نبه المركز المغربي للظرفية الاقتصادية إلى تفاقم إفلاس المقاولات بالمغرب و إلى كثرة الصعوبات والمشاكل التي تعترضها بسبب المناخ الاقتصادي غير الملائم.
وأوضح المركز في أخر نشرة له إلى أن المغرب يبرز من بين الدول التي تشهد أقوى معدلات إفلاس الشركات بسبب عوامل ناجمة عن سياق اقتصادي غير محصن ضد مخاطر بالاضافة إلى نقاط الضعف الهيكلية المرتبطة بسوء التسيير و ضعف تأهيل اليد العاملة و قلة التنوع في النسيج الصناعي .. بالاضافة إلى نقاط الضعف ذات الارتباط بالعوامل الظرفية التي ترهن قطاع الزراعة هذا الاخير يظل تحت رحمة التغيرات المناخية والتساقطات المطرية ..
واستند المركز في خلاصاته إلى تقرير التوقعات الاقتصادية الذي انجزته المؤسسة الدولية للتأمين الائتماني أويلر هيرميس والذي رسم صورة مظلمة عن وضع الشركات المغربية. حيث سجل إفلاس المقاولات حسب إحصائيات «أنفو ريسك» ذروته في عام 2017 بما لا يقل عن 8020 شركة أعلنت إفلاسها من أصل 320 ألف شركة.
وأفادت ذات الاحصائيات أن عدد حالات الإفلاس بين المقاولات المغربية شهد خلال الفترة مابين 2009 و2017 نموا سريعا بمتوسط معدل سنوي يقارب 32٪ بينما لم يسجل إنشاء المقاولات سوى معدل نمو بطيء لم يتعد 6 ٪ سنويا إلا بقليل. وسجل التقرير أنه ضمن هذا الكم الهائل من الشركات التي أعلنت إفلاسها، تم وضع 90 ٪ منها في التصفية القضائية في حين أن النسبة المتبقية 10 ٪ كانت عرضة للتسوية القضائية.
وجاءت على رأس الشركات الأكثر تضررا وعرضة للافلاس، تلك التي تمارس أنشطة التجارة وإصلاح السيارات (32 ٪)، وهي شركات تعد من حيث المبدأ أكثر اندماجا في الاقتصاد ولكنها تعاني من اعتمادها الكبير على أجال التسديد وتبعيتها الكبيرة للوضع الاقتصادي. وتليها الشركات العقارية (22 ٪).
ثم شركات البناء والأشغال العمومية (16 ٪) هذه المجموعات الثلاث تبدو هي الأقل مرونة لمسايرة النسيج إذ تمثل وحدها 72 ٪ من الشركات المفلسة.
واعتبر المركز أن هذه الظاهرة تشكل خاصية مميزة لدى الدول الناشئة التي راكمت مستويات عالية من فشل المقاولات. ومع ذلك، يبدو المغرب متميزا عنها على مستوى الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة.
وأوضح مركز الظرفية أنه إذا كانت عوامل الافلاس بالنسبة لغالبية الدول الناشئة نابعة، في الأساس، من انهيار أسعار مواردها الطاقية، فإن عوامل فشل المقاولات في المغرب تأتي من الميل النسبي للاعتماد على القطاع العقاري لتعزيز النمو الذي يؤدي إلى فشل المقاولات. هذه المقاولات تأثرت بشدة، بشكل أو بأخر، بسبب شح القطاع العقاري. هذا الأخير، وبعدما مر خلال العقد الماضي من تجربة النمو البهيج، في جميع أنحاء البلاد، بتشجيع من الدولة، من خلال برامج الإسكان الاجتماعي الكبرى، وإنشاء المدن الجديدة وإعادة إسكان قاطني مدن الصفيح والسكن غير اللائق، قد عاد إلى تسجيل التراجع الكبير في مشاريع الدولة.
كما ركزت نشرة الظرفية على مشاكل الشركات المغربية النابعة من العلاقات الوثيقة للمغرب مع شركائه الكبار وخاصة الدول الأوروبية، والتي مازالت تجد بنفسها صعوبات في إنعاش اقتصاداتها وهو ما ساهم في انتشار عدوى هذه الصعوبات والمشاكل بين المقاولات المغربية التابعة لهذه الأسواق.