلته .
وكشف أيضا بأن مجتمعنا لا يقوى على مواجهة ظواهره الاجتماعية السوداء، ولا يزال سجين الطابوهات والمحاذير والخطوط الحمراء، ولايزال يطعن في أن 600 امرأة، على الأقل، تغادرالحياة في ظروف الإجهاض السري، وأن تجارة البشر والنساء، على الخصوص، تنخر قيمه واستقراره.


الكاتب : محمد الطالبي مكتب الرباط

  

بتاريخ : 09/12/2021