في خطوة قضائية لافتة تعيد الاعتبار لحق المغاربة في تعليم عال مجاني وميسر، أصدرت المحكمة الإدارية بوجدة يوم الأربعاء 3 دجنبر 2025 حكما قطعيا يقضي بإيقاف تنفيذ القرار الإداري الصادر عن مجلس جامعة محمد الأول بوجدة بتاريخ فاتح أكتوبر 2025، والقاضي بفرض رسوم مالية عند التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه على الطلبة الموظفين والأجراء والمستخدمين، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بقوة القانون إلى غاية البت في دعوى الطعن بالإلغاء المعروضة أمامها. وبموجب هذا الحكم، ستتمكن هذه الفئة من مواصلة دراستها العليا بشكل طبيعي ودون عراقيل مالية، في انتصار واضح لمبدأ الشرعية وللقيم الدستورية التي تحمي الحق في التعليم.
ويحمل الحكم القضائي دلالة واضحة على أن الإدارة، مهما كانت تقديراتها أو دوافعها، لا يمكنها تجاوز حدود المشروعية أو فرض أعباء مالية فاقدة للسند القانوني، خصوصا عندما يتعلق الأمر بحق دستوري أصيل مثل التعليم.
وتستند المحكمة في روح حكمها إلى الدستور ومنه الفصل 31 الذي يلزم الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بتعبئة كل الوسائل لتوفير تعليم عصري، ميسر الولوج وذي جودة، باعتباره من الحقوق الأساسية التي تكفل تكافؤ الفرص وتضمن الإنصاف الاجتماعي.
ويأتي هذا القرار في سياق وطني مشحون بالنقاش حول محاولات فرض رسوم على طلبة الدكتوراه الموظفين بعدد من الجامعات، وهو ما فجر احتجاجات وبيانات استنكارية، كان أبرزها ما صدر عن طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان الذين واجهوا بدورهم رفضا للتسجيل وفرض رسوم وصفوها بغير القانونية. وقد أكد بيان هذه الفئة، أن القرار يمس صلب التوجيهات الملكية ومقتضيات القانون الإطار 51.18، ويناقض مبادئ الدستور، خاصة الفصلين 31 و33 الضامنين للحق في التعليم والمساواة وتكافؤ الفرص.
ونبه البيان إلى أن فرض الرسوم جاء بأثر رجعي على طلبة سبق قبول ملفاتهم عبر المنصة، وإلى التخبط الإداري الذي ظهر في تدبير عملية التسجيل قبل اتخاذ القرار، مما يعكس ارتجالية واضحة ومساسا بالحق في متابعة الدراسات العليا.
وبينما حيى طلبة كلية الآداب بمرتيل النضال القانوني الصلب لأحرار وحرائر جامعة محمد الأول بوجدة، اعتبروا أن الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية، والقاضي بإيقاف تنفيذ قرار فرض الرسوم مع النفاذ المعجل، يشكل دليلا قاطعا على انعدام المشروعية القانونية لهذه الإجراءات، ويزكي موقفهم الرافض لها على المستوى الوطني، معلنين رفضهم الصريح لهذه الرسوم شكلا ومضمونا، وتشبثهم بالتسجيل المجاني، ومطالبتهم رئاسة الجامعة بالتراجع الفوري عن القرارات التي تهدد مئات الأطر الجامعية وتعطل مساراتهم البحثية، مع تأكيد استعدادهم لخوض كل الخطوات القانونية والنضالية اللازمة من أجل حماية حقهم الدستوري في التعليم.
وبهذا الحكم، يكون القضاء الإداري قد جدد رسالته الواضحة بأن التعليم ليس امتيازًا يمنح، ولا مسارا تجاريا يخضع للجبايات، بقدر ما هو حق مكفول لكل المواطنين، وأي قرار يمس جوهره سيجد أمامه مؤسسة قضائية يقظة، قادرة على إعادة الأمور إلى نصابها وترسيخ دولة الحق والقانون.
المحكمة الإدارية بوجدة توقف فرض رسوم التسجيل على طلبة الدكتوراه الموظفين
الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 05/12/2025

