من حين لآخر تطل علينا الفنانة المغربية سامية أحمد ، عبر صفحاتها بالشبكة العنكبوتية ، بجديد أعمالها، هي التي عرفت بين الجمهور بكونها تؤدي الأغاني الطربية، وتميزت بهذا اللون الغنائي منذ بداياتها، كما اشتهرت بكونها فنانة مثقفة، وأيضا «عاشقة للفن التراثي الغرناطي والأندلسي والأغاني الكلاسيكية والمؤمنة بتلاقح الألحان والثقافات وأهمية الألحان العذبة كما الكلام الجيد الذي ينهل من النصوص الشعرية الزجلية سواء منها المغاربية أو العربية»، كماجاءعلى لسانها أثناء حوار سابق مع جريدة « الاتحاد الإشتراكي» بعد إصدارها لألبومها «للا مولاتي». علاوة عن ذلك فهي تغامر في كل مرة في اكتشاف نفسها في لون غنائي جديد .
لاحظ رواد الأنترنيت مؤخرا، أن سامية أحمد أصدرت أغنية موجهة للأطفال، ولمعرفة المزيد حول جديدها، فضلا عن علاقتها بالمواقع الإجتماعية وأيضا عن رأيها في ما يقع في العالم حاليا.. كان هذا الحوار.
سبق ونشرت سامية أحمد على صفحاتها بالإنترنيت خبر حول ألبوم “ولادة” موجها للأطفال، لكن لم نسمع عنه الكثير فأين وصل هذا المشروع؟ وما هي تفاصيله؟
ألبوم ولادة أنتج بدعم من وزارة الثقافة، ويتكون من أربع أغان، أغنيتان تحت عنوان: “ولادة” و”لهفة”، من تلحين وتوزيع الفنان يونس الخزان ، وكلمات الزجال كمال خزان . وأغنيتان أخريتان تحملان عنوانا: “حروف الأبجدي” و”لحن السلام”، من تلحين سامية أحمد وتوزيع فؤاد خدري وكلمات الشاعروالكاتب المغربي عبد السميع بنصابر.
وبما أن التيمة كانت كلها موجهة للأطفال ، أردناه هدية لهؤلاء، و قررنا طرحه في بداية الموسم الدراسي، لكن للأسف تزامن الدخول المدرسي مع الزلزال الذي ضرب المغرب ، فآثرت ألا أطرح كل الأغاني دفعة واحدة على قناتي باليوتيوب، احتراما لمشاعر الناس.
عندما أتحدث عن احترام مشاعر الناس لا يعني بأنني ابخس رسالة الفن، بل بالعكس أرى بأن هذا الأخير هوأيضا تعبير على الأحاسيس على اختلاف نوعيتها، كل ما أقصده أن الكل، حينها، كان في حالة من “التضامن” ولو كانت لدي أغنية تتحدث عن التضامن وقتها ، لأخرجتها للوجود، بيد أن موضوع الألبوم يتمحور حول الأطفال، فآثرت أن أطرح أغنية “حروف الأبجدي” أولا.
دائما، من خلال صفحتك على الفايسبوك، أعلنت عن صدور أغنية جديدة، تحت عنوان “لحن السلام”، فما هي ظروف هذا العمل وهل له ارتباط بما يجري حاليا بغزة؟
أخذت بعض الوقت قبل أن أقرر إخراج أغنية “لحن السلام” للوجود، وما أحوجنا اليوم، مع ما يقع في العالم، لرسائل تدعو للسلام، خاصة وأننا نعيش واقعا يتسم بالحزن والأسى ، والإحساس بالذنب، إذا صح التعبير، لكوننا نعيش نوعا ما حياة الرغد بالمقارنة مع ما يعيشه آخرون لا يقلون انتسابا منا لجنس البشر،و يعرفون حياة دون مأكل أو مأوى ويطغى عليها اللأمان واللاسلم، وبالتالي فنحن الفنانون نحث من خلال هذا الوسيط الذي نستعمله، وهو الفن، للدعوة للسلم والسلام لكل من يتقاسم معنا هذا الفضاء الأرضي.
أنطلق في تحليلي هذا، من منظور أن الإنسان بشكل عام، يحتاج أن يعيش في هناء لكي يقدر على الأقل أن يحقق التوازن في حياته. ما يقع في غزة أراه بعين الإنسانة قبل الفنانة، وأحس بأنها قضية تعكس ممارسات بها الكثير من الحيف تجاه سكان تلك المنطقة الذين يطالبون فقط باسترجاع أراضيهم، وأن تكون لهم أدنى الحقوق.شخصيا، ليس لي علاقة بمجال السياسة، ولكنني أفهم في المجال الإنساني، و انطلاقا من هذا،لا أستوعب أن إسرائيل تقوم بضرب أطفال وشيوخ..هل بدورهم يمثلون خطرا عليها؟، أو كما يقال يعتبرون “إرهابيون” ؟؟، وبالتالي على من يهمهم الأمر من السياسيين أن يجدوا حلا للتسوية في هاته القضية. الظلم تقوى في تلك المنطقة، واختلت موازين القوى. و كإنسانة تناصر القضايا العادلة، فأنا أناصر غزة وفلسطين بشدة، لأنها من القضايا الإنسانية العادلة، بعيد عن الإنتماء الديني ، فما أحوجنا إلى السلم والسلام في غزة وفي جميع الأوطان.
ما مدى اهتمام سامية فنيا بالقضايا التي تحيط بها؟ وهل تعتبر أن الفن قاطرة نحو التحسيس وتغيير بعض الأوضاع الإنسانية؟
أكيد أن الفن هو أداة وهو “القاطرة”، كما جاء في السؤال ، للتحسيس أو لخلق مجتمع راق وسوي. في نظري يجب الإشتغال على الفن بطريقة مهذبة، وبها حبكة لأنه هو القنطرة بين الرسالة التي يحملها إبداع الفنان ولا وعي المتلقي، وبالتالي فالفن المشتغل عليه بجدية ومجهود، يستطيع تمرير الخطاب بشكل مباشر وتكون له فاعلية داخل المجتمع .
هل تعتبر سامية أحمد ان المواقع الإلكترونية الخاصة بها، السبيل الوحيد والأجدى لتسويق أعمالها، وما مدى استعمالها لصفحات الشبكات الاجتماعية؟
أعترف بأنني مقلة قليلا في استعمالي للمواقع الإلكترونية والمواقع الإجتماعية. سواء الأنستغرام أوالتيكتوك. أما تعاملي مع الفايسبوك فهو مخنلف لأن لدي مجموعة من الاصدقاء ، يجمعنا مشترك و نتقاسم تدوينات لها حمولة ثقافية فنية فكرية وفلسفية ونوعا من الضحك أيضا، فأنا بالمناسبة أحب كثيرا “اللعب بالكلمات” . أعتبر أن الفايسبوك أصبح مرآة المجتمع، فبنفس الشكل الذي يختار الشخص الناس الذين يتناسبون معه في الحياة الواقعية ، يختار الناس الذين يتفاهم معهم في الحياة الإفتراضية.
فعندما تلف حولك أصدقاء، فإن خوارزمية الفايسبوك تجلب لك أناسا يشبهونهم، لهذا فإنني في الفايسبوك بالطبع أشارك جديدي ولكن أشارك أيضا حتى السؤال والتساؤل. فأنا بطبيعتي دائمة السؤال ودائمة التساؤل وبالتالي فعندما أنشر تدوينة على صفحتي، أفعلها من أجل خلق النقاش حولها سواء أ كانت تتعلق بحالة أو مشاعر أحسست بها ، فأنا أحب أن أراها من جوانب مختلفة ومن خلال تفاعل أصدقائي و تعليقاتهم، يتولد لدي الشعور واليقين بأنني أرتقي لأنني أومن بأنني لا أملك الحقيقة المطلقة .
الكثير من الناس يتحدثون عن الجوانب السلبية في المواقع الإجتماعية، لكنني صراحة أحاول أن أرى فيها الشق الإيجابي. وهذا الأخير يكمن من وجهة نظري في هذا التقاسم وهاته المعرفة التي نتشارك فمثلا عندما يتحدث أحد الأصدقاء عن فيلم أو كتاب معين فهذا يثير فضولي ويجعلني أبحث عنه، أما الاشخاص الذين يزعجونني فأسمح لنفسي ببمحيهم من خانة الأصدقاء، أو صفحة بها استخفاف بالذوق أو بذكاء الناس فإنني أنسحب منها. وبالتالي فإنني ارى بأن لدي القدرة على اختيار ما أراه ولي اليد لأستعمل المواقع الإجتماعية بالشكل الذي يناسبني، فالخوارزميات كما قلت سابقا تجلب الصفحات التي تغني شغفك .
ما هو جديد الفنانة سامية أحمد؟
جديدي هو مشروع الذي يعتبر نوعا ما تحديا ، إذ به سامية تغني ألوان أخرى بعيدة عن الألوان التي ألفت أن تقدمها. وأترك الفرصة للتحدث عن هذا الموضوع في مناسبة أخرى، حينما يحين الوقت لذلك ويكتمل النصاب . وهو مفاجأة، كل ما يمكن القول عنه هو مشروع فني بطعم التحدي ، لا أعرف إن كنت سأنجح فيه ولكن على الأقل يشفع لي بأنني حملته كتحد لاعتزازي بتراثنا المغربي .