توفي أول أمس الأربعاء الفنان القدير عبدالرحمان برادي، بعد معاناة مع المرض.
فنانون وأصدقاء الراحل ومحبوه ،نعوا الفقيد، واستحضروا عطاءاته الفنية والإبداعية على مدى عقود من الزمن.
كيف نملك القدرة على الرثاء ومازال حزن الأمس يطوف بالأرجاء؟ لكنه الموت، يخطف ما يشاء ولا سلطان لحكمه عند حلول القضاء… ها نحن نعيش يوما حزينا آخر بوفاة الفنان سي عبد الرحمان برادي…
تفقد القدرة على صياغة جملة مفيدة وأنت تواسي من ودع عزيزا إلى مثواه الأخير وعاد خالي الوفاض إلا من هول الفاجعة وأطنان الحزن ووجع الفراق…
كم يحز في النفس ونحن نرى اليوم عددا من رواد فن التمثيل المغربي وهم يتألمون من شدة المرض وألم الفقر والحاجة، بعد أن دخلوا مرحلة أرذل العمر في تجاهل تام ونكران غريب للأوصياء على الفن والثقافة بهذا البلد، وكم كان محزنا ونحن نرى المبدع عبد الرحمان برادي يتشبت بالحياة رغم جبروت المرض والتجاهل والفقر….نعم تحت رحمة العوز والحاجة التي تدمي القلوب و تلغي بجرة قلم رصيدا فنيا زاخرا على امتداد عدة عقود من التضحيات…
ولج عالم الفن منذ سنة 1962، كان عمره حينها 14 سنة. انخرط في العمل الجمعوي، التحق بفرقة النجمة الذهبية وهو في ربيعه 17، رفقة الفنان عبد الرحيم التونسي المعروف ب(عبد الرؤوف)، كما اشتغل مع عدة فرق مسرحية بدار الشباب بوشنتوف. وفي سنة 1970، التحق بفرقة الكوميدي والممثل الراحل محمد بن ابراهيم، وكذا مع المخرج المسرحي الراحل محمد سعيد عفيفي بالمسرح البلدي بالجديدة. حيث عمل إلى جانب مجموعة من الفنانين والفنانات اللذين وقعوا على مسار فني كبير، نذكر منهم (سعاد صابر، فاطمة الناجي، شهرمان، محمد الدرهم…). من بين أعمالهم مسرحيات (السوانح، رشمون، لافار،لموليير، عطيل…).قبل ان يعود ليجاور فرقة عبد الرؤوف ويسري شاكر بالدار البيضاء، حيث لعب أدوارا طلائعية في عدة أعمال فنية ( أدب وطرب، شوف واسمع تعرف،حكايات من الفلكلور،ألف ليلة وليلة، كما شار ك في عدة أعمال تلفزيونية وسينمائية. شكل في إحدى فترات حياته الفنية، ثنائيا ساخرا، إلى جانب محمد بن إبراهيم،….
فالرجل الذي قدم العديد من الأعمال الفنية الكوميدية بسخاء، وأسعد مغاربة المهجر في أكثر من جولة فنية بأوربا، وساهم في التخفيف عن الجنود المغاربة في الجنوب مباشرة بعد استرجاع الصحراء، يعاني التهميش من طرف المسؤولين والساهرين على الشأن الفني والثقافي في المغرب….
وداعاً سي عبد الرحمان…الرصيد الفني الزاخر على امتداد عدة عقود من التضحيات….
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ومغفرته وخالص العزاء لأسرته ومحبيه.