لا يمكن الكلام طبعا عن الأوضاع الخصوصية للكتاب في أوربا الشرقية، خاصة من جهة عملهم في الظروف والكيف، دون التوقف بانتباه عند ميلان كونديرا (1929) والمفارقة أن السبب لا يرجع فقط إلى ما ناله من شهرة داخل وخارج بلاده باعتباره من أبرز ممثلي حركة الانشقاق، بل نظرا لما يثيره اسمه من تعارض حاد في وجهات النظر إزاء سلوكه الخارجي أو في الخارج. لقد قمت شخصيا بتقديم أولى ما صدر لكونديرا مترجما الى الفرنسية في السنوات الأولى لهجرته من تشيكوسلوفاكيا الى فرنسا، والتي ابتدأت سنة 1975 وامتدت ليصبح الراجل واحدا من معالم المشهد الأدبي الروائي فيها. لقد نال كونديرا تدريجيا شهرة متصاعدة ‘ثر ترجمة أعماله إلى لغات عدة ولنباهته في محاضرات ومقالات نقدية عن نظرية الرواية والفنون الأدبية عامة. لم يصل الى فرنسا غرا بل روائيا له سمعة سابقة، وإن كان وضع المنشق سيسدي إليه خدمة جلى ومن هنا يبدأ المشكل. مشكل مركب في الحقيقة تتداخل فيه عوامل الاغتراب والمنفى والتكيف الذاتي والقسري وللسوق الأدبية درجة تأثير قصوى فيه. لا عجب أن يفاجأ فيليب روث بغير ما يتوقع، رغم تكرار زياراته لبراغ، وبعد أن انزاح كابوس التسلط أصبح بإمكانه أن يستمع مباشرة إلى خطاب صريح ومنكسر. عمل الكاتب لا يكفي، فثمة عناصر أقوى منه تلقي ظلالها عليه، ومنها في حساب كليما، المنادد الروائي لكونديرا، نظرة مواطنيه وزملائه وتقويمهم لتجربته وسلوكه، وهو ما يتعدى شعور الغيرة إلى إصدار أحكام مبررة. كيف؟
يمكننا اختصارها في:
أولاً، الحساسية المعهودة اتجاه كل المشتهرين، سواء في المثال التشيكي أو غيره، وهذا شأن قليل الأهمية .
ثانيا، يؤخذ عليه ما وصف بالكيفية المسطحة والمبهرجة لتقديمه تجربته التشيكية، علماً بأنه كان مدللاً، في عرفهم، لدى النظام الشيوعي إلى حدود الغزو السوفياتي .
إن مناوئي كونديرا من هذه الناحية ، يرون أنه طبخ سيناريوهات ورسم لوحات تلائم القارئ في الغرب وتستجيب لانتظاراته.
ثالثاً، وهو هام جداً لدى زملائه المحليين ؛ ففي الوقت الذي كان صاحب كتاب «الضحك والنسيان» يتلذذ بنشوة الشهرة في الخارج، كان أدباء بلاده يواجهون ويتصدون لفترة اضطهاد عاتية من النظام التوليتاري الحاكم . يمكن لهذه الأسباب ، إذا أخذت مفردة، أن تمحق صورة كونديرا وخاصة الذين يأخذون من الكاتب وجهه النضالي، أما روائيّ ما يسمى بالعالم الحر، فقد لا يحفل بهذا التشنيع، ليعطي الأولوية للاعتبار الشخصي لصاحب التجربة، والطريقة التي يراها أنسب له في مضمار العمل الأدبي ؛ مضمار استوجب منه صنع استراتيجية أدبية تناسب انتقاله إلى عالم أجنبي وتوليد حوافز جديدة لهذا الغرض.
من حسن حظنا أن روث إنسان جاد ونشيط غير كسول، أي لا يحسم برأي من خلال أحكام الآخرين. فقد آلى على نفسه أن ينتج كتابا بالجهد والدأب، وأن يصنع الصورة الممكنة لأصدقائه وزملائه الكتاب بعد قراءة أعمالهم قراءة الإفادة والإحاطة والاستمتاع، بمحاورتهم ومساجلتهم وعرض النص على محك الرأي المتبادل.
إن الكاتب بهذا النهج لا يكتب وحسب، بل تراه ينخرط في استيعاء كتابة الآخرين واستنشاق عبيرها وربما سمومها أيضا، والأجدى هو فتحه أمامنا لأفق قراءة تطلع ما أمكن على أسرار الصنعة. هذا نموذج ممتاز من القراء. وأنا أستغبي تسمية الناقد، أجدها صيغة متهالكة، ينخل ما في الذوق من زؤان أو ما يعتوره من إفراط بغربال الثقافة وطول المراس، وهو لعمري متأت لروث من كونديرا.فلا عجب أن يسعى الأول إلى الثاني في لقاءين متباعدين بين لندن ونيويورك يعلن فيه صاحب « خفة الإنسان اللاتحتمل» وكأنما يدفع عنه تهمة مضمرة تخص هجرته إلى الغرب، بأن بلاده هي وبولونيا، شأن هنغاريا والنمسا، لم تكن أبدا جزءا من أوربا الشرقية وأنها اتجهت دوما نحو المغامرة الكبرى للثقافة الغربية. فهل هو كاتب غربي بالأساس؟
لا يهم الجواب مادامت العودة بالمقلوب قد تمت، أي الهجرة الى الغرب، إلى فرنسا والمعني بها راض تماما عن نفسه؛ انتبهوا كيف يشرح صدره: « إنها لنعمة للكاتب أن يعيش في عدة بلدان. فلكي تفهم العالم تحتاج الى اختباره من زوايا مختلفة». معناه أن لا مكان لإحساس الغربة، والثقافية بالذات، فالتلقيح الثقافي يلغي الحدود وهو مغرم فوق هذا بالثقافة الفرنسية، ويعتبر ديدرو(1713-1784) جدا روائيا شأن ثيربانتس اللذين أفاض في دراستهما وأبرز خصائص أستاذيتهما لهذا الجنس؛ أولم يتعلم منه، ومن جاك ستيرن كيف تتحول الرواية الى لعبة فخمة، وهما معا اكتشفا النبع الفكاهي للشكل. نحن نعرف أن كونديرا حدد اختياراته عن فن الرواية، وشرح أفضلياته للمسارات المثلى، كما يراها للرواية الأوربية في عنايته برابلي وثيربانتس، بإسهاب، في كتابه المعلوم عن هذا الفن مع روث الذي يمتلك فهما ومنهجا مغايرين لإنجاز العمل الروائي، فتواتي المناسبة لمعرفة طريقة عملهما معا مباشرة، ولزيادة الاغتناء بمعرفة خبايا أخرى من الشغل السردي، المحكك طبعا.
يبدو الروائي الأمريكي غير مقتنع بانتماء كتاب «الضحك والنسيان» إلى الجنس الروائي بمعناه المتماسك، المتداول فضلا عن أن مؤلفه نفسه أسقط التجنيس من الغلاف، وإن لم يفته أن يشير في ثنايا النص إلى القول: «هذا الكتاب رواية في صورة تنويعات». هنا نتوفر على رد أو توضيحات هي بمثابة نظرات في نظرية الرواية شخصية ومجربة، نعرضها في مقاطع حرفيا كالتالي:
«يبيح الشكل الروائي حرية هائلة، ومن الخطل اعتبار بنية منمطة ما بمثابة الجوهر غير القابل للاختراق للرواية.»
-»الرواية نثر طويل تركيبي ينهض على لعبة بشخصيات مختلقة».
«تعني كلمة التركيبية أن الروائي يتملك موضوعه من الزوايا كلها بكيفية شاملة ما أمكن. فالمبحث الساخر والحكي الروائي والمقطع السيرذاتي والواقعة التاريخية في الدعابة : إن قوة الرواية تجعل منها واحداً كما لو أنها صوت لموسيقى متعددة الأصوات «polyphonique».
– وحدة الرواية لا تتأتى بالضرورة من قصتها ، بل يمكنها أن تأتي من موضوعها. «
«إنني أتوجس من كلمات من قبيل – تفاؤل – و – تشاؤم – ، فالرواية لا تصرح بشيء ، إنها تبحث وتطرح الأسئلة. أنا أبتكر حكايات أجعلها تتواجه، وهذه طريقتي في طرح الأسئلة. إن غباء البشر آت من كونهم يملكون الجواب لكل شيء، فيما حكمة الرواية هي امتلاك سؤال عن كل شيء. حين خرج دون كيخوطي لمواجهة العالم، ظهر له هذا العالم غريباً، وهذه هبة أول رواية أوروبية لكل التاريخ الذي يتبعها . إن الروائي يعلم القارئ مقاربة العالم كسؤال . »
هذه الأقانيم وغيرها يمكن للقارئ المتآلف مع سرود كونديرا أن يستخلصها بنفسه، لكنها تكتسي في سياقنا أهمية تأمل لروائي يحدد فهمه وموقفه من الرواية وعالمها، وبطريقة تنظيرية غايتها الدفاع عن كتابته وتحصينها، وهذا نهج مكرور لدى الروائي التشيكي المهاجر، يرد به غائلة الخصوم ،أولاً، ويصنع به الهيكل المفهومي للعمل الروائي . ومن دهاء روث أنه يناور في الإعراب عن اختلافه في الرأي مع محاوره بأن «يستعدي» عليه خصومه وهو يوافقهم ضمناً في الرأي بالتزامه عدم التعليق تعبير تحفظ لا دليلاً على الرضا. ونحن لا نرضى ، أيضاً، عن آراء تحاول تسويغ روائية لعالم ذي هندسية مسبقة، ومصبوب في قوالب واقعية مقعرة ، وإهابه التخييلي مصطنع ويكاد يكون مضموناً وشكلاً، مخضعاً لصيغة «رواية الأطروحة» بين رابلي و ديدرو و باختين (Bakhtine 1975-1989) .تبدو الدعابة والبوليفونية (تعدد الأصوات داخل الرواية، ومثلها المبدأ الحواري، من أهم نظرات باختين في هذا الحقل) أردية على غير مقاس؛ إن تنظير كونديرا كثيراً ما يتفوق على تخييله، ولا شك أن طرده من «جنة» الحفاوة الفرنسية يرجع إلى شيء من هذا، فآخر رواياته : «L’ignorance» التي صدرت بالإسبانية أول مرة وتأخر صدورها بالفرنسية، على غير العادة، باعتبارها اللغة المتبناة لديه بدل التشيكية – غاليمار 2003 – كان في صلبها فتور اتجاهها وهو مبرر فعلاً من الناحية الفنية، خاصة حين تستعاد فيها بتكرار مسف خطاطتا الهوية والهوس الجنسي ، المستثمرتان لديه سابقاً ، واستُنفدتا بالكامل في رواية : «l’identité» قبلها. فهل كان في ذهن الروائي القادم من العالم الجديد
شيء من هذا؟ أياً كان الجواب، فإن التعارض هو جزء من نظرة الآخر في فهمه الثقافي وأسلوبه الأدبي، وهو ما يقدم صورته منعكسة في مرآة الاختلاف وهي طريقة أصيلة وذكية لصوغ سيرة الذات والكتابة .
أخيراً، في ما كنا بصدده، فإن المسألة تخص أعمالاً لا عملاً واحداً، إذا أخذنا بالاعتبار وأيقننا بوجود أفعال وطرائق تتضافر وتتنافذ، يغذي بعضها البعض ، آخذة في كل مرة الشكل المناسب لصاحبها، ما يسميه أو نطلق عليه عمله؛ هذا عينه الذي لا يؤخذ ويعتبر في النهاية إلا كله حاملا الإسم المستحق بجدارة، نعني : العمل l’oeuvre .إن الكلية والكمال بصفة أخرى، لا تتأتيان مع ذلك إلا بتوفر شروط إضافية يأتي في مطلعها بلا شك، حيازة عمل ما لأسباب مقروئيته، والتي تتميز بنسبيتها وقابليتها للاختلاف من القارئ الى الكاتب وبالعكس. يليه احتواؤه على المعنى الذي يدرجه في التاريخ، التاريخ الأدبي والقيمي لمنظومة ما ينزع نحو تثبيته أو الانقلاب عليه. ثم قدرة الخضوع للسؤال وتوليده كلما وضعت هذه المنظومة في دائرة السؤال. هل هذا كل شيء، وهل نحن واصلنا رصد العناصر وما يؤكد التماسك ولا يبقي على أي نقص في الكثافة الأخيرة للأثر التي تصبح بين أيدينا لنصل أخيرا الى نهاية حبل الأسئلة بافتراض تمام الأجوبة؟.
كلا، مرة أخرى. ليس لأن أي معنى أو دلالة مغيبة تحملان في طياتهما نقيضهما أو تغيبان بكيفية ما، إحالات وظلالا أخرى تنتمي الى عائلة الكل المفترض، ولكن لأن الأعمال الكبرى لا تملك أي جواب، أو لكي نكرر عبارة كونديرا بأن حكمتها في توفرها – الرواية في قلبها – على قدرة سؤال كل شيء.
لا جدال بعد كل ما مضى في أن الوعي بهذه الشروط سواء بالاستجابة لها، أو بتحسسها ، يقترن طردا بالمسؤولية وفي حالة الكتاب الذين وقفنا عندهم برفقة فيليب روث أو أشرنا إليهم حسب الاقتضاء، كان هناك دائما موقف مسؤولية: إزاء الكتابة، طبعا، ومتطلباتها من نحو، وإزاء العالم والحياة والإنسان في قلبها. لذا تبقى مساءلة الكاتب وعمله مطلبا حيويا بالنسبة لتجديد فهم ثقافتنا وأدبنا على أكثر من صعيد،والإبداعي أساس بتنا فيه نغفله، تماما بقدر الدفاع عن القيم المثلى للحياة والإنسان.
عند كونديرا لا تتوقف المساءلة، بل تتحول إلى قطب الرحى في عمل الكاتب، يستخدمها لتفكيك الاقتناعات السابقة ولمراجعة نفسه على ضوء أسئلة تستجد أو ما ينفك هو يولدها، معيدا النظر في طرائق كتابة الآخرين وطريقته ضمنها . أعتبر هذا أسلوباً آخر من العمل، حيث تزدوج النظرية بالسليقة، أو التأمل بالحدس، حيث تتناوب عمليتان تبدوان من طراز متباين ولكنهما تؤديان وظيفة واحدة هي حسن أداء الكتابة عبر وعي أفضل بأداتها.
معلوم أن الروائي التشيكي المخضرم، الذي غادر بلده بعد الغزو السوفياتي لبراغ سنة 1968 وانتقل إلى الغرب الليبرالي، باريس تحديداً، سينقل معه كثيراً من تصورات ومفاهيم المحيط الأوروبي الشرقي عن الرواية والثقافة الروائية، فضلاً عن رؤية أخرى للعالم هي نتاج فكر وفلسفة وجود وواقع مادي ممتحن بالإيديولوجية .
لقد اشتهر كونديرا إلى حد بعيد بكتابه «فن الرواية» L’art du roman)) أعقبه عمله النظري الثاني الوصايا المغدورة «Les testaments trahis» وكاد هذان العملان أن يزاحما في انتشارهما وقوة الرأي المبذولة فيهما الشهرة الروائية للرجل ، ونحن نكاد نجزم أنهما من ناحية معينة أكثر رجحاناً من روائیته وهذا موضوع آخر. في الكتابين كليهما نلاحظ ، أولاً نوعاً من الافتتان بالرواية بوصفها الملحمة الأدبية الجديدة للغرب، بتعبير لوكاتش Lukas 1971-188)، والمرآة التي تعكس صراع الإنسان وتقلبات مصيره وقلقه وبحثه الممض عن قيم ملائمة . ونتابع مسار القراءة الكونديرية، تاريخياً وفنياً لتبرز بواسطتها العلامات الفارقة للتعبير الأدبي عن أزمات الوجود التي عاشها الإنسان الحديث منذ أن قرر أن يجعل من التخييل واسطة بينه والواقع ، أو يزاحم به الواقع بغية فهمه وتحمله والتعالي عليه في آن واحد، ونقف ثالثاً، على لائحة المثل الحياتية والفنية الأثيرة لديه، منظوراً إليها كأمثلة قابلة لأن تحتذى باعتبارها نموذجية. إنه اصطفاء ذو طبيعة نظرية شكلاً، ولكنه أكثر من ذلك حصيلة ذوق وخبرة في القراءة والكتابة، أيضاً. إنه ضرب من التعلم المكتسب يبرز خلفيات صاحبه والقواعد التي على ضوئها يعمل كما حددها هو بنفسه، وإن جاءت مستقاة من أعمال الآخرين، لكأن كونديرا في كل مرة يعلمنا أنه كاتب يعرف ما يفعل وما يريد، وعلى أي هدي يسير، الشيء الذي لا يتوفر لجميع الكتاب في خطاطات أعمالهم الأصلية، أو إنهم، على الأقل، لا يكشفون عنه إذا كشفوا إلا بغير قليل من الالتباس والعي. لكن عمل كونديرا على هذا الأساس لا يخلو من مخاطرة، بحكم أنه يسجن نفسه في تنظير مفرط نحس كونه ينعكس على كتابته ؛ هذه التي نستطيع، من وجهة نظر معينة، نعتها ب»رواية الأطروحة». لا عيب طبعاً في هذا اللون سوى أنه يرتهن سلفاً لفكرة أو أطروحة يسعى للتدليل عليها بالدرجة الأولى، ويبدو عالمه خاضعاً للمسبقات، ونسجه كذلك مستنسخاً ومنشدّاً إلى جاذبيات فنية غيرية تحكم نموذجيته المفترضة.
في كتابه الأخير لا يعدل كونديرا كثيراً عن توجهه الأطروحي، بل نجده يذهب إلى زيادة تسويغ له وقد أخذه تقريباً على محمل الذات أكثر من الموضوع. إن كتاب Le rideau : الستار غاليمار (2005) يقدم صورة إضافية عن عمل الروائي التشيكي الكوسموبوليتي ميلان كونديرا، وذلك من الزاوية التي يحبذ أو ينبذ فيها هذا النهج الروائي أو ذاك، وكشكل من أشكال ردود الفعل على طريقة تلقي رواياته . نعني تحديدا (L’ignorance) (التجاهل) الصادرة سنة 2002 – والتي كتبها بالفرنسية مباشرة على حد زعمه وهي لغته المتبناة، ترجمت أولا الى الإسبانية وبها صدرت قبل أن تعرف بالفرنسية سنة 2003، تعبيرا عن غضب الكاتب على الاستقبال الخافت للرواية السابقة عليها «البطء» من قبل الإعلام الفرنسي.
في «الستار» سيصفي كونديرا حسابه مع الرواية الفرنسية وما يسميه الرواية المحلية لفائدة عمل ذي امتداد أفقي، وسيسترجع الأعلام الكبار للرواية الأوربية من خارج المدار الغربي، منتصرا بذلك لعبقرية يدين لها بعد أن كان لا يدين بها، إلا لدون كيخوطي ورابلي والسلالة المنحدرة منهما. بعبارة أخرى فإن الكاتب يعمل، أيضا، بالمراجعة والحذف، وداخل حلقات السجال أحيانا والحركة في دائرة الكوسموبوليتية، كفضاء جغرافي وثقافي ولغوي وإنساني، متفاعل ومتعدد، تغذي العمل وتطبعه حتما بميسمها.
ملحوظة:
هذه الدراسة عن كونديرا والمضمنة في كتابي» عمل الكاتب: الكاتب وهو يعمل» الصادر عن دار «أزمنة»، اعتمدت من بين مراجع أخرى على حوار أجراه الروائي الأمريكي فيليب روث مع الروائي التشيكي في براغ ضمن حوارات شاملة حول طريقة عمل الكاتب وضمنها مؤلفه Shop Talk- A writer and his colleagues and their work