أصدر الدكتور رشيد لزرق كتابه حول “المسألة الانتخابية بالمغرب:مساهمة في دراسة مقارنة للأنظمة الانتخابية “.
المؤلف عبارة عن عمل علمي وأكاديمي ،يتناول فيه الحق في الانتخاب الذي اعتبرته المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 21 منه، على أنه حق الناس في المشاركة في سياسة شؤون بلدهم مباشرة أو عبر ممثلين يتم اختيارهم بحرية، لأن الانتخاب يعبر عن الإرادة الشعبية. وفي الفقرة الثالثة ،نص الإعلان على الصفات أو الخصائص التي يجب أن يتمتع بها حق الانتخاب وهي “الدورية، النزاهة، العمومية، المساواة، السرية” .
كما أن الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية ألزم الدول باتخاذ الإجراءات الضرورية للتأكد من توفر الفرص لجميع المواطنين للتمتع بهذا الحق.
وهكذا فالحق في الانتخاب هو أبرز الحقوق المدنية والسياسية وإحدى الركائز الأساسية للديمقراطية الحديثة،ويرى فيه بعض الفقه الدستوري أحد الحقوق الطبيعية، ولا يمكن سحبه من الشعب على حد تعبير جان جاك روسو انطلاقاً من مبدأ السيادة الشعبية، بينما يرى فيه البعض الآخر نوعاً من الواجب الملزم قانوناً؛ كما حصل في العديد من الدول الديمقراطية التي اعتمدت التصويت الإلزامي ، وقد جمع فريق ثالث بين الرأيين، إذ رأى فيه نوعاً من الواجب والحق في نفس الوقت.
ويمتاز هذا العمل بجديته ورصانته وعمق مقاربته ،إذ تفوق الأستاذ والخبير الدستوري إلى حد بعيد في مقاربة مقارنة للأنظمة الانتخابية وفلسفتها وطبيعة وآثار كل نوع منها في تدعيم الديمقراطية باعتبار أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي طبقا للفصل 11 من الدستور .
ولم يكتف بالتنظير وإنما زاوج بينه وبين الدراسة العملية والتقييمية للمسألة الانتخابية بالمغرب من كل جوانبها السياسية والقانونية والقضائية ابتداء من التقطيع الانتخابي وتحديد اللوائح الانتخابية، ومرورا بنمط الاقتراع وإعلان نتائجه،وانتهاء بالطعن فيها ،وذلك بأسلوب سلس وشيق يجمع بين سوسيولوجيا القانون الانتخابي والسلوك الانتخابي وأثرهما على تحديد اختيارات الشعب مصدر السلطات، لأن الديمقراطية ليست غاية وإنما وسيلة لتحقيق هدف أسمى وهو خدمة الصالح العام.
وقد أكد المؤلف على أهمية ضمانات ممارسة الحقوق والحريات الخاصة بالمشاركة السياسية في تفعيل المباديء الديمقراطية والسيادة الشعبية ،كما كرستها اجتهادات القضاء الدستوري المغربي والمقارن من حماية حرية التصويت والحق في الترشح ،وترسيخ ضمانات التعددية والتنافسية ،وضمان المشاركة الفعلية في الحياة السياسية لفئات واسعة من المجتمع ،وفق مقاربة النوع الاجتماعي ومراعاة التمثلية النسائية في أفق المناصفة .