المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف ورهان التربية على القيم بالمخيمات

 

منذ البدايات الأولى لتنزيل أو مشروع عمل للمرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، ظل سؤال التربية على القيم مركزيا وفي الواجهة، فمواجهة خطاب التطرف وكل الأشكال المجتمعية والفكرية والتمثلاتية للكراهية لا يمكن أن تكون مجالا لأنشطة مناسباتية ولا ذات طابع ظرفي تمليه المناسبة والحدث، ولا يمكن أن تكون المواجهة مع خطاب التطرف مواجهة فكرية فحسب، لأن الكراهية قد لا تنشأ في العقول، بل تزرع في الوجدان فتعمى البصيرة ويشكل العقل، فظل سؤال مواجهة تيار التطرف الخفي والمعلن معقدا شيئا ما مدنيا، لأنه أكبر بكثير من سؤال الثقافة والتنشيط والترفيه.
ومع الزمن نضجت أجوبة متعلقة بالسؤال المصعب: كيف للمرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف أن يلعب دورا قويا مؤثرا في الحماية النفسية والاجتماعية والفكرية من الإرهاب ومن « التطرف الممنهج»، سؤال كان المرصد يسعى لصياغة أجوبة له وهو يعي أن المغرب ليس بمنأى عن سعار التطرف، وإن تبث عمليا وميدانيا أنه محصن أمنيا وهذا لا ريب فيه، لكن المعركة ضد التطرف لابد أن تعلن في مكان آخر، ووسائل متطورة وجديدة…
وخلصت آليات التفكير الداخلي، وتجسير الحوار إلى أن التطرف ينشأ لا عن هشاشة وإنْ كانت مشتلا للتجنيد بل عن غياب تربية تأطيرية للعقل الإنساني منذ نعومة أظافره، فمواجهة التطرف ليست:
– معركة ضد الهشاشة: وإن كانت الهشاشة عامل تقوية الميول التطرفية وفضاء الاستغلال المادي وتوظيف الفقر في التجنيد..
– معركة مؤجلة إلى حين فئة عمرية: لأن المرشح للتطرف راشد واع…
– معركة فكرية فحسب: لأن الفكر حين يواجه الفكر المتطرف يكون متأخرا، لأنه ينسجم مع مقاربة المراجعات…
وكان على المرصد أن يدرك أن مواجهة التطرف وخطاب الكراهية، تتم مبكرا… والرهان تربوي- سيكولوجي…ثم اقتصادي اجتماعي، لهذا اختار المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف رهان مواجهة التطرف وخطاب الكراهية بالتربية على القيم، ولأنه ليس مؤسسة تعليمية، فكان عليه أن يحدد فضاءات اشتغاله:
– دور الشباب: تربية الطفولة على قيم التسامح والتعايش: باللعب والترفيه والفن والثقافة والرياضة والتفاعل القيمي: مع اعتماد الرصد عن قرب لكل تحول سلوكي وضبظ منهجية التدخل لمعالجة بوادر التحولات العميقة النفسية نحو التطرف والتي أولى تجلياتها الرفض والعزلة..
– المخيمات ومؤسسا ت الشباب والطفولة: شكلت المخيمات خاصة محطات تقييمية وترسيخية فارقة لبرنامج عمل المرصد، فأصبحت مركزية في الدينامية المدنية للمرصد، لأنها تسمح بالتربية على القيم وفق وضعيات مفتعلة أو حقيقية، وهذا تطلب من أن نكون المنشط والمسؤول تكويني موازيا: مقاربة التخييم بالقيم: الترفيه بالوضعيات: مسرحة الأزمات… التربية بالقدوة…. التربية بالنظير…
ابتعدنا عن كل مقاربة توجيهية سكولاتية، واعتمدنا التفاعل الجماعي الإيجابي لتعديل السلوك السلبي وتعزيز الانفتاح وسمو قيم المواطنة والتسامح والاختلاف.
وهذا الموسم اشتغلت جميع مخيمات المرصد على التربية على القيم وفق رؤية تنشيطية تزاوج المتعة والترفيه والدمج والقدرة على تمثل قيم التعايش والتسامح والاختلاف والمساواة والإنصاف.
هذا هو رهاننا الذي نشتغل عليه وفق مرجعية حقوقية وطنية وتربوية متناغمة وفلسفة الدولة في التربية، وما زلنا كل عام نحط الرحال في فضاءات متنوعة، لنعيش زمنا تخييميا ولا هاجس يسكننا سوى أن نكون صناع الأمل من أجل مغرب بلا كراهية.


الكاتب : محمد قمار

  

بتاريخ : 17/08/2024