أوساخ ، فوضى تدبيرية قرار جبائي ملتبس أصحاب محلات يعامل معهم كأنهم « فراشة »…
شامة بنت امسيك ربما تأثرت بالنظرية المعمارية لليوطي، وبما أن عائلتها كانت من أعيان العاصمة الاقتصادية في فترة من فترات تاريخ المغرب، فقد أهدت المدينة هكتارات شاسعة بغية تشييد مقبرة للمسلمين وبالقرب منها إنشاء حديقة ومنتزه ينفس عن الساكنة، بالفعل أحدثت المقبرة وهي المعروفة لدى أبناء الدارالبيضاء باسم الروضة المنسية، المجاورة لطريق أولاد زيان، لكن المسؤولين كانت لهم نظرية أخرى بخصوص الهكتارات التي ستشيد فيها الحديقة حيث ستبني فوقها محطة أولاد زيان بالإضافة إلى مشروع سكني أودى بمن أودى إلى السجن بعد اختلالات عرفها المشروع وأغنى من أغنى، ولمكر الصدف ارتأى المسؤولون إحداث محطة طرقية لن تكون إلا ملوثة للبيئة، عكس ما سعت إليه من وهبت الأرض لمشروع صديق للبيئة، مفارقة غريبة خاصة أن المقررين يعلمون أكثر من غيرهم أن العقارات التي تدخل في نطاق الهبة يجب أن تحترم بنود ما وثق في الهبة، وإلا من حق الواهب استرجاع ملكه الذي وهبه لغرض ذي نفع عمومي، وبناء على هذا فإن مشروع المحطة الطرقية تعد مداخيله المالية على الجماعة الحضرية للدارالبيضاء باطلة لأن العقار لا تمتلكه، وبالتالي لا يحق لها إصدار أي قرار جبائي بشأنه…
القرار الجبائي الذي يهم استخلاص أموال لفائدة الجماعة من هذا المرفق سيظل مثار إزعاج للمدبرين، ومصدر خصومات بينهم وبين أصحاب المحلات التجارية داخل المحطة، فهؤلاء توقفوا عن الأداء منذ مدة لأن لا سند قانوني يحميهم ولا يتوفرون على أي قرار جبائي يكون حكما بينهم وبين الجماعة، ورغم مطالبتهم به لا يجدون من جواب سوى التماطل، لكن هذا القرار “المعضلة ” في كل مرة يظهر ويختفي في لقاءات غير علنية وبصورة مشوهة يكتنفها اللبس والغموض، ففي القرار الجبائي المعمم اليوم، الخاص بالمرافق والمحلات التي تندرج ضمن المرتفقين لدى الجماعة، نجد صفحة هذا القرار الخاص بالمحطة محتشمة بدون التاريخ الخاص بالتأشير عليه، وهو بند مهم في مثل هذه الوثائق الرسمية ، وصفحة التأشير مرقمة باليد وليس بآلة الحاسوب، وهي الصفحة 96 والرقم ستة دون باليد، أما بالعودة للصفحة 94 التي تضم أثمنة الأكرية بالنسبة للمحلات المتواجدة داخل المحطة، فتلك معضلة أخرى بحيث وضعت نوع النشاط التجاري والسومة الخاصة به إن كان في الطابق العلوي وإن كان في الطابق الأرضي أو التحت أرضي، هكذا بشكل معمم ودون تحديد أرقام تلك المحلات المزاولة لتلك الأنشطة التجارية، اليوم يبلغ عدد هذه المحلات 72 محلا، وهو ما لم يكن في التصميم الأول للمحطة، الذي كلن يضم قاعة للتمريض لكن هذه القاعة اختفت وحلت محلها صيدلية، ومكتب للإرشادات تحول بدوره إلى محل لبيع الدخان، في الوهلة الأولى لما بعد تشييد المحطة كانت شركة خاصة هي من تسيرها بتفويض من الجماعة مقابل مبلغ مالي يتراوح مابين 250 مليون سنتيم و 300 مليون سنتيم، أصحاب الشركة قرروا التنحي بعد أن ظهر بأن التجار فطنوا أنهم يؤدون ثمن الأكرية بدون قرار جبائي ، حيث توقفوا عن الأداء فقامت الشركة برفع دعوى قضائية ضدهم وغادرت بعد أن تمكنت من استخلاص ما أمكنها استخلاصه، ظلت الجماعة وجها لوجه أمام هؤلاء فلم تجد من بد سوى تكليف شركة التنمية المحلية ” كازا طرانسبور” بتدبير هذا المرفق المزعج، لكن أشهرا بعد ذلك ولعلمها أن الأمر مستعص يسبب هذا القرار الجبائي غادرت، لتعود الجماعة من جديد فأضحت في كل مرة تعين مسؤولا للتسيير تعول على ” كاريزمته ” أو على قوة مجابهته كي يحصل ما يمكن أن يحصله بدون سند يدعمه، وهو أمر مخجل في الحقيقة لأكبر جماعة في المغرب التي تعول على ” تخراج العينين ” لتحصل مداخيلها المالية بدل المساطر القانونية المعمول بها في هذا الباب، وهو ما يعيدنا إلى موضوع الحكامة الذي المح إليه جلالة الملك أمام البرلمان في سنة 2013، حينما أفرد جزءا من خطابه لمدينة الدارالبيضاء حيث وقف عند سوء الحكامة التي تتخبط فيها هذه المدينة، ومباشرة بعد هذا الخطاب أمر بوضع برنامج تنموي شامل للمدينة خصصت له الدولة ما يقارب 4000 مليار سنتيم، حيث تغيرت كل معالم البنية التحتية للدارالبيضاء إلى ما هو أجود ، بعد مرور 10 سنوات على هذا الخطاب، لم يتمكن القائمون على الشأن المحلي البيضاوي من معالجة مشكل هذه المحطة التي تعد أكبر محطة تستقبل المسافرين في المغرب، بعض أعضاء مجلس المدينة أكدوا لنا بأن الجماعة تستخلص الإتاوات من حافلات نقل المسافرين اعتمادا على البند المتعلق باستغلال الملك العمومي، أي وكأنها توفر لهم مرآبا يؤدون واجبه وهو أمر غير مقبول البتة، لأنها لا تتوفر على القرار الجبائي ..
في كل مرة يتوصل التجار المستغلون للمحلات بالمحطة بإشعارات للأداء لكن هؤلاء يطالبونهم بالقرار الجبائي، ويحكي بعض التجار بأن أحدهم ذهب عند مسؤول هناك وأبدى رغبته في الأداء فكان رد المسؤول بأنه سيستخلص منه واجب الكراء لكن بدون أن يمده بوصل الأداء بشكل آني ؟؟ ما يدل على أن الجماعة توجد أمام معضلة كبيرة، فهي لم تنجح في تسوية الأمور القانونية للمحطة وبالتالي هي لا تحصل أية مداخيل مالية منها، هي الغارقة في ديون كبيرة، تحصلت عليها من مؤسسات مالية دولية … إلى ذلك تعيش المحطة حالة من العفن والأوساخ لم يسبق لها مثيل، حتى أن بعض العاملين هناك اشتكوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من انتشار الأزبال ورائحة البول والنتانة، وهو أمر يدعو إلى التساؤل، فهل استقال مجلس المدينة من أداء وظيفته، وهو يعلم أن هذه المحطة ملوثة أصلا فكيف يترك تلوثات أخرى تنضاف إليها، وهل هو يتعمد تركها على تلك الحال، بما أن البرامج القادمة تذهب إلى تشييد محطتين جديدتين الأولى في المدخل الجنوبي للدارالبيضاء والثانية في المدخل الشمالي لها، وهما محطتان ستظهر معالمهما في سنة 2028، إلى ذلك التاريخ ما الذي خططته الجماعة لمحطة اولاد زيان وكيف ستتعامل مع المرتفقين لديها هناك ؟ وهل ستظل رافعة يديها أمام الحالة الوسخة التي بلغتها؟ وهل ستحمي ظهر من وضعتهم لتسييرها بالمستلزمات القانونية أم ستتركهم لـ ” شطارتهم ” في مواجهة المرتفقين ؟؟