الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يساءل الحكومة

يوسف ادي: ندعو لخلق فيالق من المتطوعين المدربين لمواجهة الحرائق
عبد السلام بلقشور: برنامج فرصه شبيه ببرنامج مقاولتي الدي زج بشبابنا في السجون

 

دخل الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية على خط المأساة التي خلفتها وتخلفها الحرائق التي عصفت بعدد من المناطق على المستوى الوطني، حيث تدخل رئيس الفريق الاشتراكي يوسف إيدي متسائلا عن استراتيجية الحكومة في مواجهة حرائق الغابات وحماية المجتمع والبيئة، وتعقيبا على جواب الوزير أكد المتدخل أن المغرب يشهد سنويا حرائق مهولة بالغابات التي تغطي مساحات كبيرة تقدر بنحو 12% من المساحة الإجمالية للبلاد، وقد اندلعت مؤخرا حرائق غابوية في بعض المناطق بشمال المغرب: العرائش، وزان، تطوان، تازة… لم تخلف خسائر بشرية، ولكنها أتت على مئات الهكتارات من الأراضي الفلاحية وأشجار الزيتون والغابات، والمنازل … وهذا فيه ضرر مادي كبير لسكان هذه المناطق. ومما زاد الوضع صعوبة، كثافة الغطاء الغابوي وصعوبة التضاريس وانعدام نقط المياه بعين المكان والجفاف الذي يعرفه المغرب، كلها عوامل حالت دون التدخل السريع للوقاية المدنية للسيطرة على الحرائق. وأوضح إيدي أنه ورغم المجهودات التي تقوم بها الوقاية المدنية والسلطات المحلية وتدخل القوات المسلحة الملكية المتخصصة في إطفاء الحرائق، إلا أنه في نظرنا كفريق، نرى أن الحرائق ككارثة طبيعية يشهدها المغرب كل صيف، تتطلب نوعا من اليقظة والترقب، والعمل على التوعية المستمرة لساكنة هذه المناطق بمخاطر الحرائق، مع إشراكهم في عملية التخطيط في مواجهتها ككارثة طبيعية خطيرة، أو كفعل إجرامي مجهول، وتتطلب أيضا الاستعدادات والتجهيزات بالنسبة للفرق المهنية المتدخلة وخاصة على مستوى الوقاية المدنية بصفة أساسية. وفي نظرنا أنه من المفيد جدا للمغرب، أن يعمل على تكوين فيالق من المتطوعين غير المهنيين، يخضعون لتكوينات منتظمة وتدريبات مستمرة، من أجل التدخل في حالة الكوارث الطبيعية المختلفة ومنها الحرائق، هذا النوع من التجارب برهن على نجاعته في عدة دول، وفي ظل التغيرات المناخية التي تجتاح العالم، أصبح من الضروري الاعتماد على خطط استباقية تشاركية مع المواطنين، لتوعيتهم بما يهددنا من مخاطر طبيعية قد تعصف باستقرارنا جميعا.
وفي موضوع يكتسب أهمية بالغة للشباب المغاربة تدخل المستشار عبد السلام بلقشور مسائلا وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني عن التدابير والإجراءات المتخذة لضمان تيسير وتدبير برنامج «فرصة» موضحا في تعقيبه أنه
مع انطلاق البرنامج الحكومي «فرصة» الذي تقول الحكومة إنه لتمويل مشاريع 10 آلاف شاب سيتم انتقاؤهم وفق معايير محددة بهدف تشجيع الاستثمار والنهوض بالمقاولة المغربية وامتصاص البطالة، فإنه يذكرنا ببرنامج «مقاولتي» الذي تم إطلاقه منذ سنوات، والنتيجة كانت الزج بالعديد من الشباب داخل السجن بسبب تعثر برامجهم، وعدم قدرتهم على تسديد ديون الأبناك، بسبب غياب المواكبة والتأطير من جهة، وعدم القدرة على المنافسة أمام الشركات الكبرى من جهة ثانية، وهما العاملان المرجح استمرارهما، خاصة أمام تكليف الشركة المغربية للهندسة السياحية التابعة لوزارة السياحة بمواكبة المشاريع المنتقاة، وتغييب وزارة التشغيل والإدماج الاجتماعي والمقاولات الصغرى صاحبة الاختصاص في مثل هذه البرامج، هذه الشركة التي تم إنشاؤها في عهد وزير سابق، كانت محط انتقادات لاذعة من طرف المجلس الأعلى للحسابات بسبب سوء تدبيرها وعدم قدرتها على جلب مشاريع استثمارية لقطاع السياحة ذات قيمة مضافة، وكان قد أوصى بحلها لكون نموذجها المالي مبني على وضعية ريعية محضة، ليؤكد ذلك تقرير لجنة مراقبة المالية بمجلس النواب المتعلق بقطاع المؤسسات والمنشآت العمومية: الحكامة والبعد الاستراتيجي في دورة أبريل 2021، وبالتالي تكليفها بتنزيل برنامج «فرصة» الذي تصل ميزانيته إلى 120 مليار سنتيم، يثير العديد من التساؤلات والتخوفات حول تحقيق الهدف. وأشار بلقشور كذلك إلى أن الاستعانة بمن يوصفون بـ»المؤثرين» على منصات مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لبرنامج»فرصة»، يعد خطوة غريبة ومُستهجنة، أنفقت فيها الحكومة بغير وجه حق ملايين الدراهم من المال العام الذي يؤديه دافعو الضرائب من جيوبهم المأزومة أصلا، كما أن الحكومة بهذا السلوك الأرعن، والأقرب إلى الفولكلور(في أوج الأزمة)، تعبر عن عدم ثقتها في الإعلام العمومي، وهي بذلك تحاول أن تغطي عجزها التواصلي الفظيع، وتغطي ضعف مبادراتها المعزولة، من خلال تلميع صورتها المهزوزة لدى الرأي العام، باستغلال المال العام، وتعبئة مواقع التواصل الاجتماعي لمهاجمة كل من ينتقدها، فأي مصداقية للحكومة، التي عوض أن تدعم القدرة الشرائية للمواطن، لجأت إلى «البوز» و»الماركوتينغ» وضرب الصحافة الوطنية، علما أن أي مشروع حكومي عندما يكون وجيها فهو يلقى تجاوبا دونما حاجة إلى هذا النوع من التسويق، وهو ما يؤكد أن البرنامج فارغ ويخلو من أي مضمون أو قيمة مضافة، في ظل ضبابية مسطرة الانتقاء وعدم توضيح شروط الاستفادة وغياب آليات التحسيس والتعبئة.
وكشف المستشار الاتحادي أن اعتبار الولوج للقروض والفائدة الناتجة عنها هي العائق الأساسي أمام إدماج الشباب في العجلة الاقتصادية يشكل منطقا خاطئا، حيث أن الولوج للتمويل ما هو إلا أحد العوائق التي تحول دون التمكين الاقتصادي للفئات الهشة، وأن التمويل لوحده غير كاف لخلق أي قيمة مضافة، فالتشجيع على الاستثمار ينطلق من القضاء على الريع والاحتكار، وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة وتبسيط المساطر الإدارية ورقمنتها، وتحقيق العدالة الضريبية، وإقرار قواعد المنافسة الشريفة، أما إغراء الشباب الحالم بالقروض فهذا يزيد من تأزيم وضعهم وهو أسهل شيء يمكن القيام به، وقبل اجترار نفس البرامج التمويلية السابقة مع تغيير في الأسماء وبعض التفاصيل، كان لا بد من تقييم هذه البرامج والوقوف على مكامن ضعفها وأسباب فشلها، فالميزانية المرصودة للقروض تظل غير كافية في غياب منظومة شاملة تهيئ المناخ الاقتصادي واللوجستيكي عن طريق الاستثمارات الداعمة والشراكات الذكية التي تعالج التحديات والحاجيات التي قد يواجهها الشباب، ففي غياب جهة تشرف على دراسة السوق المغربي وإبداع الأفكار وهندسة المشاريع سيجد البرنامج نفسه أمام آلاف المشاريع المنسوخة (صالونات الحلاقة، دكاكين، محلبات…) وغيرها من المشاريع المتداولة والفاقدة لأي روح إبداعية، لينتهي بها المطاف في منافسة شرسة في ما بينها، أو ستنتهي بالفشل في أسوأ تقدير، وقد يلجأ بعض الشباب إلى اقتناء سلع وعرضها على الرصيف كباعة متجولين مما يختلف تماما مع توجهات الدولة في مواجهة هذه الظاهرة، وأضاف إن إنجاح مثل هذه البرامج يتطلب الاستفادة من خبرات وتجارب وتتم تحت إشراف خبرات مغربية خالصة تتوفر على رؤية موضوعية للسوق الوطنية، فمن المؤسف جدا أن تكون كفاءات مغربية مسؤولة عن إنشاء برامج تنموية مماثلة وإنشاء صناديق في عشرات الدول عبر إفريقيا والشرق الأوسط وألا يتم الاستفادة من خبرتها داخل الوطن، ( كصندوق التمكين الاقتصادي للشعب الفلسطيني والذي يصل حجمه ل500 مليون دولار، أو جائزة ECW للأمم المتحدة، أو برنامج إعادة توطين اللاجئين في سوريا، أو الاستدامة المالية للأونروا بعد أزمة إيقاف الدعم الأمريكي لها والذي كان يصل إلى 300 مليون دولار كانت كلها من نصيب شركات وكفاءات مغربية.


الكاتب : محمد الطالبي الرباط

  

بتاريخ : 28/07/2022