المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يفتح ملف المستعجلات الطبية في المغرب

29 طبيبا مختصا فقط في المجال وأعطاب كثيرة تحدّ من فعاليتها من النقل وصولا للمؤسسات الصحية

 

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أول أمس الأربعاء، إلى إحداث منظومة للمستعجلات الطبية في كل جهات المملكة مع مراعاة ملاءمتها للخصوصيات السكانية والجغرافية لمختلف المجالات الترابية، وذلك بإشراك جميع الأطراف المعنية من مرحلة الإعداد إلى غاية التنفيذ، وفق منطق للحكامة اللامركزية. وأوصى المجلس في لقاء نظمه بالرباط من أجل تقديم توصياته حول المستعجلات الطبية بإشراك القطاع الخاص في توفير عرض العلاجات المستعجلة وحثه على الاستثمار في البنيات الأساسية والنقل الصحي، مؤكدا على أهمية تعزيز وتوسيع نطاق عمل المصالح الجهوية لخدمة المساعدة الطبية المستعجلة المعروفة بـ « SAMU « والعمل على تزويد خدمة المساعدة الطبية المستعجلة بما يلزم من معدات لوجستيكية وموارد بشرية ومالية، وتوسيع نطاق عملها لتشمل الإسعاف في الطريق العام، بتنسيق وثيق مع مصالح الوقاية المدنية، وتخويلها إمكانية نقل المرضى إلى المؤسسات الطبية الخاصة.
المجلس الذي عالج موضوعا بالغ الحساسية والأهمية بالنظر للدور المحوري للمستعجلات في الحفاظ على الصحة العامة، والذي لا يقتصر على لحظة الوصول إليها بل انطلاقا من لحظة وقوع الحادث، أوصى أيضا بفهم احتياجات ساكنة كل جهة على نحو أفضل، من خلال وضع نظم معلومات رقمية ومترابطة لليقظة الصحية والوبائية على المستوى الجهوي، داعيا إلى تعزيز الحس بالمسؤولية لدى المواطنات والمواطنين بتوفير المعلومة، وتعزيز السلوك المواطن، والتكوين في الإسعافات الأولية والتوعية بخصوصيات العمل الذي تقوم به وحدات المستعجلات الطبية. وأكد المجلس في نفس الوقت على أهمية إدماج ممارسي الطب العام الخواص وأطباء المراكز الصحية في تنظيم خدمات العلاجات الاستعجالية وضرورة تعزيز قدرات الوقاية المدنية وتحسين التعاون بينها وبين خدمة المساعدة الطبية المستعجلة والجماعات الترابية، إلى جانب العمل على تطوير سلاسل متخصصة للمستعجلات الطبية في جميع جهات المملكة، تسمح بتسريع وتيرة التكفل بخدمات الرعاية الصحية الاستعجالية على نحو ناجع، وذلك لفائدة المرضى الذين يوجدون في حالة صحية حرجة، فضلا عن العديد من التوصيات الأخرى التي تعبر عن رأي المجلس في الموضوع.
وأكد أحمد رضا الشامي، ارتباطا بالموضوع، أن التكفل بالمستعجلات الطبية لا يتوافق وحجم الحاجيات المتزايدة والمعايير المعمول بها على الصعيد الدولي، مبرزا في كلمة ألقاها في اللقاء الذي جرى تنظيمه، أول أمس الأربعاء، أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد وقف على العديد من أوجه القصور والأعطاب التي تعرفها المستعجلات، كما هو الحال بالنسبة لضعف التنسيق بين مصالح الوقاية المدنية والمراكز الاستشفائية الجامعية والجماعات والمصحات الخاصة الترابية والبنيات الاستشفائية غير الربحية، إضافة إلى ضعف التنظيم الطبي من قبل خدمات المساعدة الطبية المستعجلة « SAMU «، التي لوحظ أنها تبقى غير معروفة بالقدر الكافي، وغير منفتحة على القطاع الاستشفائي الخاص، وغير متاحة في ثلاث جهات، فضلا عن كونها تعاني من محدودية الموارد البشرية والوسائل اللوجستيكية المرصودة لها.
وأبرز رئيس المجلس في كلمته أن الخصاص في الموارد البشرية يعمق جراح قطاع المستعجلات الذي لا يتوفر إلا على 29 طبيبا مختصا في المجال، مشيرا إلى جملة من الأعطاب الأخرى، كما هو الشأن بالنسبة لعملية نقل المرضى وضحايا الحوادث، وافتقار عدد كبير من سيارات الإسعاف للتجهيزات الضرورية وعلى رأسها الأوكسجين وجهاز الإنعاش القلبي، الذي يعتبر جهازا قادرا على إنقاذ أرواح الأشخاص متى توفر في اللحظات الأولى من التعرض للسكتة القلبية، وهي النقطة التي سبق أن خصّصت لها جريدة «الاتحاد الاشتراكي» ملفا متكاملا إلى جانب ملفات عن النقل الصحي والمنظومة الصحية بشكل عام. ونبّه الشامي كذلك إلى ضعف تكوين المرافقين في أغلب سيارات الإسعاف، إضافة إلى وضعية الاكتظاظ في مصالح المستعجلات وغياب الخدمات الاستعجالية في بعض البنيات الاستشفائية، مؤكدا أن سلسلة المستعجلات الطبية هي جزء لا يتجزأ من منظومة الخدمات الصحية التي يتعين على السلطات العمومية أن توفرها للمرتفقين، تجسيدا لفعلية الحق الدستوري في الحياة وحفظها، والحق في الولوج إلى العلاج والعناية الصحية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 23/06/2023