ذات يوم من عام ألفين وأربعة، اتصل بي منظمو مهرجان السينما الفرنكوفونية بمدينة آسفي لأكون ضمن أعضاء لجنة تحكيم الدورة… كنت سعيدا بالاقتراح، بل كنت أسعد حين أخبروني بأن رئيس اللجنة لن يكون سوى الإعلامي المتميز العزيز علي حسن…
هكذا كانت المناسبة سانحة لتحقيق حلم طالما راودني، التقرب من هذه الكفاءة النادرة ومجالستها بالصوت والصورة…
كان الأعضاء يناقشون أفلام المسابقة، وكان الرئيس المحترم يختتم المناقشة بدرس في التحليل الفيلمي، وكان الإصغاء عميقا، وكانت الإفادة والاستفادة… رجل خبير ينتمي بعقله وفكره وجوارحه إلى عوالم الفن السابع بكل تشكيلاته وتصنيفاته وتجلياته ومقوماته ومرجعياته وتعدد أساليبه…
اكتشفنا أيضا ثقافة الرجل وطيبوبته وتواضعه النبيل وأخلاقه الحميدة وروح النكتة بين الفينة والأخرى…
كان يستمع إلينا كما يستمع الأستاذ النبيه إلى تلاميذه بكل احترام وانتباه وتواضع… وكان، والشهادة للتاريخ، يزرع فينا حب السينما ومعرفة النقد السينمائي بعمق تحليلاته… لم يتطلب منه الوقت سوى دقائق معدودة لصياغة تقرير اللجنة بلغة فرنسية فيها ما فيها من إتقان وجمالية الأسلوب… قرأها علينا قبل أن يصفق عليها الحضور بحرارة مساء حفل الاختتام والإعلان عن الجوائز…
منذ ذلك الحين، توطدت العلاقة بيننا، جالسْته خاصة بمدينة مراكش خلال مهرجانها الدولي للفيلم حين كان يعد ويقدم برنامجا في كل ليلة حول فعالياته، يسلط من خلاله الأضواء على عالم السينما وقضاياها مع ضيوف من العيار الثقيل.
عرفته يعشق العسل الحر ويحب تفاح ميدلت، وعرفته مزدوج اللغة بإتقان وعمق وشاعرية الأسلوب، وكانت دبلجة بعض الأعمال من العربية إلى الفرنسية خير دليل.
حدثني عن علاقة الصداقة التي كانت تربطه بالفنان جاك بريل حين كان يزور المدينة الحمراء… وأدركت عشقه للآداب والفلسفة وعلم الاجتماع… ثم، إن صديقنا لم يكن يتردد في الإعلان عن مواقفه وآرائه تجاه قضايا تهم السينما أو التلفزيون من أجل تصحيح بعض الشوائب والأخطاء والهفوات أو سوء التدبير هنا أو هناك، دون أن يخشى ردود الفعل من هذا أو ذاك…!
صادقا كان… وصادقا صدوقا رحل… وسيظل اسمه موشوما في التاريخ والذاكرة…
المتميز علي حسن : هو في السينما أستاذ..

الكاتب : حسن نرايس
بتاريخ : 28/08/2025