الفريق الاشتراكي يصوت ضد مشروع القانون التنظيمي الخاص بالمحكمة الدستورية ويعتبره خرقاً سافرا للدستور

سعيد بعزيز: «نحن أمام لحظة تشريعية «نشهد فيها مجزرة تطال الدستور»
ما يجري يوحي بإرادة «خلق تشريع على المقاس لجلب أشخاص بعينهم»

 

 

وجّه الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية انتقادات قوية للحكومة خلال جلسة مجلس النواب المخصصة للدراسة والتصويت على مشروع القانون التنظيمي رقم 36.24 المتعلق بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 66.13 الخاص بالمحكمة الدستورية، معتبراً أن المشروع يشكل «خرقاً صافياً للدستور» و« تحايلاً خطيراً على التعاقد الدستوري».
وفي مداخلة باسم الفريق، عبّر النائب عزيز بعزيز عن أسف المعارضة لكون البرلمان يوجد، حسب تعبيره، أمام لحظة تشريعية «نشهد فيها مجزرة تطال الدستور»، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق بتأويل خاطئ أو تنزيل غير ديمقراطي، بل بـ«دوس صريح على الدستور وانتهاك غير مسبوق لمقتضياته».
وشدد بعزيز على أن الدول تُقاس بقوة مؤسساتها، محذراً من أن الاختلالات التي تشوب السياسات العمومية لا ينبغي أن تُنقل إلى المؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها المحكمة الدستورية، معتبراً أن بقاء الدولة واستمراريتها رهينان بصون هذه المؤسسات من كل عبث تشريعي.
ووصف المتحدث المشروع المعروض بأنه «تحايل خطير على الدستور»، مؤكداً أن الفصول الدستورية المتعلقة بالمحكمة الدستورية واضحة ولا تقبل «المراوغة أو التلاعب». وأبرز أن القضاء الدستوري يقوم على مبدأين أساسيين لا يقبلان أي استثناء: عدم تجاوز مدة الولاية تسع سنوات، وعدم قابلية العضوية للتجديد، محذراً من أن السماح بتمديد غير مباشر للولايات قد يرفعها إلى اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة سنة، وهو ما اعتبره اختلالاً دستورياً جسيماً.
وفي سياق متصل، تساءل بعزيز بنبرة انتقادية عن الرسالة التي توجهها الحكومة، داخلياً وخارجياً، عندما تُقدِم على تعديل الدستور عبر قانون تنظيمي، وكأن البلاد «تفتقر إلى الكفاءات القضائية والفقهية والإدارية»، مضيفاً أن ما يجري يوحي بإرادة «خلق تشريع على المقاس لجلب أشخاص بعينهم».
وحذّر الفريق الاشتراكي من أن هذا التوجه قد يفضي إلى خلق ولاءات داخل المحكمة الدستورية، وربط استمرار بعض أعضائها بإرادة من عيّنهم أو انتخبهم، ما يشكل، حسب المداخلة، تهديداً مباشراً لاستقلال القضاء الدستوري، وتراجعاً عن مبدأ أن القاعدة القانونية يجب أن تكون عامة ومجردة.
وفي تناوله لمقتضيات الفصل 131 من الدستور، شدد بعزيز على أن الدستور خوّل للقانون التنظيمي تحديد كيفية تعيين من يُكملون ولاية سلفهم، وليس شروط إعادة تعيينهم أو انتخابهم، معتبراً أن الحكومة تجاوزت التفويض الدستوري الممنوح لها، وفتحت باباً للاجتهاد في غير محله.
كما أثار المتحدث إشكالات مرتبطة بمسألة الإحالة على تفسير المحكمة الدستورية داخل النصوص القانونية، متسائلاً عن طبيعة هذه الإحالة ومكانها وآثارها القانونية، ومعبّراً عن تخوفه من أن يؤدي ذلك إلى إفراغ العمل التشريعي من مضمونه، وإضعاف مكانة القانون.
وفي ختام مداخلته، أعلن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية رفضه القاطع لمضامين مشروع القانون التنظيمي، داعياً إلى احترام الدستور وتأويله تأويلاً سليماً، بعيداً عن أي اعتبارات تخدم «مصالح أشخاص» أو تفتح المجال أمام إخضاع القضاء الدستوري لمنطق الولاءات، ومشدداً على أن حماية الدستور تظل مسؤولية جماعية لا تقبل المساومة.


الكاتب : محمد رامي

  

بتاريخ : 24/12/2025