عقد حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، برئاسة كاتبه الأول إدريس لشكر، وبمشاركة الأطر الحزبية لجهة الدار البيضاء-سطات، مساء الأربعاء 12 فبراير 2025، لقاء جهويا لمناقشة قضايا تنظيمية واستراتيجية تتعلق بتعزيز حضور الحزب في الجهة وتفاعله مع التحديات السياسية والاقتصادية والإجتماعية التي تواجهها وسبل تعزيز التواصل مع المواطنين استعدادا للاستحقاقات المقبلة، والوقوف عند السياقات الدولية والوطنية المتسارعة التي تفرض التفكير العميق واتخاذ مواقف مسؤولة.
وقد استهل لشكر حديثه بالإشارة إلى الوضع الدولي المتأزم، خاصة منذ 7 أكتوبر الماضي، حيث أبدى أسفه العميق لما آلت إليه الأوضاع في فلسطين، مؤكدا أن الحزب كان الأكثر مسؤولية ووضوحا في مواقفه، في وقت راهن البعض على قدرة بعض الحركات على إحداث تغيير جذري، إلى أن أثبت الواقع أن ذلك لم يكن سوى وهم جرَّ المنطقة إلى مزيد من الدمار والإحباط، ومحاولة إفشال المشروع الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتساءل القيادي الحزبي عن الدور الذي لعبته القوى الإقليمية، مثل إيران وسوريا، في مواجهة هذا الوضع، مشيرا إلى أن الأنظمة التي كانت تختبئ وراء مؤامرة «الصمود والتصدي» لم تقدم إلا المزيد من المآسي لشعوب المنطقة، حيث خصّ بالذكر الجزائر التي حاول نظامها مسح أخطائه عبر خطاب استجدائي كما ظهر في لقاء وزير خارجيتها مع نظيره السوري الجديد، مذكرا بأن هذا النظام وأزلامه دعم النظام السوري حتى ليلة اندلاع الثورة، واعتبر انتفاضة الشعب السوري محاولة لضرب محور «الصمود»، قبل أن يُكشف للعالم أن هذا المحور لم يكن سوى سجون وقمع وتهجير.
وأضاف لشكر أن الواقع الدولي الحالي، خاصة في ظل ضعف الدول العربية في المنطقة إضافة إلى تعقيدات الحرب في أوكرانيا، والانتخابات الأمريكية، وصعود اليمين في أوروبا، كلها عوامل تعقد المشهد، وتجعل من الصعب الحديث عن موازين قوى لصالح القضية الفلسطينية.
في نفس السياف أكد إدريس لشكر على أن المغرب يتمتع بِنِدية في علاقاته الخارجية، مع كافة الدول صغيرها وكبيرها، ولا يعتمد على مساعدات أو منح ، وأنه يحترم الدول الكبرى إذا احترمت سيادته، قبل أن يستنكر المسؤول الحزبي تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تحدث عن نقل سكان غزة إلى دول الجوار.
كما عاد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى الجدل الذي رافق الاتفاق الثلاثي «المغربي-الأمريكي-الإسرائيلي»، مؤكدا أن بعض الأطراف التي طالبت بالخروج منه لكي تتحرر فلسطين، كانت تفتقر إلى رؤية استراتيجية، إذ لم يكن ذلك سوى محاولة للضغط والابتزاز السياسي دون أي حسابات دقيقة، حيث جدد لشكر تأكيده على موقف الحزب الثابت في دعم السلطة الفلسطينية وشرعية منظمة التحرير، مشيرا إلى أن من يرفضون ذلك يجرون المنطقة نحو المجهول، مؤكدا على أن الواقع اليوم يتطلب التفكير في كيفية مواجهة التحديات السياسية والدبلوماسية المطروحة، خصوصا مع اقتراب انعقاد القمة العربية واللقاءات المرتقبة بين القادة العرب والرئيس الأمريكي.
وشدد لشكر في مداخلته التأكيد على أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيظل مدافعا عن القضايا العادلة للشعوب، مع التمسك بنهج سياسي واقعي ومسؤول، يأخذ بعين الاعتبار تعقيدات المرحلة ومتغيرات المشهد الدولي.
وبخصوص القضية الوطنية، أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على أن المغرب يسير على طريق واضحة في قضيته الوطنية، مشيرا إلى أن التفعيل الحقيقي للمصالحة مع فرنسا تجلى في القرارات والزيارات الأخيرة المقدرة للصحراء المسترجعة، موضحا أن التعاون المغربي الفرنسي أدى إلى إخراج خريطة الصحراء من الحسابات السياسية الضيقة، ما يعكس الاعتراف العملي بمغربية المنطقة، وهو نفس التوجه الذي تسلكه دول أوروبية أخرى مثل إسبانيا.
وأضاف لشكر على أن الاتحاد الاشتراكي، كما كان دائما، يجب أن يكون سَباقا في طرح الأفكار الجديدة، مشددا على أن خطاب جلالة الملك يشكل البوصلة التي يجب أن ينطلق منها الحزب في معالجة ملف الصحراء، عبر الانتقال من مرحلة التدبير الى التغيير، ودعا إلى إعادة النظر في المائدة المستديرة التي تعرقل الجزائر أشغالها، معتبرا أن الوقت قد حان لطرح ضرورة تمثيل كل الفعاليات الصحراوية في أي حوار أممي حول الصحراء، مشيرا إلى أن مؤتمر الأممية الاشتراكية الأخير المنعقد ببلادنا شهد تحولا مهما، حيث قبلت عضوية جمعية رديفة للبوليساريو و»هي صحراويون من أجل السلام»، وهي لفصيل داخل مخيمات تندوف وكذا من الشتات الموجود في أوروبا وأمريكا اللاتينية من أبناء المنطقة له تصور في معالجة القضية ونبذ العنف ويدعو للحوار، وهو تطور يدعو لمطالبة الأمم المتحدة بإشراك جميع الممثلين الحقيقيين لسكان الصحراء، وعلى رأسهم رؤساء الجهات والبرلمانيون، بشكل متساو، وذلك بعد تزايد الوعي الدولي بعدم مشروعية احتكار البوليساريو للتمثيلية، وهي التي ترفض التعددية السياسية ولا تجري انتخابات حرة، ومعادية للحريات وحقوق الإنسان، قبل أن يذكر القيادي الإتحادي بأن الاتحاد الاشتراكي على لسان قائده عبد الرحيم بوعبيد الجهوية واللامركزية في معالجة القضية. وهي الأفكار التي تتبلور اليوم في شكل الحكم الذاتي كحل سياسي يحظى بشبه إجماع دولي.
وفي حديثه عن السياق الداخلي، شدد لشكر على أن السنوات الثلاث للحكومة الحالية أظهرت أن المعارضة يجب أن تتحلى بالقوة والجرأة في مواجهة الأوضاع التي تعرفها البلاد ولعل نقطة الضعف في أداء الحكومة لا تكمن في المشاريع الكبرى التي يتم إطلاقها، بل في مدى انعكاس هذه المشاريع على حياة المواطنين اليومية مستقبلا، إذ أن تمويل هذه المشاريع خاصة ما سمي بالتمويلات البديلة التي تطرح تساؤلا عميقا حول آثارها المستقبلية على الاقتصاد بعد سنة 2030، وآثارها الاجتماعية على شبيبة المستقبل والأجيال القادمة.؛ قبل أن يؤكد على أن الحزب مطالب بتكثيف جهوده قبل انتخابات 2026، وعدم الاكتفاء بانتقاد الحصيلة، بل بطرح نقاش جاد حول التحديات المقبلة، خاصة أن المغرب مقبل على استحقاقات كبيرة مثل كأس إفريقيا وكأس العالم، مما يتطلب تقييما استراتيجيا للإنفاق العمومي.
وأضاف لشكر أن هناك حاجة لتقييم الحصيلة على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية، حيث لا تزال العديد من المدن والقرى تعاني من غياب الإنجازات الملموسة، رغم التدخل الإيجابي لبعض الولاة والعمال، والذي يطرح هو الآخر مشكل الحكامة المحلية، أي الديمقراطية المحلية ومآلها ومآل المكتسبات التي تحققت في هذا الإطار، ليتحدث عن الاستثمارات الكبرى التي يشهدها المغرب، خاصة مع استعداد المغرب لاحتضان كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، مؤكدا أن هذه المشاريع تفرض على الجميع التفكير في التوازن المالي والاستدامة الاقتصادية، قبل أن يضيف قائلا «عندما أرى هذا الإنفاق وهذه المشاريع الكبرى، أتساءل: هل نحن فعلاً نؤسس لمستقبل أفضل، أم أننا نراكم الأعباء للأجيال القادمة؟».
وشدد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على أنه يجب التركيز مستقبلا على حماية مصالح الأجيال القادمة، خاصة في ظل الحديث عن «التمويلات البديلة»، متسائلا عن مدى قدرتها على ضمان استقرار الاقتصاد الوطني بعد 2030، وأكد أن الرهان الحقيقي سيكون في استحقاقات 2026، حيث يجب تقديم رؤية واضحة للمغاربة حول مستقبل البلاد.
ضرورة التركيز على القضايا المحلية ومعالجة الاختلالات، مشيرا إلى أن أي نقاش سياسي أو اقتصادي يجب أن يكون مرتبطا بشكل مباشر بحياة المواطنين اليومية، معتبرا أن القضايا المحلية مثل السكن، البنية التحتية، والصحة، لا تزال تحتاج إلى إجراءات قوية وفعالة.
كما شدد على ضرورة التعامل بحزم مع قضايا إصلاح المدن ومحاربة البناء العشوائي، مشيرا إلى أن الإصلاحات الحالية في بعض المناطق مثل توسيع الشوارع وهدم المباني المحتلة للملك العمومي يجب أن تتم وفق مقاربة عادلة، بحيث يتم تعويض المتضررين دون الانجرار إلى الفوضى باسم الشعبوية حيث قال في هذا السياق:»الحزب لا يمكن أن يكون مع الفوضى أو اللاقانون، بل مع تطوير المدن بما يتماشى مع القوانين ويخدم المصلحة العامة».
كما انتقد إدريس لشكر السياسات المالية للحكومة، معتبرا أن الضغط الضريبي أصبح يشكل عبئا متزايدا على المواطنين، حيث أن الحكومة تتباهى بتحقيق مداخيل ضريبية قياسية، دون الأخذ بعين الاعتبار انعكاس ذلك على القدرة الشرائية للأسر المغربية، ليختم تصريحه بالتأكيد على أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيظل مدافعا عن العدالة الاجتماعية وحريصا على ضمان التنمية المستدامة دون تحميل الأجيال القادمة عبء القرارات الحالية.
مهدي مزواري :اللقاء يندرج في سياق دينامية تنظيمية استثنائية يشهدها الحزب
وأوضح مهدي مزواري، عضو المكتب السياسي والكاتب الجهوي للحزب بجهة الدار البيضاء سطات ، أن هذا اللقاء يندرج في سياق دينامية تنظيمية استثنائية يشهدها الحزب، خصوصا بعد المؤتمر الوطني الأخير، مؤكدا أن هذه الدينامية تتسم بتطوير الجوانب الهيكلية والقطاعية، مما يجعل الحزب في موقع الريادة على مستوى باقي الطيف السياسي، من خلال العمل على بناء الذات أولا، ثم المشروع السياسي في مرحلة لاحقة.
وأشار مزواري إلى أن الدار البيضاء شهدت تحولات متعددة، بما في ذلك تنظيم خمسة مؤتمرات إقليمية، لافتاً إلى أن ما يقارب 50% من عملية البناء التنظيمي قد تم إنجازه، حيث تم عقد سبعة مؤتمرات إقليمية، إضافة إلى خمس لجان تحضيرية تعمل حاليا لتنظيم مؤتمراتها الخاصة، مؤكدا أن الكاتب الأول للحزب يولي أهمية كبيرة لهذا العمل، حيث يحرص على الاستماع إلى الآراء والتوجهات المختلفة، بما في ذلك البرنامج الذي تم الاتفاق عليه، بالإضافة إلى مداخلات كتاب الأقاليم.
كما شدد مزواري على أن هذا اللقاء يعكس تحضير الحزب بشكل جاد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث يسعى الاتحاد الاشتراكي إلى تأكيد حضوره الفعّال في هذه المعركة السياسية الهامة.
محمد محب: تعزيز التواصل مع المواطنين استعدادا للاستحقاقات المقبلة
خلال مناقشة القضايا التنظيمية والاستراتيجية التي تتعلق بتعزيز حضور الحزب في الجهة وتفاعله مع التحديات السياسية والاقتصادية والإجتماعية التي تواجهها وسبل تعزيز التواصل مع المواطنين استعدادا للاستحقاقات المقبلة، أكد عضو المكتب السياسي للحزب ومنسق فريق عمل الدار البيضاء، محمد محب، على أن الدار البيضاء، التي تضم 8 عمالات و16 مقاطعة جماعية، تعد واحدة من أكبر التحديات التنظيمية والسياسية التي تواجه الحزب. وأشار إلى أن المدينة تحتوي على حوالي 500 منتخب محلي، مما يعكس حجم المسؤولية التي يتوجب على الحزب تحمله، مشيرا إلى أنه بناء على أهمية المدينة، تم تكليف فريق عمل من أعضاء الحزب لمتابعة العمل الحزبي على مستوى الدار البيضاء، حيث يعقد الفريق اجتماعات منتظمة أسبوعيا.
وكشف المتحدث أن الفريق يعقد لقاءات مع الكتابات الإقليمية والجهوية كل 15 يوما أو شهريا تبادل الآراء ومتابعة سير الأعمال، مضيفا أن هذه اللقاءات أسفرت عن مجموعة من الالتزامات، على رأسها تنظيم خمس مؤتمرات إقليمية لتجديد الكتابات الإقليمية، مع الإشارة إلى أن ثلاثة أقاليم أخرى لا تزال في طور التحضير لمؤتمراتها، مؤكدا أن فريق العمل لا يقتصر دوره على متابعة المؤتمرات فقط، بل يعمل بشكل متواصل على حل المشاكل الطارئة التي قد تطرأ على مستوى التنظيم، بالإضافة إلى هيكلة القطاعات المهنية، وفي هذا الإطار، تم تصنيف القطاعات ذات الأولوية مثل القطاع النسائي والشبابي، حيث يتم التنسيق مع الفيدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية للتجار لهيكلة قطاع التجار، منبها إلى أن الموعد النهائي لإتمام هذه الهيكلة سيكون في 30 أبريل المقبل.
وفيما يتعلق بالإشعاع الحزبي، شدد محب على أهمية عقد اجتماعات لكتاب الأقاليم والجهات، حيث تم الاتفاق على تنظيم أربعة لقاءات تشاورية نوعية تشمل أطر اتحادية وأطر متعاطفة مع الحزب، وكذلك فاعلين من المجتمع المدني، بهدف إدماجهم في العمل الحزبي،
أما بالنسبة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، فقد أضاف المتحدث أن هذه الاستحقاقات ستكون موضوعا دائما في جدول أعمال جميع الهيئات الحزبية، مؤكدا على أهمية التحضير المادي والمعنوي لهذه الانتخابات، بما في ذلك إعداد المرشحين والمرشحات عبر البحث عن كفاءات قادرة على خوض المعركة الانتخابية بشرف، موضحا أن الحزب يعتزم تقديم لائحة الترشيحات الموسعة في بداية يونيو، مبرزا ضرورة العمل الجماعي.