تتوالى الأسئلة حول أداء الإدارة الصحية بمدينة القنيطرة، مع تزايد الإشكالات المحيطة بمستشفى الزموري الجديد الذي يعاني تدبيرا يوصف بـ”القديم”. من أبرز هذه القضايا تعطّل جهاز “السكانير”، الذي كلّف خزينة الدولة ملايين الدراهم، ولم يتم تشغيله لأسباب غامضة، ما دفع المرضى قسرا نحو القطاع الخاص، الذي يبدو المستفيد الأول من هذا الوضع.
مصادر متعددة أكدت أن القنيطرة تواجه منذ سنوات أزمة كبيرة في الخدمات الصحية العمومية، خاصة في المستشفيين الإدريسي والزموري، نتيجة نقص الموارد البشرية، والأطقم الطبية وشبه الطبية وغياب التخصصات الضرورية، والمعدات الأساسية. إضافة إلى المعاناة بمصلحة الولادات وضعف خدمات المستعجلات، التي لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات العاجلة.
فعاليات حقوقية، أبرزها المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، دعت وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، إلى فتح تحقيق عاجل حول وضعية جهاز “السكانير” المعطل ومساءلة المسؤولين. كما طالبت بتخصيص لجن تفتيش لبحث أوجه القصور والعمل على توفير المعدات والموارد البشرية الضرورية.
تشير المعطيات إلى أن جهة معينة في القطاع الخاص استفادت من هذا الوضع، خاصة مؤسسة صحية خاصة حديثة تمارس “الهيمنة الجشعة” على جيوب المرضى. هذا الوضع يُفاقم معاناة الفئات المعوزة التي تفتقر لأبسط مقومات العلاج العمومي، حيث لا يتوفر المستشفى حتى على المواد الأساسية مثل “الخيط والبنج”، ما يثير تساؤلات عميقة حول معايير الحكامة والجودة.
في سياق موازٍ، هزّت المدينة حادثة مأساوية، حيث توفيت سيدة بعد تدهور حالتها الصحية بسبب الإهمال في مستشفى الزموري. لم تخضع لمراقبة طبيبة الولادات ولا لأية فحوصات، وانتهى بها المطاف في القطاع الخاص، بعدما تفاقم نزيفها لعدم وجود رعاية كافية.
هذا الوضع يفتح باب التساؤل الكبير: هل قدَر سكان القنيطرة العجز الصحي و”الفرار” الإجباري نحو خدمات القطاع الخاص باهظة التكاليف؟ وهل من أفق لتحسين الخدمات الصحية العمومية وإنقاذ المدينة من معاناتها المستمرة؟