المدرسة المغربية المأمولة

إن النموذج التنموي الجديد يطمح إلى إحداث نهضة حقيقية للمنظومة التربوية عبر مدرسة مغربية ديمقراطية مواطنة تمكن التلاميذ والتلميذات من اكتساب المهارات لضمان اندماجهم اجتماعيا ودعم نجاحهم المهني، وأن تكون المدرسة بوتقة لتكوين شباب منفتح يصنع مستقبل بلاده، لكن المدرسة المغربية، حسب ما جاء في تقرير النموذج التنموي الجديد، لم تعد تلعب دورها الحقيقي في الارتقاء الاجتماعي وتشجيع تكافؤ الفرص.
إن المدرسة تمثل مجتمعا مصغرا يمر منه الأطفال خلال مراحل نموهم ونضجهم، وقد أصاب المفكر التربوي جون ديوي عندما عرف المدرسة بأنها الحياة والنمو والموجه الاجتماعي، ورأى بأن عملية التربية والتعليم ليست إعداد المستقبل بل إنها عملية الحياة نفسها.
فالمدرسة التي نأملها، وكما جاء في مضمون التقرير الخاص بالنموذج التنموي الجديد، هي تلك التي يقودها فريق تربوي مؤهل ومتمرس ومنسجم؛ يمارس دوره بفعالية بما يحقق الأهداف التعليمية وفي ظل شراكة حقيقية مع المحيط السوسيو اقتصادي، ونأمل في مدرسة مغربية تعتمد في بيئة التعلم على عدة ديداكتيكية جاذبة وتقنيات إلكترونية وتطبيقات رقمية في جميع العمليات المدرسية وتتبنى مقاربة تشاركية في عملية التعلم مع المدرسين والإداريين وجمعية أولياء الأمور والتلاميذ نحو تحقيق أهداف مشتركة.
كما نأمل من المدرسة المغربية أن تتبنى مبدأ الفاعلية التربوية لكل التلاميذ، من خلال قيادة تربوية مؤهلة ومتمرسة ومنفتحة على المستجدات التعليمية، كما نأمل كذلك في مدرسة مواطنة تمارس صلاحياتها ومسؤولياتها التربوية والإدارية والمالية في استقلالية تامة عن الدوائر المركزية والبيروقراطية المفرطة.
ولكي تحقق المدرسة المغربية رؤيتها لابد لها من أدوات وهي: التلميذ النشيط القادر على إبداء رأي حاضر فعليا في مجالس الأقسام، ثم مدرس اجتماعي يشارك تلامذته في التعلم ومتمرس في أساليب التعلم الفعال، صاحب رؤية ثاقبة مستقبلية ومكون للعلاقات الإنسانية؛ والمنهج المرن الذي يتكامل مع المجالات الدراسية وتطبيقه ضمن بيئة تفاعلية .
لقد صار لزاما على المدرسة المغربية أن تشبع حاجات التلاميذ وتعطيهم الفرصة لإدراك الواقع المعيش وتهيئة الفرصة لهم للتعبير الحر وإشراكهم في اجتماعات مجالس المؤسسة.
ولتشجيع المدرسة على أداء مهامها ورسالتها النبيلة، وفق ما جاء في تقرير النموذج التنموي الجديد؛ ينبغي على الجهات الوصية على قطاع التربية والتعليم العمل على تنزيل وتفعيل مضامين تقارير المجالس التعليمية التي تتضمن حاجيات المواد الدراسية والعراقيل التي تواجهها عملية تدريس هذه المواد، فرجال ونساء التعليم هم أدرى بما تعرفه المنظومة التربوية وكما يقول المثل: أهل مكة أدرى بشعابها، لكن ومع الأسف الشديد، الجهات المسؤولة عن تدبير قطاع التربية والتعليم لا تولي اهتمامها بشكل كبير لأهل مكة، وهم الأساتذة. فهي تتخذ في كثير من الأحيان قرارات انفرادية دون استشارهم. فلماذا؟ ومتى سيتم تنزيل توصيات تقارير  المجالس التعليمية ؟

باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري

  

بتاريخ : 08/07/2021