لقلع: كل نص على أهبة أغنية!
ينظم أصدقاء الزجال عبد الرحيم لقلع، احتفاء به وبمسيرة الإبداعية، يومه السبت 11 يناير 2025 بفضاء 5 أكتوبر في الساعة الرابعة بعد الزوال، لقاء ثقافيا سيتم خلاله إهداؤه الأعمال الكاملة لمؤلفاته الزجلية كعربون محبة ووفاء.
اللقاء يتضمن أيضا تقديم شهادات في حق المحتفى به من طرف النقاد والأصدقاء كما ستقدم قراءات زجلية ووصلات غنائية، وهدايا رمزية للمحتفى به.
الأعمال الكاملة للزجال عبد الرحيم لقلع، والتي تضم بين دفتيها أعمال المحتفى به الإبداعية، قدم لها الشاعر والإعلامي عبد الحميد جماهري، ننشره ضمن هذه الورقة ما جاء فيها.
أكاد أجزم أنه ليس في الحياة خيال لغوي فصيح، وأن كل متخيلاتنا تتم بالدارجة، بالعامية. وفي التحديد الشعري، يرتقي الزجل بهذا الخيال (الزاجل؟)، إلى لغة تستوفي شروط النص وتنزيله… ويزداد هذا الشعور تبيّنا، تِبْيانا مع الدواوين التي راكمها، من حسن حظنا، الشاعر الزجال عبد الرحيم لقلع.
الشاعر الجوال الإنساني العميق، في الحياة كما في اللغة، ينبت كما تنبت زهرة، بين شقوق المجاز، باعتباره جزءا من نسيج إنساني ولغوي رسخ القصيدة الزجلية… في كوكبة عظماء الزجل، محمد موتنا ، إدريس بلعطار، إدريس أمغار المسناوي، إدريس الزاوي، عزيز غالي، عبد اللطيف البطل، بوعزة الصنعاوي ، عزيز بن سعد، محمد مومر، أحمد لمسيح، مراد القادري .. وكثير من الأصدقاء القدريين!
الشاعر عبد الرحيم لقلع يستحق هذا الاحتضان، في مجاميعه الشعرية وهي تقطن في بيت واحد، بين دفتي الأعمال الكاملة، عربون حب أولا، وعربون تقدير ثانيا وعربون .. اعتزاز دوما وأبدا. وهو تكريم هاته الروح المجنحة التي تسكنه، تلك التي تجعل منه شاعرا، أينما يذهب ، يحمل صرة لغته ويفترشها ، مثل تروبادور ليفضح قلبه ويفصح عن سريرته البيضاء.
سواء باح باللغة أو باح بالصمت، فهناك دوما شيء ما في إرثه التراثي اللغوي:
كل نص عنده على أهبة أغنية شعبية!
راكم الشاعر عبد الرحيم لقلع خمسة دواوين شعرية تغطي عمرا من مكابدته في الكلام، لكنه، قبلها وبعدها وفيها، دس حيوات كثيرة عاشها دفعة واحدة بدون تقسيط. عاشها وسط الناس، وسط الأسرة، وسط الأصدقاء بنفس الميزان الشعري الإنساني.
«سلطان لحروف» كان يهب من جيبه اللغوي ما يصلح لكي يجعل الحياة جميلة ولذيذة وغير متعبة على الأحبة.. وإِنْ تعب هو.
يتبين لمن عاشره، واستملح إنسانيته الوارفة أنه من القلة القليلة التي استطاعت أن تقتسم بالقسطاس الحياة بين الأم والقصيدة، في انسجام مدهش ورضىً متبادلٍ تكون الأم فيه حاملة اللغة الشاعرة، وتكون القصيدة هي نفسها تحمل الأم ذاتها..
في هذه القرابة الثابتة بين الأم والقصيدة، يقع الكوكب الأرضي، كتابة ومجازا وواقعا، وبينهما تمتد المجرات الإبداعية، كما ترتع في مراعيها السماوية الأصوات ( البُحَّات بالأحرى) الربانية في الملحون والعيوط.
ولعله حين يستثير نفسه مرات عديدة في جلسات أصدقائه وبين عموم الجمهور في الأماكن الموضوعية، ينهض بنصه الزجلي ليقرأ أمام دهشة الحاضرين وإعجابهم… كل دواخله!
هو ذا مشرع للعيطة والغبطة
هو ذا مشرع للتراث.. والثراء
هو ذا مشرع لعفويته كما لو أنه يعلن في الناس ديانة «لموازن» ولكلام المرصع !
إنه يستدعي كل الأمكنة وكل القارات إلى ظلال «فضالة» ودروبها، هنا يمتحن قدرة الأمكنة كلها على أن تشبه المكان الذي أحبه هنا ، وفيها يجرب دفَقَه الإنساني قبل تدفقه اللغوي، وعلى ضوئها يختبر أبراجها وعناصرها ومادتها، الحزينة تارة والفرِحة أحيانا أخرى ويستنطقها من أجلنا، لكي تقول ما فيها من أبعاد روحية وتراثية وشعبية ..
هذا التقديم ملامسة لقراءة تسعى، بغير قليل من المجازفة، إلى استجماع حياة فردية، متميزة في فقرات من اللغة، حيث يسمو فيها الانطباع على المؤشرات النصية…كما يلاحظ القارئ، ولكن تحضر فيها الحياة بكل قوتها، كما هي في بلاغة صاحب الأعمال الكاملة..
وتحضر أيضا بكل غيابها عندما يسير باللغة إلى أقاليم الفقدان والموت، حيث المرثيات تجعلنا كلنا نواحين متحلقين حول … الغياب !
كما يتبين من خلال إهداءاته في «السلطانة الهلالية»، الذي أهداه إلى روح والده موسى لقلع لهلالي وروح والدته طامو يحيا لهلالية وروح المناضل الفذ محمد أشركي الذي نجتمع فيه كلنا!
هي ذي أعمار الشاعر الزجال تتوالى:
رفود الميسان
السلطانة الهلالية
الراس بحر
سلطان لحروف …
عبورة ف خواطر محفورة
إنها أعمال كاملة، ينقصها الديوان القادم !