ماهي العلاقة بين الكتابة والصحراء؟ وكيف تلازمتا منذ زمن بعيد؟ ألم تكن الكتابة مرتبطة بالصحراء، هل هناك حدود للكتابة في الصحراء أم لا حدود لها مثل كثبان الرمال؟ وأيهما أقرب إلى ثقافة الصحراء: الكتابة أم الشفاهية؟
إنها تساؤلات عميقة تنبعث ونحن نتأمل المتون والمؤلفات التي اتخذت من الصحراء تيمة لها. فلقد شكلت الصحراء دوما فضاء غنيا بامتياز وباعثا على الإبداع والتدوين. بإرثها التاريخي العميق ،وبتنوع تضاريسها، وغنى مواردها الطبيعية التي تجمع البحر والبر في التحام وتناسق جميلين ،كما شكلت ملتقى للحضارات المتعاقبة على المغرب ، لذلك نبغ منها شعراء عديدون ومفكرون كانوا من رموز زمانهم ، ومثقفون ألفوا وأنتجوا كتبا ما يزال بعضها رهين خزانة المخطوطات ينتظر التنقيح وإخراجه من ركام الأتربة ليستفيد منه الأحفاد بعدما أنتجه الأجداد منذ زمن غابر
تكمن أهمية الكتاب الذي قدم له الحاكم العام في افريقيا الغربية الفرنسية كاريد في فترة العشرينات من القرن الماضي،و الذي ترجمه من الفرنسية إلى العربية الدكتور محمدن ولد حمينا أنه هو الكتاب الوحيد المترجم في العالم عن تاريخ التوغل في موريتانيا والصحراء جنوب المغرب .
وفي التقديم يبرز الناشر أهمية الكتاب في كونه يتميز بمميزات هامة وهي :
• استيعابه لمختلف المراحل والأحداث التي شهدتها البلاد الموريتانية والصحراء خلال تاريخها القديم والحديث.
• شموليته من الناحية الجغرافية حيث غطى البحث معظم الأراضي التي كان يشغلها السكان الموريتانيون
• اشتماله على احصاءات دقيقة لأعداد وعدة الأطراف المتحاربة خلال الفترة الاستعمارية .
• ذكره العديد من أسماء المجموعات القبلية والشخصيات القيادية وأماكن الوقائع بتفصيل.
• عرضه للسياسة الاستعمارية والخطط العسكرية الفرنسية تجاه الصحراء بطريقة أكثر موضوعية.
• إيراده لتاريخ المناطق المجاورة لموريتانيا في شمال افريقيا والمغرب العربي.
وتبرز أهمية الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى سنة 2007 عن دار الضياء للطباعة والنشر في كونه يسد ثغرة هامة، ويوفر حلقة كانت مفقودة من تاريخ موريتانيا خاصة وبلدان المغرب العربي وشمال افريقيا بصورة عامة. كما أنه يوفر للباحثين والدارسين مادة علمية غزيرة للتعرف على تاريخ المنطقة من خلفية معينة .
وقد تميز الكتاب باستخدام الأسلوب الفني والعبارات المتخصصة في المجال العسكري، مما يجعل القارئ لا يشعر أنه كتب بلغة غير عربية أصلا كما أن الترجمة كانت أمينة فحافظت على المحتوى العلمي للكتاب بدون تدخل أو تغيير.
كما يتضمن الكتاب الذي كتب سنة 1926 جردا بالوقائع وأحداث المعارك المختلفة بين الفرنسيين والقبائل الصحراوية في موريتانيا وجنوب المغرب ، كما يبرز الصراع المرير بين الاستعمار والسكان والخلفيات الايديولوجية التي تحكمت فيه بأشكال متنوعة .
وينقسم الكتاب المتضمن ل 415 صفحة إلى أقسام أربعة موزعة على محاور مختلفة وهي :
القسم الأول:التوغل في موريتانيا
المرحلة الأولى:من رحلة حانون إلى الاستقرار النهائي للفرنسيين في السنغال 1817
1. ماقبل هذا العصر-القرطاجيون-المرسليون والفرس
2. عشرون قرنا بعد ذلك ،الجنويون-العرب –الاسبان الفرنسيون البرتغاليون
3. عصر المنافسات التجارية –هولندا فرنسا وانكلترا
4. المرافئ والتجارة .
المرحلة الثانية:من تاريخ الاستقرار النهائي للفرنسيين في السنغال إلى بداية التدخل في أرض البيضان1817-1902
1. استعادة الاستقرار النهائي للفرنسيين بالسنغال وبداية النزاعات مع البيضان 1817-1854.
2. في دروب البيضان .
3. الفوضى والحرب الأهلية لدى البيضان والسلم مع الفرنسيين 1868-1902
4. الاكتشافات وجرد الموارد في بلاد البيضان
المرحلة الثالثة+التوغل بالمعنى الحقيقي 1902-1910
• كبولاني والتوغل السلمي
• احتلال الترارزة 1903
• احتلال البراكنة 1904
• المسير نحو تكانت 1905
• الاستقرار وهجوم البيضان 1906-1908
• الترارزة ،البراكنة ، تكانت،أدرار
• الهجوم على جمالة تكانت
• غورو وغزو أدرار والسلم 1909
• خضوع آخر المنشقين ومحاولات تطويع البدو الرحل
• الهدوء في سنة 1914 الى سنة 1923
• معركة اشريريك
• الهجوم على موقع انواديبو
• معركة بوكرن
• معركة الطريفية
• رحلة استكشاف تيندوف
• ملحق التوغل العربي في موريتانيا
• الامبراطورية البربرية والمرابطون
• اجتياح العرب الهلاليين لتكون المجتمع الحالي.
• الحالة الداخلية 1925.
• وادي الذهب والجنوب المغربي هما مفتاح المشكل
• ضرورة دعم الوسائل الدفاعية
• القيادة الصحراوية الموحدة
• خلاصات
ويخلص الكاتب في النهاية أنه يجب أن لا ننسى حقيقة أن المشكل الصحراوي الأساسي ،أي مشكل السلم في الجزء الغربي من الصحراء هو مشكل مغربي قبل كل شيء ،ولا يمكن أن يجد حلا في البداية إلا بواسطة نشاط محلي حذر ومتزايد ويتطلب استخدام كثير من الوسائل .
وأنه عندما يتجاوز الاحتلال الفرنسي الاطلس ،وتحتل الفرق المنفلتة في منطقة وادي درعة ويتم تنسق الجهود مع وحدات الجمالة في موريتانيا والجزائر، عندما تحل قضية وادي الذهب فإن السلم النهائي للصحراء يصبح تحصيل حاصل .