القمر بنسالم .. من ضحية سنوات الرصاص إلى ضحية حرمان من الحقوق الوظيفية والاجتماعية

لا يزال أحد ضحايا سنوات الجمر والرصاص في المغرب، المعتقل السياسي الاتحادي القمر بنسالم، يعاني من تبعات اعتقاله رغم مرور عقود على نيله العفو الملكي في 1980، فبدلا من أن يكون العفو، ومعه شعار «طي صفحة الماضي»، بداية لإنصافه واستعادة حقوقه، تحول كل ذلك إلى مجرد «حبر على ورق» بالنسبة إليه، بسبب عراقيل وانتقامات سياسية واجتماعية جعلته في حصار مستمر بآمال عالقة.
بعد اعتقال القمر بنسالم، في 27 ماي 1973 بمدينة خنيفرة، خاض تجربة مريرة بدأت بتعريضه لشتى أنواع التعذيب، الجسدي والنفسي، في غياهب مراكز الاعتقال السرية، قبل محاكمته في 31 غشت 1973 والحكم عليه بالسجن 20 سنة، قضى منها أكثر من سبع سنوات في السجن المركزي بالقنيطرة قبل أن يستفيد مع ما تبقى من المعتقلين الاتحاديين من عفو ملكي شامل في 19 يوليو 1980.
وبعد الإفراج عنه، وجد بنسالم نفسه يواجه أشكالا أخرى من القمع والعقاب، لا تقل قسوة عما كان عليه الحال خلف القضبان، حيث لم تُنفذ قرارات إنصافه، وظل محروما من حقوقه الوظيفية والاجتماعية رغم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في 2008 لصالحه، والمرتبطة أساسا بجبر الأضرار الفردية واستكمال التحريات وتسوية الملفات القانونية لضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة والاختفاء القسري.
ورغم إعادة توظيفه في الصندوق الوطني للقرض الفلاحي سنة 1994، لم يحصل القمر بنسالم على تعويض عن الضرر الذي لحق به، بل تعرض لتنقيل تعسفي من خريبكة إلى بوعرفة في 2001، على بعد حوالي 1000 كيلومتر، كإجراء انتقامي بسبب مواقفه السياسية والنقابية، ما اعتبره محاولة واضحة لدفعه إلى الاستقالة أو إخضاعه بالقوة، سيما أمام تجاهل المؤسسة القرار الملكي بعدم تفعيله.
وكم كانت مفاجأة بنسالم صادمة عقب فصله من العمل نهائيا، وحرمانه من حقوقه القانونية والاجتماعية والمادية، مما أدى إلى حرمان أبنائه من استكمال تعليمهم بسبب تدني المعاش الذي يتقاضاه، حيث لا يتجاوز 1490 درهما، بينما يحصل زملاؤه في نفس الدرجة الوظيفية على معاش يقارب 15 ألف درهم، ورغم عرض قضيته أمام القضاء الإداري منذ 2010، لم يحدث أي جديد أو كلمة إنصاف.
وعلى خلفية إبقاء المحكمة الإدارية على ملفه دونما حسم نهائي، اختار الصندوق الوطني للقرض الفلاحي عدم تطبيق قرارات العفو والمراسلات الوزارية المتتالية في شأنه، ما كرس تعطيل حقوقه، معتبرا قضيته ليست حالة معزولة بل جزء من ملف الإنصاف والمصالحة، وفي خضم كفاحه من أجل نيل حقوقه المشروعة، يناشد بنسالم كل المدافعين عن حقوق الإنسان لمساعدته على فتح هذا الملف المنسي ليأخذ مساره نحو الحل والإنصاف.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 18/03/2025