الكاتب الأول إدريس لشكر لمجلة «Maroc Hebdo»: «المغاربة يريدون عودة الاتحاد الاشتراكي.. ونحن نطمح إلى صدارة المشهد السياسي في 2026»

بعد ثلاثة عشر عامًا على تولّيه قيادة حزب «الوردة»، لا يزال إدريس لشكر محافظًا على وهجه السياسي. ففي 18 أكتوبر 2025، خلال المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب ببوزنيقة، أعيد انتخابه لولاية رابعة على رأس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مراهناً على «ميثاق اشتراكي» جديد، وقاعدة نضالية متجددة، ووعدٍ بإعادة اليسار المغربي إلى الواجهة. وفي حديثه مع Maroc Hebdo، يؤكد لشكر أن «المغاربة يريدون عودة الاتحاد الاشتراكي»، مشددًا على أن ««الحزب يستعد لاستعادة موقعه الطبيعي في صدارة المشهد السياسي خلال استحقاقات 2026».

 

o o في سياق يتّسم بإجماع واسع حول شخصكم وغياب أي منافسة، أُعيد انتخابكم يوم السبت 18 شتنبر 2025 لولاية رابعة على رأس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (USFP). ما هو شعوركم إزاء هذه الثقة المتجددة من طرف المؤتمرين؟

n n إنه شعور بالفرح والامتنان العميق، لكنه أيضا مشوب بإحساس ثقيل بالمسؤولية التي تفرضها هذه الثقة المتجددة في شخصي. لقد جدد المناضلون والمناضلات الاتحاديون ثقتهم بي لقيادة الحزب ومواصلة المشروع السياسي الواسع الذي نخوضه معا.
إنها ثقة في محلها، أتعهد بأن أكون في مستواها بعزمٍ وإخلاص للقيم التي توحدنا. لكن، وبعيدا عن البعد العاطفي الشخصي، فإن تعبير قواعدنا النضالية، على تماسكها، يوضح بجلاء النضج السياسي للاتحاديات والاتحاديين، الذين اختاروا التأكيد مجددا على تمسّكهم بخط نضالي منسجم، قائم على العدالة الاجتماعية، والتضامن، وأخلاقيات المسؤولية، والانخراط المواطني.

o o   :قبل انعقاد المؤتمر الوطني للحزب، ولا سيّما خلال المؤتمرات الإقليمية، أكدتم أنكم تراهنون على مشروعكم السياسي الجديد الطموح ذي البعد الاجتماعي. ما الذي يمثله بالنسبة إليكم هذا الميثاق الاشتراكي الذي تم إعداده مؤخرًا، والذي تتبنونَه اليوم وتعتزمون تفعيله من خلال خطواتكم المقبلة بعد الاستحقاقات التشريعية؟

n n يمثل هذا الميثاق عقدًا أخلاقيا يربط قيادة الحزب بقاعدته النضالية، ويؤطر كل عمل يرمي إلى تحديث الاتحاد وتعزيز مكانته. تحمل المسؤولية هنا، يعني خدمة القضية الاتحادية بكل بعدها الإنساني والوطني، بالجدية نفسها التي يبذلها مناضلونا يوميا.
خارطة طريقنا تتجاوز إطار التوجه الاستراتيجي البسيط، فهي ثمرة دينامية جماعية نشأت من حوار جاد ومُعمَّق، تعزز بالتجربة وبروح المسؤولية، وبالرؤية المشتركة للمستقبل.
تقوم مقاربتنا على الاستمرارية كقاعدة للثقة، وعلى الاستقرار السياسي والتنظيمي كشرط للنجاعة، وعلى إرادة واضحة في التجديد والتطوير، وما يمكنني قوله في هذا الصدد، هو أننا لا نسعى إلى التغيير من أجل التغيير ذاته، بل نهدف إلى التحرك بوعي وطموح، مع الوفاء لمبادئنا وتكييف ردودنا مع تحديات العصر الراهن.
إنها دينامية جماعية ومسؤولة هي التي ستمكننا من حمل مشروعنا في خدمة التقدم والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

o o عند حديثكم عن العدالة والديمقراطية، أشرتم إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وعلى إثر ذلك، نشر حزب العدالة والتنمية ، الذي لم يحضر أمينه العام أشغال المؤتمر، فيديو ينتقدكم فيه بشكل علني. ما الأسباب الكامنة وراء هذا الموقف؟ وكيف تفسرونه ؟

n n ليست هذه المرة الأولى التي يتميز فيها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بخطاب فظ وبذاءة لا تليق بالنقاش السياسي، فرده لم يكن سياسيا، ولا فكريا، ولا حتى أخلاقيا.. كلامي خلال المؤتمر تناول انحراف أحد الأنظمة نحو السلطوية، وضرورة أن تعمل القوى التقدمية على الدفاع عن الحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان؛ وهي قيم كونية تتجاوز الحدود والانتماءات الحزبية.
من رأى في كلامي «هجوما شخصيا» فذلك لأنه ربما يجد نفسه في النموذج السلطوي الذي ننتقده. لم يمارس الاتحاد الاشتراكي قط الجدال العقيم أو التشهير ، بل ظل حزبا مسؤولا يناصر الشعوب لا الأنظمة الاستبدادية، وسنواصل، بهدوء ولكن بحزم، التنديد بكل أشكال الترهيب والغطرسة والانحراف الظلامي.

o o ما أولوياتكم في هذه الولاية الجديدة لمواجهة تحديات المرحلة ، والاستجابة لتطلعات المناضلين وكذلك للمجتمع برمته؟

n n منذ أن توليت قيادة الحزب، جعلنا من مكافحة الظلم الاجتماعي أولوية مركزية.
واليوم، ومع المشروع السياسي الجديد، نواصل هذا الالتزام بقوة أكبر. الاتحاد الاشتراكي، كحزب، وفي لجذوره الاجتماعية الديمقراطية، ويضع البعد الاجتماعي في صلب رؤيته، ذلك إيمانا منه بأن التنمية البشرية هي المحرك الحقيقي لأي تحول مستدام. على عكس غيرنا، نحن لا نختزل هذه الرهانات في مجرد شعار، بل نجعلها في صميم عملنا. فالعدالة الاجتماعية، بالنسبة إلينا، ليست آلية إدارية، بل قناعة راسخة وثقافة سياسية نحملها بثبات وإصرار، في خدمة جميع فئات المجتمع دون استثناء.
لذلك، فإن طموحنا واضح، إعادة التفكير في السياسات العمومية على أساس المشاركة المواطِنة، والعدالة المجالية، وتحديث أنظمة الدعم الاجتماعي، والدفاع عن الحقوق الأساسية. فهكذا، على هذه الأسس، نبني مجتمعا أكثر عدلا وتضامنا.

o o صرحتم أن حزبكم يطمح لاحتلال الصدارة في انتخابات 2026. وهو طموح دعمتموه بجولة وطنية شملت أكثر من 40 ألف كيلومتر. في هذا السياق، ما هي طموحاتكم العملية والمحددة للانتخابات المزمع إجراؤها في 2026؟

n n قمنا بجولة وطنية غير مسبوقة شملت 72 إقليما، وشارك فيها أكثر من 80 ألف مواطن ومواطنة في جلسات افتتاح المؤتمرات الإقليمية. لقد كانت لحظة تعبئة وطنية كبرى أكدت حيوية الحزب وتجذره في المجتمع المغربي.
هذه الدينامية، أعادت الاتحاد الاشتراكي إلى عمق الحياة المغربية، إلى تطلعات الناس اليومية وآمالهم. ومن طنجة إلى الكويرة، لمسنا رغبة وطنية صادقة في التغيير العقلاني والمسؤول.
إن هدفنا في 2026 واضح: إعادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى موقعه الطبيعي في الطليعة، كقوة يسارية موثوقة، عصرية، ووطنية، قادرة على ترجمة المطالب الاجتماعية إلى قرارات عمومية.
ما نقدمه ليس مجرد برنامج انتخابي، بل بديل وطني يقوم على العدالة الاجتماعية، والكرامة، والدولة الديمقراطية.
وهذه المرة، الواقع الميداني يؤكد ذلك؛ فالمغاربة يرغبون في تغيير مسؤول، ويرغبون في عودة الجدية والكفاءة والنزاهة، ويريدون عودة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

 


الكاتب : (أجرى الحوار: وليد بويا – مجلة Maroc Hebdo) تـ: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 25/10/2025